د عبد الله الفقيه
استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاءكنت مدعوا الى فعالية حول اولويات الإصلاح في اليمن خلال المرحلة القادمة ولم اتمكن من حضور الفعالية بسبب ازدحام جدول المحاضرات وضيق الفصل الدراسي. لكن عدم الحضور لا يعني ابدا ان يتوقف الإنسان عن التفكير في مسائل تبدو مصيرية بالنسبة لليمن واليمنيين. وفي تصوري فان اولويات الإصلاح خلال المرحلة القادمة تتمثل في الاتي:
1. رحيل صالح وافراد اسرته. وفي تقديري فان هذه مسألة باتت محل اتفاق الجميع، وهي في طريقها للحدوث عن قريب شاء من شاء وابى من ابى . وبدون ان تتحقق هذه الخطوة، فان اي حديث عن استقرار لليمن او عن اصلاح سيظل مجرد احلام يقظة. لقد اخفق اليمن في ظل صالح في تحقيق اي تقدم يذكر واذا احتفظ صالح باي بقاء لأفكاره او لأسلوبه في الحكم فإن اليمن ستظل اسيرة الدائرة المغلقة التي ادخلها صالح فيها.
2. اعادة بناء قوات الجيش والأمن على اساس وطني واخراجها من العملية السياسية والحزبية ، وهذا الشرط يعتبر الشرط السابق على اي عملية اصلاحية والذي يفترض ان يسبق اي خطوة اخرى. وبناء الجيش على اساس وطني لا يعني ابدا ان يحل الهاشميون محل السنحانيين او البكيليون محل الحاشدين او الجنوبيين محل الشماليين ولكنه عملية يفترض ان تكون بعيدة عن التبسيط وان تتم في اطار تحديد واضح لمهام تلك القوات واعادة نشرها وضمان عدم وقوع قوات الجيش والأمن تحت سيطرة اي فرقة سياسية او اجتماعية كما حدث في عهد صالح، وعلى ان يخضع القادة في تلك الوحدات للتدوير وفقا للقانون كل 4 أو 5 سنوات كحد اقصى. ولا بد ان تكون مهام الجيش اليمني خلال مرحلة ما بعد صالح متسقة مع الأهداف التنموية ومتناغمة ليس فقط مع التحديات الأمنية التي تواجه اليمن ولكن ايضا مع التحديات الأمنية التي تواجه جيران اليمن والمجتمع الدولي بشكل عام في هذا الجزء من العالم.
3. تطبيع الحياة اليومية بما يعنيه ذلك التطبيع من اعادة الخدمات العامة الى وضعها السابق ثم العمل على تطويرها وخصوصا خدمات وامدادات الطاقة التي تشكل عصب النمو الإقتصادي. ولا يمكن ان يتم تطبيع الحياة اليومية بمعزل عن اعادة بناء ونشر قوات الجيش والأمن وتحديد مهامها بما يحقق التطبيع اليومي للحياة بقوة القانون وبالقوة المادية للجيش والأمن.
4. الدخول في حوار وطني شامل لكل القوى والفعاليات السياسية بما في ذلك الشباب، الحراك الجنوبي، والحوثيون، وبرعاية اقليمية ودولية، وعلى ان يتولى مؤتمر الحوار الوطني الوقوف امام القضية الجنوبية والتمرد في صعدة والمظالم المختلفة للقوى السياسية والاجتماعية وتحديد الخطوط العريضة لشكل الدولة والنظام السياسي. ويجب ان يكون واضحا ان فرص الحوار الوطني في النجاح سيرتبط اولا وقبل كل شيء بالنجاح في تنفيذ الخطوات 1، 2، و3 . كما سيرتبط ايضا بالدور الإقليمي والدولي الفاعل. اما الدخول في الحوار الوطني، في ظل الأوضاع الحالية، ودون تحقيق تقدم ملموس في الخطوات 1، 2، 3 فإن ذلك قد يؤدي الى المزيد من تعميق الخلافات بين القوى السياسية والاجتماعية والى المزيد من تحلل الدولة وتفتت المجتمع.
5. يشكل التعليم المدخل الطبيعي والمنطقي لبناء الديمقراطية وتجديد الثقافة والتخلص من القيم السلبية وصياغة الشخصية اليمنية التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة وبين الهوية الإسلامية والانفتاح على العالم في غير افراط او تفريط، وتحقيق الدمج الاجتماعي، وبناء دولة المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات. كما يشكل التعليم المدخل الطبيعي لتحقيق التنمية وحل العديد من المشكلات الاجتماعية بما في ذلك المشكلة السكانية ومشاكل البطالة والثأر وتعاطي القات، وغيرها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق