الثلاثاء، 23 أغسطس 2016

اليمن وعاصفة الحزم: إلى أين ؟..

د. احمد الزنداني*

د. احمد الزنداني
في اليمن طالت عاصفة الحزم وأخواتها أكثر مما ينبغي وبدأ الكثير منا نحن اليمنيين ممن كان متفائلا كل التفائل بعاصمة الحزم ومساندا لها ومدافعا عنها في كثير من المحافل والمنابر الإعلامية حتى لا تحكم إيران قبضتها على اليمن فيصبح مصيرنا مصير العراق واتهمه الطرف الآخر بالعمالة والارتزاق، بدأنا نتململ ونشعر بأن دول التحالف وعلى رأسها المملكة عاجزة عن تحرير صنعاء والانتصار على الحوثي وصالح، ولم يعد يطالنا من عاصفة الحزم إلا معاناة اليمنيين الذين يتعرضون للكثير من المعاناة ومنها ضربات لطيران التحالف يروح ضحيتها العديد من الأبرياء .. 

الإحاطة الغربية الأمريكية بقرارات الخليج السياسية والعسكرية والاقتصادية تلعب دورا كبيرا في عرقلة سياسة المملكة الجديدة تجاه اليمن، وتجاه العديد من القضايا العربية والإسلامية الملحة نحن لا نلوم المملكة بقدر ما نلوم أنفسنا على التفريط باليمن ولكن اطرح هذا الموضوع على هذا المنبر الإعلامي لأن عواقب تململ اليمنيين المؤيدين لعاصفة الحزم ستكون وخيمة على اليمن اولا ثم على المملكة ودول الخليج ثانيا أقلها ان تسقط اليمن بيد إيران فتبدأ معركة بين صالح والحوثي ينطحن فيها الشعب اليمني ولكن قد لا يتم هذا قبل ان تتوسع دائرة المعارك لتكون أكثر عمقا في أراضي المملكة، ولهذا ما بعده. 

ليس لدي حلول لمعالجة المشكلة ولكن ما أنصح به أن تولي المملكة الشارع اليمني أهمية قصوى في هذه المعركة فلقد جيش صالح الشعب في الداخل وراءه وساعده على ذلك معاناة اليمنيين في الداخل وفي الخارج وساعده على ذلك قلة بصر المملكة في التعامل مع قيادات حكومية وحزبية يمنية لا تمثل الشارع اليمني ولا تعمل لصالح اليمن بقدر ما تعمل للأجندة الغربية في المنطقة أو لمصالحها ومشاريعها الضيقة. 
جيش صالح الشعب في الداخل وراءه وساعده على ذلك معاناة اليمنيين في الداخل وفي الخارج وقلة بصر المملكة في التعامل مع قيادات حكومية وحزبية يمنية لا تمثل الشارع اليمني ولا تعمل لصالح اليمن

أدرك أن المملكة لا تملك حلول سحرية وان سياستها قبل سلمان كانت مليئة بالأخطاء التي تتجرع المملكة نتائجها اليوم كما ندرك أن المملكة نفسها تعاني من عقبات داخلية تعيقها عن القيام بدور أكثر فعالية، الوضع معقد للغاية خاصة وأن الإحاطة الغربية الأمريكية تحديدا بقرارات الخليج السياسية والعسكرية والاقتصادية تلعب دور كبير في عرقلة سياسة المملكة الجديدة تجاه اليمن بشكل خاص وتجاه العديد من القضايا العربية والإسلامية الملحة بشكل عام، مثلا لم تتوفق المملكة إطلاقا بموقفها من الانقلاب في تركيا مما دفع الأتراك لعملية إعادة حسابتهم لاستيعاب المتغير الجديد الذي تبدى لهم بعد الانقلاب، إذ انهم لا يمكن أن يبنوا مشاريعهم الاستراتيجية على أرض رخوة لا يركن اليها ... 

لا تملك المملكة حلولا سحرية وسياستها قبل سلمان كانت مليئة بالأخطاء، وتعاني من عقبات داخلية تعيقها عن القيام بدور أكثر فعالية الحديث يطول ولكن من المهم جدا للمملكة ورجالاتها إعادة تقييم الموقف بشكل سريع وإعادة حساباتها بشكل أكثر دقة وعليها أن تدرك ان السياسة تتطلب قدرا من المغامرة والمفاجأة فليس من الضرورة أن تتحمل الدبلوماسية السعودية مهمة الحصول على الإشارة الخضراء من العم سام قبل الاقدام على أي عمل، بل من الممكن بل ومن المفضل في بعض الأحيان أن تتحرك الدبلوماسية بعد الاقدام على بعض الخطوات الضرورية والملحة المتعلقة بأمن المملكة تماما كما فعلت بعد عاصفة الحزم، وعلى المملكة أن تدرك أن الجميع عونا لها ولكن قليل من التواضع وحسن الخلق .. ولله الأمر من قبل ومن بعد... 

* د. أحمد الزنداني أستاذ العلاقات الدولية، قسم العلوم السياسية، جامعة صنعاء، مشرد حاليا في الخارج، 23 اغسطس 2016



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق