اين أصاب مرسي واين أخطأ؟
يعيش العالم العربي من الماء الى الماء انقساما حول مايحدث في مصر بين معسكرين: الأول يضم اعضاء حركات الإخوان المسلمين والذين يدافع الكثير منهم عن الرئيس محمد مرسي بالحق وبالباطل ودون تمحيص ما يحدث من منظور الديمقراطية والمصلحة الوطنية. اما المعسكر الآخر فيضم خليطا من القوى بعضها اسلامي ليبرالي والبعض الآخر من بقايا النظام القديم والبعض الثالث علماني. وهذا المعسكر على عكس المعسكر الأول ينتقد بعض المنتمين اليه الرئيس محمد مرسي بالحق بينما ينتقد آخرون الرئيس مرسي بالحق وبالباطل.
وسيحاول الكاتب هنا اعطاء رؤية يرجو ان تكون موضوعية يحدد فيها اين اصاب الرئيس مرسي وأين اخطأ.
أولا، لفهم ما يجري في مصر لا بد من تذكر ان مصر تمر بمرحلة انتقالية تشهد فيها بناء المؤسسات السياسية للنظام الجديد ومرحلة مثل هذه تتطلب قيادة استثنائية لبناء الإجماع الوطني وضمان المشاركة الواسعة في بناء تلك المؤسسات وفي مقدمتها الدستور.
ثانيا، افرزت نتائج الإنتخابات الرئاسية التي صعد بموجبها مرسي الى الموقع الأولى انقساما اجتماعيا بدا واضحا من خلال الفارق الضئيل بين مرشح قوى الثورة (الرئيس محمد مرسي) ومرشح الفلول (احمد شفيق). وكانت هذه النتيجة تقتضي ان يحكم مرسي بطريقة معينة يعمل من خلالها على تضييق هذا الإنقسام في مرحلة تتطلب الإجماع حول بناء المؤسسات السياسية.
ثالثا، ينتخب الناس الرئيس في النظام الديمقراطي لممارسة مهاما محددة قد يتسع نطاقها او يضيق نتيجة عوامل كثيرة لكن سلطة الفرد في النظام الديمقراطي هي دائما محدودة وليست مطلقة.
رابعا، عمل مرسي بنجاح على استيعاب عناصر من مختلف القوى السياسية في مواقع الدولة المختلفة بما في ذلك تعيين عدد منهم كمستشارين للرئيس وذلك لإن مرسي لم يفز فقط باصوات الإسلاميين من اعضاء حزبه ولكن ايضا بدعم من قوى الثورة الأخرى، وايضا لإن المرحلة بطبيعتها تتطلب ردم الفجوة بين الإخوان وغيرهم من القوى الإجتماعية والسياسية.
خامسا، حاول قادة الجيش المصري استغلال الفراغ الدستوري والمؤسسي فعملوا على مصادرة سلطات الرئيس المنتخب خلال الفترة الإنتقالية عن طريق الإعلان الدستوري الذي اصدروه قبل تولي مرسي ورفضه الكثيرون في مصر وخارجها. وقد نجح مرسي ايما نجاح في الإطاحة ليس فقط بذلك الإعلان الدستوري ولكن ايضا بقادة الجيش الذين كانوا يضعون انفسهم فوق الرئيس. وتقبل الكثيرون نجاح مرسي في الإطاحة بالعسكر بارتياح كبير.
سادسا، بدا واضحا ان بعض عناصر القضاء المصري تمثل مشكلة بالنسبة لمرسي ولمصر. وتفاقمت المشكلة عندما بدأ القضاء في التدخل في عمل اللجنة التأسيسة لصياغة الدستور وفي قضايا اخرى بطريقة أكدت ان عناصر النظام القديم داخل القضاء تعمل على اعاقة العملية الإنتقالية..
سابعا، جاء الإعلان الدستوري الذي اصدره مرسي ليمثل خطأء سياسيا كبيرا وجوهريا من عدة جوانب. فمن جهة، فإن مرسي اصدر الإعلان دون ان يأخذ رأي مستشاريه او حتى يستطلع اراء القوى السياسية الأخرى وهو ما يؤشر الى ان مرسي كاي دكتاتور عربي يعين المستشارين ولكنه لا يستشيرهم. من جهة ثانية، كان الإعلان مقبولا ومبررا فيما يتعلق بالإطاحة بالنائب العام و تحصين اللجنة التأسيسيية ومجلس الشورى ضد الحل القضائي، الإ ان القشة التي قصمت ظهر البعير تمثلت في التحصين الشامل لقرارات الرئيس من اي مراجعة قضائية. لقد اعطى الرئيس مرسي لنفسه سلطة يمكنه معها نظريا اصدار الأوامر باعتقال وحتى قتل الناس دون ان يكون للضحايا او اقاربهم او المجتمع بشكل عام حق الطعن في تلك القرارات أمام القضاء. واجمالا، فقد جاء الإعلان الدستوري في بعض مضامينه وفي طريقة اصداره ليس فقط مجافيا لأليات النظام الديمقراطي ولكن ايضا متجاوزا لنطاق التفويض الشعبي المفترض لرئيس الدولة في النظام الديمقراطي.
ثامنا، كان رد الفعل الداخلي والخارجي قويا ومفاجئا لمرسي لكنه لم ينجح في فهم معانيه ولم يوفق في اتخاذ الخطوات المطلوبة لنزع فتيل الأزمة قبل انفجارها وخروجها عن السيطرة كأن يعلن مثلا ومن طرف واحد الغاء المادة السادسة من الإعلان. وفي مواجهة الحشود الضخمة لمعارضي الإعلان واستقالات المستشارين سارع مرسي ومن خلفه الإخوان الى اخراج حشود اكثر عددا وهو الأمر الذي يضر بالوحدة الوطنية ويعمق الإنقسام ويدفع البلاد نحو العنف.
تاسعا، لجأ مرسي والإخوان الى تبريرات تفقتر الى التماسك والسلامة المنطقية وتعكس استهتارا بالالية الديمقراطية والتفويض الشعبي الذي حصل عليه من الناخبين كالقول مثلا بان الإعلان الدستوري جاء كضربة استباقية لإنقلاب كان يتم الإعداد له عن طريق اصدار حكم قضائي بعزل الرئيس، ولو كان هناك مؤامرة بالفعل لكان من الأفضل للرئيس مرسي انتظارحدوثها ثم مواجهتها باعلان دستوري وعندها لن يلومه احد.
عاشرا، لم يستوعب الرئيس مرسي ولا الإخوان ان اساس الشرعية في النظام الديمقراطي هو استمرار قبول الناس بالحاكم وليس الطريقة التي صعد بها أو الفترة المحددة لبقائه في السلطة. لقد جاء الخروج الكبير لمعارضي مرسي اذا ما أخذ جنبا على جنب مع نتائج الإنتخابات ليضع سؤالا حول شرعية مرسي ومدى قبول الناس به بعد الإعلان الدستوري. ومع ان الإخوان في خطابهم يركزون على ان نتائج الإنتخابات متقاربة وتعكس انقساما اجتماعيا حتى في الولايات المتحدة الإ ان ما يغفلونه او ربما لا يفهمونه هو ان الأمريكيين اختاروا اوباما بتفويض محدد لا يمكن له ان يتجاوزه. كما يغفلون ايضا حقيقة ان الأمريكيين لم يخرجوا في تظاهرات ضد اوباما كما فعل المصريون ، ولعل الإخوان في مصر لا يدركون ان خروج الأمريكيين ضد اوباما بالحجم والطريقة التي خرج بها المصريون ضد مرسي سيؤدي في حالة اوباما الى استقالة سريعة للرئيس.
حادي عشر، بينما تستمر ازمة الإعلان الدستوري سارع مرسي ومن طرف واحد ودون حوار أو مشاورات الى تحديد يوم الإستفتاء على الدستور الجديد. وكان امام مرسي فرصة لإن يجعل الإستفتاء على الدستور من جهة وعلى رئاسته من جهة ثانية. لكن مرسي لم يفعل.
يعيش العالم العربي من الماء الى الماء انقساما حول مايحدث في مصر بين معسكرين: الأول يضم اعضاء حركات الإخوان المسلمين والذين يدافع الكثير منهم عن الرئيس محمد مرسي بالحق وبالباطل ودون تمحيص ما يحدث من منظور الديمقراطية والمصلحة الوطنية. اما المعسكر الآخر فيضم خليطا من القوى بعضها اسلامي ليبرالي والبعض الآخر من بقايا النظام القديم والبعض الثالث علماني. وهذا المعسكر على عكس المعسكر الأول ينتقد بعض المنتمين اليه الرئيس محمد مرسي بالحق بينما ينتقد آخرون الرئيس مرسي بالحق وبالباطل.
وسيحاول الكاتب هنا اعطاء رؤية يرجو ان تكون موضوعية يحدد فيها اين اصاب الرئيس مرسي وأين اخطأ.
أولا، لفهم ما يجري في مصر لا بد من تذكر ان مصر تمر بمرحلة انتقالية تشهد فيها بناء المؤسسات السياسية للنظام الجديد ومرحلة مثل هذه تتطلب قيادة استثنائية لبناء الإجماع الوطني وضمان المشاركة الواسعة في بناء تلك المؤسسات وفي مقدمتها الدستور.
ثانيا، افرزت نتائج الإنتخابات الرئاسية التي صعد بموجبها مرسي الى الموقع الأولى انقساما اجتماعيا بدا واضحا من خلال الفارق الضئيل بين مرشح قوى الثورة (الرئيس محمد مرسي) ومرشح الفلول (احمد شفيق). وكانت هذه النتيجة تقتضي ان يحكم مرسي بطريقة معينة يعمل من خلالها على تضييق هذا الإنقسام في مرحلة تتطلب الإجماع حول بناء المؤسسات السياسية.
ثالثا، ينتخب الناس الرئيس في النظام الديمقراطي لممارسة مهاما محددة قد يتسع نطاقها او يضيق نتيجة عوامل كثيرة لكن سلطة الفرد في النظام الديمقراطي هي دائما محدودة وليست مطلقة.
رابعا، عمل مرسي بنجاح على استيعاب عناصر من مختلف القوى السياسية في مواقع الدولة المختلفة بما في ذلك تعيين عدد منهم كمستشارين للرئيس وذلك لإن مرسي لم يفز فقط باصوات الإسلاميين من اعضاء حزبه ولكن ايضا بدعم من قوى الثورة الأخرى، وايضا لإن المرحلة بطبيعتها تتطلب ردم الفجوة بين الإخوان وغيرهم من القوى الإجتماعية والسياسية.
خامسا، حاول قادة الجيش المصري استغلال الفراغ الدستوري والمؤسسي فعملوا على مصادرة سلطات الرئيس المنتخب خلال الفترة الإنتقالية عن طريق الإعلان الدستوري الذي اصدروه قبل تولي مرسي ورفضه الكثيرون في مصر وخارجها. وقد نجح مرسي ايما نجاح في الإطاحة ليس فقط بذلك الإعلان الدستوري ولكن ايضا بقادة الجيش الذين كانوا يضعون انفسهم فوق الرئيس. وتقبل الكثيرون نجاح مرسي في الإطاحة بالعسكر بارتياح كبير.
سادسا، بدا واضحا ان بعض عناصر القضاء المصري تمثل مشكلة بالنسبة لمرسي ولمصر. وتفاقمت المشكلة عندما بدأ القضاء في التدخل في عمل اللجنة التأسيسة لصياغة الدستور وفي قضايا اخرى بطريقة أكدت ان عناصر النظام القديم داخل القضاء تعمل على اعاقة العملية الإنتقالية..
سابعا، جاء الإعلان الدستوري الذي اصدره مرسي ليمثل خطأء سياسيا كبيرا وجوهريا من عدة جوانب. فمن جهة، فإن مرسي اصدر الإعلان دون ان يأخذ رأي مستشاريه او حتى يستطلع اراء القوى السياسية الأخرى وهو ما يؤشر الى ان مرسي كاي دكتاتور عربي يعين المستشارين ولكنه لا يستشيرهم. من جهة ثانية، كان الإعلان مقبولا ومبررا فيما يتعلق بالإطاحة بالنائب العام و تحصين اللجنة التأسيسيية ومجلس الشورى ضد الحل القضائي، الإ ان القشة التي قصمت ظهر البعير تمثلت في التحصين الشامل لقرارات الرئيس من اي مراجعة قضائية. لقد اعطى الرئيس مرسي لنفسه سلطة يمكنه معها نظريا اصدار الأوامر باعتقال وحتى قتل الناس دون ان يكون للضحايا او اقاربهم او المجتمع بشكل عام حق الطعن في تلك القرارات أمام القضاء. واجمالا، فقد جاء الإعلان الدستوري في بعض مضامينه وفي طريقة اصداره ليس فقط مجافيا لأليات النظام الديمقراطي ولكن ايضا متجاوزا لنطاق التفويض الشعبي المفترض لرئيس الدولة في النظام الديمقراطي.
ثامنا، كان رد الفعل الداخلي والخارجي قويا ومفاجئا لمرسي لكنه لم ينجح في فهم معانيه ولم يوفق في اتخاذ الخطوات المطلوبة لنزع فتيل الأزمة قبل انفجارها وخروجها عن السيطرة كأن يعلن مثلا ومن طرف واحد الغاء المادة السادسة من الإعلان. وفي مواجهة الحشود الضخمة لمعارضي الإعلان واستقالات المستشارين سارع مرسي ومن خلفه الإخوان الى اخراج حشود اكثر عددا وهو الأمر الذي يضر بالوحدة الوطنية ويعمق الإنقسام ويدفع البلاد نحو العنف.
تاسعا، لجأ مرسي والإخوان الى تبريرات تفقتر الى التماسك والسلامة المنطقية وتعكس استهتارا بالالية الديمقراطية والتفويض الشعبي الذي حصل عليه من الناخبين كالقول مثلا بان الإعلان الدستوري جاء كضربة استباقية لإنقلاب كان يتم الإعداد له عن طريق اصدار حكم قضائي بعزل الرئيس، ولو كان هناك مؤامرة بالفعل لكان من الأفضل للرئيس مرسي انتظارحدوثها ثم مواجهتها باعلان دستوري وعندها لن يلومه احد.
عاشرا، لم يستوعب الرئيس مرسي ولا الإخوان ان اساس الشرعية في النظام الديمقراطي هو استمرار قبول الناس بالحاكم وليس الطريقة التي صعد بها أو الفترة المحددة لبقائه في السلطة. لقد جاء الخروج الكبير لمعارضي مرسي اذا ما أخذ جنبا على جنب مع نتائج الإنتخابات ليضع سؤالا حول شرعية مرسي ومدى قبول الناس به بعد الإعلان الدستوري. ومع ان الإخوان في خطابهم يركزون على ان نتائج الإنتخابات متقاربة وتعكس انقساما اجتماعيا حتى في الولايات المتحدة الإ ان ما يغفلونه او ربما لا يفهمونه هو ان الأمريكيين اختاروا اوباما بتفويض محدد لا يمكن له ان يتجاوزه. كما يغفلون ايضا حقيقة ان الأمريكيين لم يخرجوا في تظاهرات ضد اوباما كما فعل المصريون ، ولعل الإخوان في مصر لا يدركون ان خروج الأمريكيين ضد اوباما بالحجم والطريقة التي خرج بها المصريون ضد مرسي سيؤدي في حالة اوباما الى استقالة سريعة للرئيس.
حادي عشر، بينما تستمر ازمة الإعلان الدستوري سارع مرسي ومن طرف واحد ودون حوار أو مشاورات الى تحديد يوم الإستفتاء على الدستور الجديد. وكان امام مرسي فرصة لإن يجعل الإستفتاء على الدستور من جهة وعلى رئاسته من جهة ثانية. لكن مرسي لم يفعل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق