عبد الله الفقيه
أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء
بينما تقتضي المصلحة الوطنية الانتهاء بأسرع
وقت ممكن من مهام الفترة الانتقالية كما حددتها الآلية التنفيذية المزمنة للمبادرة
الخليجية بما في ذلك إعداد دستور جديد للبلاد والاستفتاء عليه وتنفيذ الانتخابات
في موعدها المحدد في فبراير 2014 ، فإنه
يلاحظ أن هناك أطرافا تدفع ولمصالح خاصة نحو التمديد للفترة الانتقالية بالرغم من
ما يحمله أمر مثل هذا من مخاطر كبرى على
البلاد.
وبداية، فإنه ينبغي الإشارة إلى أن التمديد
كسلوك متكرر في التاريخ اليمني قد ارتبط دائما
بالمصالح الخاصة وبالنزعة الأنانية إلى الاستئثار بالسلطة والثروة من قبل فرد أو
جماعة كما حدث مثلا من قبل الحزب الاشتراكي
والمؤتمر الشعبي العام خلال الفترة
الانتقالية (1990-1993)، وكما حدث في مناسبات لاحقة من تمديد لفترة خدمة الرئيس
السابق وفترة خدمة مجلس النواب.
ويكفي التأمل في النتائج المريعة التي لحقت
باليمن واليمنيين من التمديد بعد التمديد لمجلس النواب الحالي والذي انتخب في عام 2003. فلا يعتبر هذا المجلس
صاحب أطول فترة لبرلمان منتخب أو غير
منتخب في تاريخ اليمن، بل أنه أيضا أسوأ برلمان عرفه التاريخ اليمني على الإطلاق. ويمكن
للواحد منا أن يتخيل فقط حجم الكارثة التي
ستلحق باليمن واليمنيين فيما لو تم التمديد لهذا الثقب الأسود الذي يعتبر يحيى الراعي رمزه الأول!
وينطوي التمديد كما يستفاد من تجارب اليمنيين على حافز للفرد أو الجماعة المستفيدة منه على أن
تعمل على خلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار
لإن استمرار التمديد يصبح مرتبطا بغياب الاستقرار، وبإبقاء البلاد على حافة
الهاوية، وبحيث يفضي كل تمديد إلى
تمديد جديد. وفي حين يتم تبرير التمديد اليوم من قبل البعض بغياب الاستقرار أو عدم كفاية الوقت، فان
التمديد ذاته يمكن أن يصبح أهم عامل من عوامل عدم الاستقرار في المستقبل. ففي حالة
مجلس النواب سيء الذكر مثلا، فان بعض أعضائه لعبوا خلال المرحلة السابقة وما زالوا
يلعبون حتى اليوم دون أدنى شعور بالمسئولية الوطنية أدوارا خبيثة في
إذكاء الصراع السياسي وفي دفع الأحزاب للتمديد المرة بعد الأخرى!
ولا ينبغي أن يفوت القارئ النبيه أن تمديد الفترة الانتقالية لا يمثل
تمديدا لفرد أو فردين أو ثلاثة أو أربعة لكنه يمثل تمديدا لوضع بكل تفاصيله
القبيحة وبكل ما يعتور شرعيته من قصور. وإذا كان الوضع الذي يراد التمديد له يعاني
من الاختلال أصلا، فان التمديد سيعني بالتأكيد الحفاظ على ذلك الاختلال وتعميقه
ودحرجته إلى الأمام. وعلى الجميع أن يتذكروا أن تمديد الفترة الانتقالية خلال السنوات الأولى للوحدة لم يساعد البلاد في شيء
بقدر ما هيأها لصراع عنيف بعد انتهاء التمديد.
وفي الحالة اليمنية، فإن التمديد للرئيس هادي سيعني التمديد لنصر طه مصطفى ومشروعه
الأتاتوركي الأهوج، والتمديد لحكومة باسندوة بما تعانيه تركيبتها من اختلالات،
والتمديد للمؤرخ احمد عبيد بن دغر والدمار
الشامل الذي يلحقه بالاتصالات، والتمديد لرؤساء الأحزاب الذين انتهت فتراتهم القانونية، والتمديد ايضا
لهيئة مكافحة الفساد التي تحتاج الى مكافحة ولمجلس الشورى الذي أصبح ملكية عائلية،
وسيعني أيضا وهو الأهم أن السلطة والثروة أصبحتا شأنا نخبويا لا علاقة لليمنيين
به. ويخطأ من يظن أن مراكز القوى ستمدد
للرئيس هادي دون أن تجعله يدفع الثمن غاليا
وعلى حساب اليمن واليمنيين..
والأدهى والأمر أن التمديد يمكن أن يؤدي إلى كارثة اقتصادية تتمثل بضياع
تعهدات المانحين لعدم قدرة البلاد على
الاستفادة منها . فكما يعرف الجميع، فإن اليمن تتنفس اصطناعيا خلال الفترة
الانتقالية ولن يبدأ المانحون في الإيفاء بما التزموا به سوى بعد حل مشاكل البلاد وقيام مؤسسات منتخبة تعبر عن الإرادة الشعبية. أما إذا تم التمديد للفترة الانتقالية، فإن ذلك سيعني إعفاء المانحين من الإيفاء بتلك الالتزامات. ولن تجد الحكومة من بديل سوى اللجوء إلى
فرض جرع جديدة على الشعب اليمني .
أن الأفق الوحيد لإخراج اليمن من أوضاعه الحالية التي تزداد سوءا يوما بعد
آخر هو المضي قدما في تنفيذ مهام الفترة
الانتقالية في مواعيدها المحددة، وأي خيار آخر لن
يعني سوى المزيد من المعاناة
والمزيد من التعقيد لمشاكل اليمن وتحدياته!
ويبقى القول أن اليمن تمر بظرف دقيق
وأن المنطقة بكاملها على كف عفريت، وأن اي تهاون في تنفيذ مهام الفترة
الانتقالية في مواعيدها المحددة، سيضع البلاد والعباد خلال المستقبل القريب في مهب
الريح.
هذا يعني ان التمديد هو ترك الفساد على ماهو عليه وتوسعته ايضاً لاكما يوهمون عامة الناس
ردحذف