د عبدالله الفقيه
عن صحيفة اليقينتأخرت ثورات الحرية والديمقراطية والمساواة في العالم العربي لسنوات عديدة عن نظيراتها في العالم حتى ظن البعض ان العرب يشكلون أمة من الإماء والعبيد الذين يخرجون بالملايين ليهتفوا لجلاديهم بالعمر المديد. لكن تلك الثورات التي تأخرت طويلا وصلت أخيرا الى بلاد العرب وبقوة جارفة لم يتوقعها احد. في يناير 2011 سقط ’’باي’’ تونس، وفي فبراير سقط ’’فرعون’’ مصر ، ويمكن ان يكون الدور في المرة القادمة على اي نظام عربي آخر. فلا عاصم للاستبداد والديكتاتورية من غضب الشعوب. هكذا تبدو الصورة براقة مع مطلع العام الأول من العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين. فما هي يا ترى عوامل قيام ثورات الحرية والديمقراطية في تونس ومصر؟ وما هي احتمالات انتقالها الى اليمن؟ هذا هو ما تركز عليه هذه الورقة..
أولا- عوامل قيام الثورات
يسعى السياسيون اما بقصد أو بدون قصد لخلق ظروف قيام الثورات، لكن الثورات ذاتها لا تصنع وانما تحدث فجأة. وهناك مجموعة من العوامل التي تحدد قيام الثورات وتمثل قاسما مشتركا فيما بينها. وأهم تلك العوامل في حالتي تونس ومصر والعالم العربي بشكل عام هي التالي:
1. العوامل السياسية
تتفق تونس ومصر مع كل الأنظمة العربية الأخرى تقريبا ملكية كانت أو جمهورية في مجموعة من الخصائص السياسية التي تشكل في مجموعها البيئة الملائمة لقيام الثورة. ولعل اهم تلك العوامل السياسية هو غياب المشاركة السياسية الفاعلة، فساد الطبقة الحاكمة، الضياع المتكرر لفرص الإصلاح، انتهاكات الحقوق، انعدام الأمل في التغيير، وتراجع الدعم الخارجي للاستبداد.
أ. غياب المشاركة الفاعلة
تمثل المشاركة السياسية الفاعلة أهم مصادر الشرعية للأنظمة السياسية. والمقصود بالشرعية هنا قبول المواطنين بالنظام القائم اشخاصا ومؤسسات، وبالتالي عدم الثورة عليه. والمقصود بالمشاركة السياسية الفاعلة هو تلك المشاركة التي تجعل المواطن قادرا على التأثير في عملية اختيار القادة السياسيين الذين يمارسون السلطة فعليا؛ تولي المواقع العامة؛ التأثير في صنع السياسات العامة؛ ومساءلة الحكام. ولعل ما يتفق فيه النظامان المنقرضان في تونس ومصر هو انهما عانيا من تناقض واضح بين الطابع الجمهوري للنظام مع ما يعنيه ذلك من شراكة حقيقية في السلطة بين قوى المجتمع من جهة؛ وبين الاستبعاد السياسي الممارس على صعيد الواقع من جهة أخرى. وهذا التناقض الفاضح تعاني منه مع اختلاف في الدرجة معظم ان لم يكن كل الأنظمة العربية الجمهورية والبالغ عددها 14 نظاما.
وربما ان ما يميز تونس ومصر من بين كل الأنظمة الجمهورية القائمة في العالم العربي هو المبالغة في اقصاء الشركاء وقمع الخصوم وتفريغ الآلية الانتخابية من مضامين المشاركة وتحويل المؤسسات النيابية ومؤسسات المجتمع المدني والأهلي الى مجرد مسامير في عربة الحاكم الفرد. وقد أدت عملية اغلاق المؤسسات الرسمية والدستورية للمشاركة في وجه الطلب المتزايد الى الدفع بالناس الى الشوارع التي تثبت الأنظمة الاستبدادية دائما عجزها عن السيطرة عليها. كما ادت الى سد قنوات الاتصال بين النظام ومواطنيه وافقدته القدرة على الاستجابة لأي مطالب.
ب. فساد الأوليجاركيات الحاكمة
تطورت النظم الجمهورية الاستبدادية في العالم العربي الى ما يسمى بالأوليجاركية وهي القلة التي تحكم لصالح نفسها وليس لصالح الشعوب. ضف الى ذلك أن تلك القلة ورغم الطبيعة الجمهورية للأنظمة قد قامت بشكل اساسي على علاقات القرابة والنسب. وأدى ظهور الأوليجاركية كجماعة من اللصوص لا هم لها الا الاستيلاء على الموارد العامة واحيانا الخاصة من جهة الى تضييق قاعدة الأنظمة وخصوصا بعد ان اصبحت تلك الأوليجاركيات تشمل بشكل اساسي الحاكم الفرد واسرته واقاربه، والى احتدم الصراع بين مكونات تلك الأوليجاركيات من جهة أخرى. وقد أدى ذلك، مع ظهور التوريث كحل لأزمة انتقال السلطة في الجمهوريات العربية، الى جعل تلك الأوليجاركيات هدفا سهلا للثورات الشعبية.
ج. انتهاكات الحقوق
تتفق الأنظمة الاستبدادية الحاكمة في الوطن العربي، وان اختلفت من حيث الدرجة، بانها لا تطيق المعارضة ايا كان نوعها، ولا التعبير السلمي عن الراي مهما كان مهذبا، ولا منظمات المجتمع المدني وتلجأ السلطات الى قمع النشطاء والكتاب والصحف والأحزاب والمنظمات المدنية، وتتفنن في اتباع الأساليب لتحقيق ذلك. ويمتاز النظامان البائدان في تونس ومصر، والأول ربما بدرجة أكبر، بانهما اتبعا درجة عالية من القمع للأفراد والجماعات بشكل ادى الى حدوث كبت سياسي واجتماعي واقتصادي جعل الثورة بما تمتاز به من مفاجأة هي الأسلوب الوحيد للتغيير.
د. غياب الإصلاحات
تتحدث الأنظمة العربية جمهورية كانت أو ملكية عن الإصلاح السياسي وتوسيع قاعدة المشاركة وحماية حرية الرأي والتعبير لكن تلك الإصلاحات في احسن الأحوال تشبه النباتات الصحراوية التي تظهر بسرعة ثم تختفي ليحل محلها رمض الصحراء وسرابها. فقد شهدت دول مثل الجزائر والأردن واليمن ومصر البدء في تنفيذ اصلاحات سياسية طموحة مع بداية العقد الأخير من القرن العشرين أو حتى قبل ذلك التاريخ لكنها سرعان ما تراجعت كلية عن تلك الإصلاحات مع نهاية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين. وقد تطورت الأمور في دول مثل مصر وتونس بحيث ان اي اصلاح يتم الحديث عنه اصبح يعني المزيد من التضييق لدائرة السلطة والنفوذ.
ه. انعدام الأمل في التغيير
اتفقت الكثير من الأنظمة الجمهورية في العالم العربي ومن ضمنها الأنظمة في تونس ومصر في انها وصلت الى مرحلة انسداد الأفق بالنسبة لعملية التغيير وبحيث تحولت تشوهات الأنظمة القائمة الى ثوابت وطنية يعاقب من يتجرأ على التفكير بالخروج عليها. ومع أن بني البشر يميلون الى التغيير التدريجي لشئون حياتهم وليس الى الثورات الإ أن الأنظمة الاستبدادية التي تسد آفاق التغيير أمام الناس عن طريق الإقصاء والقمع والانتهاك المتكرر للحقوق لا تدع امام الناس من طريق آخر للتغيير سوى طريق الثورة.
و. تراجع الدعم الخارجي للاستبداد
اعتمدت الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي في بقائها في السلطة على دعم الغرب لها ووصلت الى مرحلة ظنت معها ان تخويف الغرب بخطر صعود ’’الإسلاميين’’ قد ضمن لها ذلك الدعم بشكل دائم في مواجهة شعوبها. وتجاهلت تلك الأنظمة كثافة التفاعلات بين الشرق والغرب وما يمكن أن يترتب على تلك التفاعلات من فهم جديد لدى الغرب لأوضاع وظروف وأهداف وتطلعات الحركات الإسلامية. ولم تلتفت الأنظمة الاستبدادية الجامدة الى الأثر الذي يمكن ان يتركه صعود الإسلاميين الى السلطة في تركيا على نظرة الغرب للإسلام.
وفشلت الأنظمة المستبدة العربية وفي مقدمتها النظامين المنقرضين في مصر وتونس في قراءة التحولات في أوضاع وسياسات الغرب وخصوصا تلك المتعلقة بتراجع قوة الغرب من جهة وبالتحول الديمقراطي المستمر في تلك المجتمعات من جهة ثانية. فقد انتقلت السلطة في الولايات المتحدة والمانيا مثلا من نخب مسكونة بشكل اساسي بمصالح الرأسمالية العالمية ومهتمة بالاستقرار وتدفقات النفط وأمن اسرائيل الى نخب جديدة تهتم أكثر بقيم العدالة والحرية والديمقراطية ولا تتردد في التخلي عن المستبدين عندما تتحرك الشعوب ضدهم.
2. العوامل الاقتصادية
تمثل العوامل الاقتصادية وان اختلفت طبيعتها من حالة الى أخرى محركات هامة لقيام اي ثورة. ففي الحالتين التونسية والمصرية، فان الأوضاع المعيشية الصعبة وتنامي اسعار الغذاء على نحو خاص تمثل بالتأكيد جزءا من القوى المحركة للثورة وان كان من الخطأ، كما يذهب الكثير من المفكرين، اختزال عوامل قيام الثورة في الجانب الاقتصادي أو اختزال الجانب الاقتصادي في التضخم في اسعار السلع الأساسية. وفي حين يعتبر نجاح الحكومات في اشباع الحاجات الأساسية مصدرا ثانيا من مصادر الشرعية للأنظمة، فإن الفشل في اشباع تلك الحاجات يساهم في تآكل شرعية تلك الأنظمة.
وفي الوقت الذي يؤدي فيه تحرير الاقتصاد، والحد من الاحتكار وتشجيع المنافسة وخلق بيئة استثمارية مواتية الى زيادة الاستثمار، خلق فرص العمل، وتحقيق النمو الاقتصادي وبالتالي زيادة الرضا عن النظام الحاكم، فان دخول السياسيين ميدان التجارة ومنافستهم للتجار الحقيقين بطرق غير شريفة وعن طريق توظيف نفوذهم في الدولة والموارد العامة يؤدي الى تزايد النقمة ضد النظام القائم. وقد لوحظ التأثير الكبير لهذا الجانب في كل من تونس ومصر حيث انخرطت القلة الحاكمة في النشاط الاقتصادي واحتكرت مجالات الاستثمار وشاركت الناس في ارباحهم بدون وجه حق وهو ما اثر سلبا على معدلات الاستثمار، والنمو الاقتصادي، وعلى خلق فرص العمل.
3. العوامل الإجتماعية
تتعدد العوامل الاجتماعية التي يمكن ان تؤدي الى الثورة. وفي الحالتين التونسية والمصرية يمكن الإشارة الى العوامل الاجتماعية التالية كمحركات للثورة:
أ. الانقسام الاجتماعي الحاد الى أقلية غنية مسيطرة تستأثر بالسلطة والثروة واغلبية فقيرة مستلبة الحقوق وتتعرض للقمع والاضطهاد من قبل الأقلية المسيطرة.
ب. المعدلات المرتفعة نسبيا للبطالة وخصوصا بين خريجي الجامعات وانتشار الفقر.
ج. غياب العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة واعباء الإصلاحات الاقتصادية.
4. العوامل التكنولوجية
شهدت السنوات العشرين الماضية أكبر ثورة عرفها التاريخ الإنساني في مجال تكنولوجيا الاتصال والمعلومات. وتعد الإنترنت والقنوات الفضائية ابرز التطورات على صعيد الاتصال والتواصل ونقل المعلومات وعولمة المظالم. وقد ساهمت التحولات في تكنولوجيا الاتصال في توفير وسائل تواصل زهيدة التكلفة وتمكن الناشطون عبر التدوين وشبكات التواصل الاجتماعي من التعبير عن مظالمهم ونقد انظمتهم وخلق ثقافة التغيير ونشرها. ولم يكن غريبا ان يطلق على الثورة المصرية ’’ثورة الفيس بوك’’ وان تذهب احدى النكت الى ان الرئيس مبارك بعد رحيله التقى بالرئيس السادات فسأله الأخير ’’سم والا منصة’’، اي هل قتل بالسم أو اغتيل وهو يجلس على المنصة ، فرد عليه مبارك ’’فيس بوك.’’
ثانيا- امكانية الانتقال الى اليمن
ساهم نجاح الثورة الأمريكية ضد الاحتلال الإنجليزي في العقد الثامن من القرن التاسع عاشر في اقناع الفرنسيين بان الحرية هي التي تنتصر على القمع والقهر مهما كانت قوة الطغيان. وقادت الثورة الفرنسية بعد ذلك الى اشتعال الثورات في الكثير من البلدان. وعندما تمكنت منظمة تضامن في بولندا من تحقيق فوز كبير في الانتخابات في 4 يونيو 1989 وشكلت اول حكومة غير اشتراكية في شرق ووسط أوروبا، بدأت الثورات ضد الأنظمة الشمولية تنتقل من دولة الى أخرى بسرعة هائلة. في اكتوبر ثارت هنغاريا والمانيا الشرقية، وفي نوفمبر ثارت تشيكوسلوفاكيا وبلغاريا، وفي ديسمبر ثارت رومانيا، وفي يناير 1990 ثارت يوغسلافيا. ولا يتوقع ان يختلف الحال في العالم العربي.
1. أثر الثورات على اليمن
عندما اندلعت ثورة الحرية في تونس بدا الأمر للكثيرين كما لو انه حدث في كوكب آخر، ولم يتردد رئيس الجمهورية اليمنية في الإعلان بكل ثقة أن ’’ اليمن ليست تونس.’’ أما بعد اندلاع ثورة مصر، فقد سارع الرئيس الى احتلال ميدان التحرير في قلب العاصمة صنعاء ليمنع اليمنيين من التجمع داخله. وعندما يتعلق الأمر باحتمال انتقال ثورتي تونس ومصر الى اليمن فانه يمكن القول:
أ. بالرغم من ان العوامل المؤدية لثورة الحرية موجودة بدرجة أو بأخرى في كل الدول العربية تقريبا الإ أن اليمن تأتي في مقدمة الدول المرشحة لسقوط النظام خلال الفترة القادمة وذلك لان العوامل التي أدت الى قيام الثورة في تونس ومصر تحظر بقوة في اليمن وبدرجة تفوق اي دولة عربية أخرى. بل انه يمكن القول، وكما أكد الدكتور ياسين سعيد نعمان، أن الحراك في جنوب اليمن قد سبق ثورات تونس ومصر لكنه لم يحظى بالاهتمام المطلوب نتيجة للشعارات التي رفعها.
ب. اعادت ثورات الحرية والديمقراطية في العالم العربي توزيع القوة بين الفاعلين السياسيين على الساحة اليمنية لصالح القوى المطالبة بالتغيير وعلى حساب قوى الوضع الراهن وذلك بعدة طرق. من جهة كشفت الثورات الغياب شبه التام للشرعية بالنسبة للأوليجاركية القائمة التي تحكم بالفساد وتستأثر بكل شيء بدون وجه حق. ولقد راينا هذا واضحا في حالتي تونس ومصر حيث اختفت المجاميع المليونية المؤيدة تماما. من جهة ثانية، كشفت حجم الفساد المحتمل داخل اليمن والثروات الطائلة التي يمكن ان تكون الأوليجاركية الفاسدة قد استولت عليها. من جهة ثالثة، دفعت تلك الثورات القوى اليمنية الى اعادة الاصطفاف وهو ما ادى بالتأكيد الى تضييق قاعدة التأييد الشعبي للأوليجاركية القائمة.
ج. أدت ثورات الحرية في تونس ومصر الى كشف الخطورة البالغة لسيطرة الحاكم الفرد واسرته على المؤسسات العسكرية والأمنية وعلى مستقبل الدولة والمجتمع. وبقدر ما جاءت مطالب قوى المعارضة للرئيس بعزل انجاله واقاربه وانسابه من المؤسسات العسكرية والأمنية لتعكس توزيعا جديدا للقوة في المجتمع، فإنها جاءت ايضا لتعبر عن وعي جديد بأن الحوار الوطني مع النظام القائم سيفتقر الى الأفق والى اي قدر محتمل من النجاح طالما واقارب الرئيس وانجاله وانسابه يصوبون بنادقهم الى المطالبين بالإصلاح.
د. خلقت ثورات الحرية في تونس ومصر قناعة لدى كافة مكونات الطيف الاجتماعي بأن التغيير في اليمن أمر حتمي وممكن، ويذهب محللون من بينهم كاتب هذه الورقة الى أن المخاطر التي تحيط بالتغيير كثيرة وكبيرة لكن استمرار هذا النظام هو الخطر الأكبر في هذه المرحلة.
2. خيارات التغيير
خفضت ثورات تونس ومصر خيارات التغيير السلمي في اليمن الى اثنين: الأول طريق الحوار الوطني الشامل الذي لا يستثني احد والذي يفضي الى تفكيك النظام القائم واقامة الدولة المدنية. ويتطلب هذا الطريق كي ينجح تحقق ثلاثة امور:
أ. وجود دور اقليمي ودولي قوي في الحوار يعمل على بناء الثقة المفقودة بين الأطراف السياسية ويضمن استمرار الحوار وعدم تعرضه للمصادرة من اي طرف عن طريق اللجوء الى العنف أو الإرهاب او غير ذلك من الأساليب.
ب. مشاركة كافة اطراف العمل السياسي في الحوار بما في ذلك الحوثيين والحراك الجنوبي ومعارضة الخارج وعمل كل ما من شأنه ضمان ذلك بما في ذلك نقل الحوار الى الخارج ان اقتضى الأمر.
ج. قبول الحاكم بعزل اقاربه من المؤسسات العسكرية والأمنية وذلك على اعتبار ان نجاح الحوار سيظل محل شك اذا كان بإمكان احد اطراف الحوار توظيف المؤسسات العسكرية والأمنية ضد خصومه. ثم ان وجود اقارب الرئيس على رأس المؤسسات العسكرية والأمنية يحد من الدور الوطني الذي يمكن ان تلعبه تلك المؤسسات في حماية الشرعية الدستورية والأمن القومي للبلاد. فقد بينت احداث تونس ومصر ان انقاذ الدولة والمجتمع مرهون باستقلالية تلك المؤسسات. ويمكن للحاكم الاكتفاء لحماية نفسه بالحرس الخاص على ان يتم تحديد حجم تلك القوة بحسب المهمة التي يفترض ان تؤديها.
وتبدو فرص نجاح الحوار الوطني خلال هذه المرحلة ضعيفة ان لم تكن منعدمة. فاذا كان النظام القائم قد تجذر في السلطة وفي امتلاك الدولة والثروة كما تجذر آل حميد الدين فإنه سيكون من السذاجة الاعتقاد ان صالح يمكن ان يقدم اي تنازل أو ان يرحل عن السلطة في عام 2013 أو سيقوم بإبعاد اي من اقاربه من المواقع التي يسيطرون عليها. ويبدو خيار الحوار كما لو كان محاولة من القوى السياسية للهروب من الأزمة القائمة وهو ما سيدفع بالبلاد الى خيارات مظلمة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
اما الخيار الثاني، أو المسار الآمن نسبيا، فهو طريق الثورة الشعبية السلمية على غرار ما حدث في تونس ومصر وما سيحدث في دول عربية أخرى. وتبدو فرص هذا الخيار في النجاح في المرحلة الحالية كبيرة مقارنة بخيار الحوار وان كان بدوره يحمل بعض المخاطر. ولا ينبغي ان يفوت على القوى السياسية ان الفشل في تحقيق التغيير عن طريق احدى المسارين سيفتح مسارات أخرى مظلمة للتغيير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق