يذهب الباحث عبد الحميد الرباعي في رسالة ما جستير ستناقش قريبا في قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء حول العلاقة بين القبيلة والسلطة المحلية خلال عشر سنوات (2001-2009) الى ان قرابة عقد من تطبيق السلطة المحلية في الجمهورية اليمنية قد عزز كثيرا من مكانة وثقافة ودور القبيلة برموزها وقيمها واليات عملها.
ويذهب الرباعي من خلال الدراسة الميدانية التي تعد الأولى من نوعها والتي نفذت في بعض مديريات محافظة حجة الى ان السلطة المحلية عززت من الصراعات القبلية كعامل معيق للتنمية، واطاحت بمبدأ العدالة في توزيع المشاريع المحلية وجعلت النفوذ والهيمنة القبلية هي الأساس في توزيع الموارد والمنافع العامة. ومن الطبيعي ان تتوصل الدراسة كذلك الى ان جزءا كبيرا من المشاكل التي ارتبطت بتطبيق قانون السلطة المحلية يمكن ردها الى ضعف الإدارة المركزية وعدم قدرتها على تبني ومراقبة تنفيذ معايير تحديثية تمنع "قبيلة الدولة" على المستوى المحلي..
وتتفق دراسة الرباعي في نتائجها مع نتائج دراسة اخرى، ستناقش قريبا، مقدمة من موسى علاية الباحث بقسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء الى جامعة ليدن بهولندا لنيل شهادة الدكتوراه في التنمية الدولية. فوفقا للباحث علاية فان سياسات المانحين في الربط بين الدعم التنموي واللامركزية بمبررات ان اللامركزية تعزز الكفاءة والشفافية والمسائلة والقدرة على الإستجابة لإحتياجات الناس قد افتقرت في مجملها الى الفهم العميق لطبيعة المركز في اليمن وطبيعة المحليات وفي حين كان يفترض ان تركز السياسات اولا على تقوية المركز ليتمكن من تطبيق سياسات التحديث على المستوى المحلي، فإن التركيز على اللامركزية قد فاقم من المشكلات وصب في مجمله لصالح القوى القبلية والإقطاعيات المحلية التي تعادي التحديث والمؤسسية..
ولا تمثل نتائج دراسة الرباعي وعلاية استثناء على الساحة. فعندما يتعلق الأمر بالعلاقة بين القبيلة والسلطة المحلية فان عددا من التقارير الدولية لا تجد حرجا في الإشارة الى ان ما تم تعزيزه خلال عقد من الزمن طبقت فيه السلطة المحلية مع اختلاف في الدرجة من منطقة الى أخرى هو "التخلف" بابعاده المتعددة مما ادى الى اضعاف مفهوم السلطة السياسية المحايدة على المستوى المحلي واحلالها بسلطة الخصم.
وكان من الطبيعي ان تؤدي سنوات من تطبيق اللامركزية بما تتضمنه من "فيد"، اي منافع لنخب محلية معينة ليست ببعيدة عن نخب المركز، الى فتح شهية النخب الإقطاعية المحلية للحصول على المزيد من المنافع وتقاسم الموارد السيادية مع السلطة المركزية، وان تتجاوز تلك النخب الطفيلية في الغالب مطالب اللامركزية الى المطالب باقاليم فدرالية تمكن تلك النخب من اقامة دويلات واقطاعيات اسرية وقبلية ومناطقية. وهكذا تطرح الفدرالية اليوم ليس لإنها صالحة لليمن أو يمكن ان تحل اي مشكلة لليمنيين سواء على مستوى المركز أو المحليات لكن لإنها تمثل اقصى مراحل التفيد لطبقات طفيلية تتصارع على السلطة وينظر بعضها الى اقلمة اليمن على انها استراتيجية للسيطرة من اسفل الى اعلى!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق