أولا- المرحلة الانتقالية والتي بدأت في 22 مايو 1990 واستمرت حتى 27 إبريل 1993
بدأت هذه المرحلة بقيام الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990 واستمرت حتى 27 ابريل 1993. وقد اتصفت بما يلي:
1- قيام وحدة اندماجية كاملة (دولة موحدة/بسيطة) بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ذابت فيها الشخصية الدولية للدولتين السابقتين في شخصية دولية واحدة. وقد أطلق على الدولة الجديدة "الجمهورية اليمنية." انظر هنا نص اتفاق اعلان الجمهورية اليمنية.
2- تقاسم السلطة بين شريكي الوحدة المؤتمر الشعبي العام (الذي كان يحكم ما عرف بالجمهورية العربية اليمنية أو اليمن الشمالي) والحزب الاشتراكي اليمني (الذي حكم ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أو اليمن الجنوبي) وهو تقاسم لم يقتصر على عضوية المؤسسات السياسية (رئاسة الجمهورية، الحكومة،مجلس النواب) بل امتد إلى كافة مفاصل الدولة بما في ذلك مناصب نواب الوزراء ووكلاء الوزارات وحتى مدراء العموم والتي هي بطبيعتها وظائف إدارية يفترض أن تكون محايدة سياسيا. ويلاحظ أن التقاسم لم يرد صراحة في أي اتفاقية من اتفاقيات الوحدة ولكن جزءا كبير منه كان نتاجا لتلك الاتفاقيات.
3- تم إنشاء مجلس رئاسة ليكون بمثابة القيادة الجماعية للبلاد. وتكون مجلس الرئاسة من خمسة أشخاص؛ ثلاثة يمثلون المؤتمر (علي عبد الله صالح، عبد العزيز عبد الغني، عبد الكريم العرشي) واثنان يمثلان الحزب الاشتراكي (علي سالم البيض، سالم صالح محمد). ومع أن مجلس الرئاسة تم انتخابه من قبل اجتماع مشترك لهيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى (السلطة التشريعية في الجنوب قبل الوحدة) ومجلس الشورى (السلطة التشريعية في الشمال قبل الوحدة) وذلك تنفيذا للمادة الثانية من اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية الإ إن العملية الانتخابية لم تكن سوى إجراء شكلي لتنفيذ الاتفاقات غير المعلنة بشأن توزيع السلطة بين حزبي المؤتمر والإشتراكي. ويلاحظ أن انتخاب مجلس الرئاسة قد تم من قبل اجتماع مشترك للهيئتين الشطريتين وذلك ليضمن كل موقعه في الدولة الجديدة ولضمان عدم حدوث فراغ في السلطة. وقد قام مجلس الرئاسة في أول اجتماع له بانتخاب علي عبد الله صالح (الذي كان رئيسا للجمهورية العربية اليمنية بين عام 1978 وعام 1990) رئيسا للجمهورية اليمنية. كما انتخب المجلس علي سالم البيض الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني نائبا لرئيس المجلس. وكان دستور دولة الوحدة الذي لم يكن قد دخل حيز التنفيذ قد نص على جعل الرئاسة في هيئة جماعية مكونة من خمسة أشخاص عبارة عن رئيس وأربعة أعضاء لكن الدستور لم يذكر وجود منصب نائب الرئيس. (انظر هنا نص اول دستور للجمهورية اليمنية وهو دستور عام 1991)
4- شكل مجلس الرئاسة بموجب السلطة التي أعطيت له في المادة الخامسة من اتفاق إعلان الوحدة اليمنية أول حكومة للجمهورية اليمنية برئاسة المهندس حيدر ابوبكر العطاس (والذي كان يشغل منصب رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قبل الوحدة) وذلك في 24 مايو عام 1990. وقد تكونت تلك الحكومة من 39 وزيرا. الجدير بالذكر أن آخر حكومة تشكلت في الشمال قبل الوحدة هي حكومة السيد عبد العزيز عبد الغني (تشكلت في 31/6/1988) وقد تكونت من 23 وزيرا بالإضافة إلى رئيس الحكومة. أما آخر حكومة تكونت في جنوب اليمن ( رأسها الدكتور ياسين سعيد نعمان في 6 نوفمبر1986) فقد تكونت من 18 وزيرا بالإضافة إلى رئيس الوزراء. وكان واضحا منذ البداية أن الهدف من إنشاء حكومة بهذا الحجم هو إيجاد حقيبة وزارية لكل وزير وسواء أكان في حكومة الشمال السابقة على الوحدة أم في حكومة الجنوب. وباستثناء تعديلات طفيفة فان الغالبية العظمى من الوزراء في آخر حكومة شكلت سواء في الشمال او في الجنوب وجدوا لأنفسهم حقائب وزارية في الحكومة الجديدة التي شكلت بعد يومين من قيام الوحدة. وكانت النتيجة هي قيام حكومة للجمهورية اليمنية تفوق في حجمها حكومات كل من الصين واليابان والولايات المتحدة ويتقاسم مقاعدها كل من المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني (19 للاشتراكي، 20 للمؤتمر). وقد نص إعلان اتفاق قيام الجمهورية اليمنية على أن تمارس تلك الحكومة الجديدة الاختصاصات الموضحة في دستور الجمهورية اليمنية والذي لم يكن قد تم الاستفتاء عليه من قبل الشعب بعد.
5- تكون مجلس النواب (السلطة التشريعية للجمهورية اليمنية) من 301 عضو؛ وذلك على النحو التالي:
أ- أعضاء مجلس الشورى في الشمال وعددهم 159 عضوا 128 تم اختيارهم من قبل المواطنين في انتخابات عامة عقدت في عام 1988 و31 منهم تم تعينهم من قبل رئيس الجمهورية؛
ب- أعضاء مجلس الشعب الأعلى في الجنوب وكان عددهم 111 عضوا وتم انتخابهم في عام 1989؛
ج- 31 عضوا تم تعيينهم في المجلس بقرار من مجلس الرئاسة يوم 24 مايو 1990. ويلاحظ أن رئيس وزراء الجمهورية اليمنية السابق الأستاذ عبد القادر باجمال كان من ضمن الأعضاء الذين عينهم مجلس الرئاسة في مجلس النواب في 24 مايو 1990.
6- شهدت الفترة الانتقالية وضع الأسس الدستورية والقانونية لدولة الوحدة، حيث تم الاستفتاء على دستور الوحدة في منتصف مايو 1991 ليصبح نافذا بعد ذلك بعد أن كانت السلطات المختلفة تستمد شرعيتها من اتفاقية إعلان قيام الجمهورية اليمنية وتنظيم الفترة الانتقالية. كما صدرت خلال الفترة العديد من القوانين بقرارات جمهورية والتي اقتضت الضرورة إصدارها. وقد وافق مجلس النواب على بعضها ولم يوافق على البعض الآخر.
7- شهدت الفترة الانتقالية ظهور الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والصحافة الحزبية والأهلية. بالنسبة للأحزاب التي وجدت بشكل أو بآخر في الشطرين قبل قيام الوحدة رغم المنع والقمع الذي مورس ضدها فقد سمح لها مع قيام الوحدة بالخروج إلى العلن والعمل تحت ضوء الشمس. وبرز العشرات منها إلى ارض الواقع. وكان ابرز الأحزاب التي تأسست خلال الفترة ثم لعبت فيما بعد أدوارا سياسية هامة هو التجمع اليمني للإصلاح الذي أعلن عن قيامه في سبتمبر 1990. بالنسبة للصحف فقد تأسس العديد منها خلال الفترة الانتقالية. ففي عام 1991 مثلا تم تأسيس عدد من ابرز الصحف اليمنية التي تحتل موقعا هاما اليوم وفي مقدمتها صحيفة اليمن تايمز الناطقة باللغة الانجليزية والتي أسسها في فبراير 1991 الأستاذ الدكتور عبد العزيز السقاف وصحيفة الشورى الناطقة باسم اتحاد القوى الشعبية التي ظهر أول عدد منها في 2 مايو، وصحيفة الأمة الناطقة بلسان حزب الحق التي بدأت النشر في 12 سبتمبر عام 1991.
8- عمل كل من المؤتمر والاشتراكي خلال الفترة الانتقالية على توظيف الموارد العامة للدولة بما في ذلك الوظيفة العامة وذلك بغرض تعزيز المواقع وتحقيق مكاسب في الانتخابات البرلمانية. فظهرت أحزاب وصحف وجمعيات ترتبط بهذا الحزب أو ذاك. كما تم إثقال كاهل الخزينة العامة بعشرات (إن لم يكن مئات) الآلاف من الموظفين الوهميين. وترجع كثير من مشاكل اليمن القائمة اليوم في الجانب الإداري إلى السياسات التي اتبعها المؤتمر والاشتراكي خلال الفترة الانتقالية.
9- اتصفت العلاقة بين المؤتمر والاشتراكي خلال الفترة الانتقالية بالتوتر الشديد في معظم الأوقات. ويمكن رد ذلك التوتر إلى الصراع الشديد بين الحزبين على السلطة والى سعي كل طرف إلى تهميش الآخر والى قرابة عقدين من الصراع بين القوى الحاكمة في الشطرين. ويلاحظ أن الحزبين رغم إعلاناتهما المتكررة بإتمام توحيد جميع المؤسسات بما في ذلك القوات المسلحة قد ابقيا على الجيش والأجهزة الأمنية والإعلامية مشطرة.
10- ساهم في تأجيج الصراع بين الطرفين عدد من العوامل أبرزها:
أ- الموقف اليمني من الغزو العراقي للكويت والذي فهم إقليميا ودوليا على انه مساند للعراق حيث أدى ذلك الموقف إلى اتخاذ الدول المجاورة لليمن إجراءات انتقامية كان أبرزها طرد قرابة مليون مغترب من المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى. وفقدت اليمن حينها مئات الملايين من الدولارات التي كانت تضح على شكل تحويلات للمغتربين أو على شكل قروض ومساعدات. وفي نفس الوقت تحمل اليمن عبء إعالة العائدين. وكانت النتيجة هي انهيار الاقتصاد الوطني وتدهور الأحوال المعيشية للمواطنين بشكل غير مسبوق وحدوث قفزات غير طبيعية في معدلات البطالة والتضخم. كما أن الموقف اليمني قد أوغر صدور بعض الدول المجاورة وغير المجاورة فشرعت بالعمل ضد الوحدة اليمنية.
ب- تقاسم السلطة بين الحزبين بالتساوي برغم الفجوة الموجودة بين عدد السكان في الشمال وعدهم في الجنوب. ففي الوقت الذي لم يكن فيه سكان المحافظات الجنوبية يمثلون سوى حوالي الخمس من سكان الشمال فأنهم نالوا نصف السلطة في حين ترك ل80% من سكان اليمن النصف الآخر.
ت- ظهور موجة من الاغتيالات والتفجيرات استهدفت أعضاء الحزب الاشتراكي اليمني وهو ما أدى إلى تعميق الفجوة بين شريكي الوحدة. فالاشتراكيون اتهموا المؤتمر بالوقوف وراء تلك الحوادث.
ث- وقوع أحداث شغب في أواخر عام 1992 في مدن الشمال فقط ودون الجنوب وبالتزامن مع أزمة في العلاقة بين الحزبين وهو ما دفع بالمؤتمر إلى اتهام الاشتراكي بالوقوف خلف تلك الأحداث
ج- غياب الاستقرار السياسي بسبب سعي كل من المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي للانفراد بالسلطة وتهميش الآخر.
11- اعتبرت الفترة الانتقالية من قبل معظم الباحثين في السياسات اليمنية أزهى فترات الديمقراطية (الإنفتاح السياسي) في اليمن. ومن وجهة نظر أولئك الباحثين فانه بالرغم من أن الحزبين الحاكمين لم يسمحا للمواطنين والقوى السياسية الأخرى بامتلاك وسائل الإعلام الجماهيري وهي الأكثر فعالية فان الصراع بين القوتين قد أتاح للقوى السياسية الأخرى على الساحة لعب أدوارا أكثر فعالية وأهمية وذلك عن طريق الاستفادة من الموارد التي يسيطر عليها هذا الطرف أو ذاك.
12- في الوقت الذي واجهت فيه الدولة الجديدة الكثير من التحديات فان حداثة مؤسسات دولة الوحدة والصراع المستمر بين أطراف العملية السياسية قد جعل أداء أول حكومة يمنية يتسم بالضعف الشديد.
13- برغم أن "اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية" قد نص في مادته الثالثة على تحديد فترة انتقالية مدتها سنتين ونصف ابتداء من تاريخ قيام الوحدة يتم خلالها التحضير لانتخابات برلمانية ديمقراطية يتم على أساسها بناء مؤسسات دولة الوحدة على نحو يعكس تفضيلات الناخبين اليمنيين الإ أن المماحكات بين الحزبين الحاكمين قد قادت إلى تمديد الفترة الانتقالية لمدة ستة أشهر أخرى. وبدلا من أن تعقد الانتخابات التي تم الاتفاق عليها في نهاية عام 1992 تم عقدها في ابريل عام 1993.
14- انتهت الفترة الانتقالية بعقد أول انتخابات في تاريخ اليمن تقوم على قاعدة التعددية الحزبية وذلك في 27 ابريل عام 1993. وقد اشرف على تلك الانتخابات لجنة مكونة من 17 عضوا يمثلون 11 حزبا بالإضافة إلى المستقلين (والنساء) الذين تم تمثيلهم بعضوين إحداهما امرأة. وقد أسفرت الانتخابات التي يعدها الباحثون المحايدون الأكثر نزاهة وديمقراطية في تاريخ اليمن عن ظهور ثلاث قوى سياسية على الساحة هي بالترتيب: المؤتمر الشعبي العام وقد حاز على 123 مقعدا، التجمع اليمني للإصلاح وقد حصل على 62 مقعدا، ثم الحزب الاشتراكي وقد حصل على 56 مقعدا. وإذا كان فوز المؤتمر والاشتراكي قد مثل تحصيل حاصل فان ظهور لإصلاح كقوة سياسية جديدة قد مثل ابرز إفرازات تلك المرحلة.
ثانيا- مرحلة الائتلاف الثلاثي: إبريل 1993 إلى إبريل 1994:
اتسمت المرحلة التالية لانتخابات ابريل عام 1993 بالخصائص التالية:
1- تشكيل حكومة ائتلافية من ثلاثة أحزاب هي المؤتمر والإصلاح والاشتراكي. وقد نتج عن ذلك سعي الأحزاب الثلاثة كل على حده أو في تحالف مع حزب آخر إلى تعزيز مواقعها في أجهزة الدولة وفي منظمات المجتمع المدني وهو ما شكل تعزيزا لما بدأه الاشتراكي والمؤتمر خلال الفترة الانتقالية من تسييس للوظيفة العامة
2- إلغاء مبدأ القسمة على اثنين بالتساوي والذي كان معمول به خلال الفترة الانتقالية. وقد تم الإلغاء لسببين: الأول، هو دخول شريك جديد في السلطة، والثاني هو النتائج المتواضعة التي حققها الحزب الاشتراكي في الانتخابات والتي اقتصرت بشكل عام على دوائر الجنوب الذي كان ما يزال تحت سيطرة الحزب إلى حد الكبير. وبرغم أن الحزب الاشتراكي ظل محتفظا بنصيب معقول من السلطة تفوق تمثيله في مجلس النواب الا أن الصراع ما لبث أن تمحور حول نصيب الشريكين في السلطة. فالمؤتمر، ويسانده الإصلاح في ذلك، سعى، ربما بأسرع مما ينبغي، إلى تقليص سلطات الاشتراكي ومواقعه في الدولة رافعا شعار الشرعية الديمقراطية (نتائج انتخابات ابريل 1993). أما الاشتراكي فقد قاوم بشدة مثل ذلك التوجه مستندا في ذلك إلى شرعية الوحدة. ويتضح من الصراع الذي نشأ أن الحزبين اللذين كان لهما الفضل في توحيد البلاد لم يؤمنا بالديمقراطية ولم ينظرا إليها كحل للصراع حول السلطة وان كل منهما كان يراهن على الانتخابات في جهوده لإقصاء الآخر.
3- كان هناك عدة عوامل محلية وإقليمية ساعدت على تصعيد الصراع بين المؤتمر والاشتراكي، أهمها:
أ- التدهور الاقتصادي الذي ترتب على طرد ما يقارب المليون يمني من السعودية وعلى قطع المساعدات التي كانت تتدفق على اليمن
ب- سعي بعض الدول إلى تصفية الحسابات مع اليمن بسبب موقف الحكومة اليمنية من الغزو العراقي للكويت
ج- الإبقاء على القوات المسلحة وأجهزة الأمن والإعلام مشطرة
د- الموقف الدولي من الأزمة والذي اتسم باللامبالاة إلى حد كبير
ه- استهداف قادة الحزب الاشتراكي بحملة من الحوادث الإرهابية
و- الشلل الذي أصاب مؤسسات الدولة وخصوصا مجلس الرئاسة والحكومة
ز- ضعف القوى الأخرى وعدم قدرتها على أن تشكل عاملا مستقلا في معالجة الأزمة
4- برغم الجهود المحلية والإقليمية فقد تصعدت الأزمة حتى وصلت إلى مرحلة الحرب الشاملة في مايو 1994. وقد أعلن الحزب الاشتراكي الانفصال في 21 مايو 1994 لكن ذلك الإعلان لم يحظ سوى باعتراف جمهورية ارض الصومال والتي لم يكن أحدا قد اعترف بها أصلا. بالنسبة للدول المجاورة الداعمة للاشتراكي فقد لاقت حرجا كبيرا في الاعتراف بالدولة الانفصالية. وبدلا من الاعتراف بالدولة الجديدة سعت إلى حشد التأييد والدعم الدولي لها. لكن المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة كان له وجهة نظر مختلفة. فالأمريكيون وان كانوا قد شجعوا فكرة طرح الموضوع على مجلس الأمن الدولي الإ إنهم لم يحبذوا فكرة الانفصال. وقد رأوا أن الاعتراف بالدولة الانفصالية سيؤدي إلى تطويل الحرب مع ما يمكن أن تجلبه تلك الحرب من مخاطر على الاستقرار في الخليج العربي الذي يعتبر اكبر بحيرة نفطية في العالم. كما أن الأمريكيين لم يكونوا يثقوا بقادة الاشتراكي الذين كان لهم مع الولايات المتحدة عداوة تاريخية. ومع أن الحرب لم تدم سوى سبعين يوما الا أنها أدت إلى خسائر فادحة تكبدها اليمنيون في الأموال والأرواح. ولعل ابرز الخسائر بعد الأرواح تمثلت في الدمار الذي لحق بالتسلح اليمني والذي يجعل بعض المحللين يذهبون إلى القول بأن تلك الحرب الأهلية الخاطفة قد حققت أهداف القوى الإقليمية والدولية في القضاء على ترسانة الأسلحة اليمنية التي كانت تقلق تلك القوى كثيرا.
5- انتهت الحرب الأهلية بهزيمة الحزب الاشتراكي وانتصار المؤتمر والقوى الدائرة في فلكه وفي مقدمتها الإصلاح. وتم الحفاظ على الوحدة اليمنية وان بثمن باهظ قدمه الكثير من اليمنيين. وقد أدت الحرب وما تبعها من أعمال نهب وسلب للمرافق والممتلكات العامة والحزبية إلى القضاء التام على بنية الدولة الجنوبية. وتم نهب مقرات وممتلكات الحزب الاشتراكي . وفر قادة الاشتراكي المدنيين منهم والعسكريين إلى الدول المجاورة.
ثالثا- مرحلة الائتلاف الثنائي: 1994 وحتى 1997:
اتسمت الفترة التالية لحرب عام 1994 بالاتي:
1- تم إخراج الحزب الاشتراكي من السلطة وتشكيل حكومة ائتلافية (في 6 أكتوبر 1994) من كل من حزب المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح وذلك برئاسة الأستاذ عبد العزيز عبد الغني. وقد أعطي للإصلاح بالإضافة إلى منصب نائب رئيس وزراء، وزارات الكهرباء، العدل، الثروة السمكية، الصحة، والإدارة المحلية، ثم أعطي التموين في تعديل وزاري في عام 1995. ثم سحبت التموين من الإصلاح وأعطي بدلا عنها التربية والتعليم وقد تم تمثيل المحافظات الجنوبية ببعض الشخصيات السياسية التي تنتمي إما إلى التجمع اليمني للإصلاح أو إلى ما عرف بجناح علي ناصر محمد وهو الجناح الذي خرج من عدن بعد أحداث عام 1986 الدموية. وكان جناح علي ناصر بمن في ذلك عبدربه منصور هادي نائب الرئيس الآن قد حارب مع المؤتمر ضد الاشتراكي واندمج في المؤتمر الشعبي العام.
2- تم إجراء تعديلات واسعة على الدستور بحيث تم استبدال نظام الرئاسة الجماعية (مجلس الرئاسة) بنظام الرئاسة الفردية (رئيس الجمهورية) وتركيز السلطة في يد رئيس الجمهورية وعلى نحو، من وجهة نظر البعض، أضعف السلطتين التشريعية والقضائية. كما تم أيضا إجراء تعديلات على الدستور تلبي المطالب التي كان التجمع اليمني للإصلاح قد طرحها بقوة قبل الاستفتاء على الدستور في عام 1991 والمتصلة بتغيير المواد التي رأى التجمع اليمني للإصلاح أنها تتعارض مع الشريعة الإسلامية. ففي حين نصت المادة الثالثة من الدستور المستفتى عليه في عام 1991 على "الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع" وهو ما عارضه الإصلاحيون بشدة تم تعديل المادة بعد الحرب بحيث تقرأ "الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات"
3- تدهور العلاقة بين المؤتمر والإصلاح. ففي حين رأى الإصلاح نفسه الوريث الشرعي لحصة الاشتراكي في السلطة، رأى المؤتمر في زيادة قوة الإصلاح خطرا ينبغي العمل على تجنبه. وقد تمثلت نقاط الاختلاف بين الحزبين في موضوعات الإصلاح الاقتصادي، قيام وزراء الإصلاح في الحكومة بالعمل على تغيير موظفي الجهات التي يديرها الإصلاح بغيرهم من أعضاء التجمع اليمني للإصلاح.
4- سعي المؤتمر الشعبي العام إلى إضعاف الإصلاح والأحزاب السياسية الأخرى والتراجع التدريجي عن العملية الديمقراطية وآلياتها وهو التراجع الذي أدى إلى مقاطعة بعض الأحزاب ومنها الحزب الاشتراكي اليمني وحزب رابطة ابناء اليمن لانتخابات عام 1997 البرلمانية.
5- تزايد الضغوط السعودية على اليمن بشأن قضية الحدود
6- البدء ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع المؤسسات المالية الدولية
رابعا- مرحلة حكم الحزب الواحد: ابريل 1997 وحتى الآن:
أستمر التحالف الثنائي، وان على مضض، بين المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح حتى انتخابات 1997 والتي تمكن فيها المؤتمر الشعبي العام من الحصول على أغلبية كبيرة (227 مقعدا من أصل 301) ثم ارتفعت إلى (229) في انتخابات 2003 . و حصل الإصلاح على 63 مقعدا في انتخابات 1997. وقد تمكن المؤتمر بفضل الأغلبية الكبيرة التي حصل عليها وبفضل عوامل أخرى من الانفراد بالحكم حيث شكل كافة الحكومات المتعاقبة منذ 1997 ودون شراكة من أي حزب آخر. والمقصود بحكم الحزب الواحد هنا هو أن النظام الحزبي الذي تبلور في اليمن بعد عام 1997 يتصف بالاتي: أ- هناك عدة أحزاب موجودة على الساحة اليمنية، ب- هناك حزب واحد فقط يشكل الحكومة كل مرة. ويختلف نظام الحزب الواحد عن نظام الحزب الوحيد. ففي الحالة الثانية هناك حزب واحد فقط في البلاد كما هو الحال في دول مثل الصين وكوبا. أما الأحزاب الأخرى فغير مسموح لها بالتنظيم.
وقد تميزت المرحلة بالاتي:
1- تشكيل المؤتمر الشعبي العام لخمس حكومات برئاسة فرج بن غانم، عبد الكريم الإرياني، عبد القادر باجمال، ثم الدكتور علي محمد مجور. وقد حظي الدكتور فرج بن غانم (تولى الوزارة في منتصف مايو 1997) وهو اقتصادي يمني حضرمي المولد بشعبية واسعة وخصوصا بعد أن استقال من رئاسة الحكومة قبل أن يكمل السنة في رئاستها. وكان سبب الاستقالة هو مطالبة بن غانم بإقالة بعض الوزراء من العيار الثقيل قبل المضي قدما في تنفيذ بعض السياسات الاقتصادية الصعبة وهو الأمر الذي رفضته الرئاسة حينها. ثم تولى رئاسة الحكومة بعد ذلك الدكتور عبد الكريم الإرياني الذي كان مهندس مشروع الأغلبية المؤتمرية الكبيرة. لكن حكومة الإرياني واجهت صعوبات بالغة في تنفيذ الإصلاحات السعرية. وتولى رئاسة الحكومة بعد ذلك عبد القادر باجمال في ابريل 2001. ثم اسندت الحكومة الى الدكتور مجور في عام 2007.
2- سعي المؤتمر الشعبي العام إلى خلق قاعدة سياسية واسعة تمكنه من الحصول على أغلبية كبيرة ومستقرة في الانتخابات بأنواعها. وقد تم له ذلك في كل انتخابات أجريت منذ عام 1997 وتبلغ عدد المقاعد البرلمانية التي يسيطر عليها المؤتمر حاليا حوالي 246 مقعدا في المجلس الحالي. وتشكو أحزاب المعارضة من أن المؤتمر حقق ذلك عن طريق استغلال الموارد العامة بما في ذلك الوظيفة العامة والمال العام والقوات المسلحة والأمن وعن طريق سيطرته على اللجنة العليا للانتخابات. وهناك شكاوي متكررة من أن الحزب الحاكم قد قام بتكريس وتوسيع عملية التسييس للوظيفة العامة بحيث أصبحت عضوية المؤتمر الشعبي العام وليس الكفاءة أو الأقدمية أو الحفاظ على المال العام هي الشرط الأساسي لتولي الوظائف في كافة القطاعات بما في ذلك إدارات المدارس والمستوصفات والمستفشيات والجامعات والكليات وحتى رؤساء الأقسام في الجامعات. وفي الوقت الذي وسع فيه المؤتمر نفوذه في أجهزة الدولة فانه عمل على تصفية نفوذ الأحزاب الأخرى وفي مقدمتها الإصلاح والاشتراكي.
3- شهدت الفترة الاهتمام بمشاريع البنية الأساسية وخصوصا الطرقات الإ أن التطور في هذا القطاع قد تأثر كثيرا بسبب الفساد وضعف التنفيذ ولم ينعكس التحسن المحدود الذي شهده القطاع على حركة الاقتصاد اليمني وعلى تحسن مستوى المعيشة لليمنيين.
4- أدى انفراد الحزب الحاكم بالسلطة إلى تفاقم الفساد. وهناك تفسيرات كثيرة تقدم لظاهرة الفساد من قبل الحزب الحاكم والمعارضة.
5- شهدت الفترة حل الخلافات الحدودية مع السعودية واريتريا. وبالنسبة للخلاف الحدودي مع السعودية والذي تعود جذوره إلى عام 1934 فانه وفقا لبعض أحزاب المعارضة والمستقلين قد تم على حساب الحقوق التاريخية لليمن. فبرغم أهمية تطبيع العلاقات مع السعودية وإزالة التوتر بين البلدين الجارين الا أن السعودية وحتى الآن لم تقم بتعويض اليمنيين عما لحقهم من غبن سواء عن طريق دعم مشاريع التنمية أو إعطاء اليمنيين تسهيلات في السعودية.
6- استمرار تدهور العلاقة بين المؤتمر والإصلاح حيث قام المؤتمر الشعبي العام بدمج المعاهد العلمية التي كان يسيطر عليها الإصلاح في التعليم العام.
7- انتظام الانتخابات حيث شهدت الفترة انتخابات رئاسية في عام 1999 ثم انتخابات المجالس المحلية في عام 2001 ثم الانتخابات التشريعية (النيابية) الثالثة في عام 2003.
8- تعديل الدستور في عام 2001 بحيث مددت فترة الخدمة لرئيس الجمهورية إلى 7 سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط. كما مددت الفترة لمجلس النواب إلى ست سنوات. وتم استحداث مجلس شورى معين. وترى المعارضة أن تلك الإجراءات صبت في مصلحة الحزب الحاكم.
9- ظهور مجلس التنسيق المشترك كتكتل لأحزاب المعارضة حيث يضم في الوقت الحالي أحزاب الإصلاح، الاشتراكي، التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، الحق، القوى الشعبية، والبعث العربي الاشتراكي. وقد مر المجلس منذ عام 1997 بمراحل انقسام ثم التائم
10- الهجوم على المدمرة الأمريكية يو اس اس كول في خليج عدن في عام 2001، والهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة في عام 2001، والهجوم على ناقلة النفط الفرنسية ليمبرج في عام 2002 ودخول اليمن شريكا للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب بعد أحداث سبتمبر.
11- حدوث المصادمات بين القوات الحكومية وأتباع الحوثي عام 2004 ثم تجددها في عام 2005 ثم في عام 2006، ثم في عامي 2007 و 2008 مع ما ترتب على تلك المصادمات من مضاعفات
13- ظهور الضغوط الدولية على اليمن والتي تطالبها القيام بإصلاحات وبالذات في جانب محاربة الفساد
14- قيام اول انتخابات تنافسية رئاسية في سبتمبر 2006، وظهور اللقاء المشترك كتجمع لعدد من احزاب المعارضة اليمنية ونزوله بمنافس للرئيس صالح.
15. ظهور الحراك في المحافظات الجنوبية والشرقية خلال عامي 2007-2008
بدأت هذه المرحلة بقيام الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990 واستمرت حتى 27 ابريل 1993. وقد اتصفت بما يلي:
1- قيام وحدة اندماجية كاملة (دولة موحدة/بسيطة) بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ذابت فيها الشخصية الدولية للدولتين السابقتين في شخصية دولية واحدة. وقد أطلق على الدولة الجديدة "الجمهورية اليمنية." انظر هنا نص اتفاق اعلان الجمهورية اليمنية.
2- تقاسم السلطة بين شريكي الوحدة المؤتمر الشعبي العام (الذي كان يحكم ما عرف بالجمهورية العربية اليمنية أو اليمن الشمالي) والحزب الاشتراكي اليمني (الذي حكم ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أو اليمن الجنوبي) وهو تقاسم لم يقتصر على عضوية المؤسسات السياسية (رئاسة الجمهورية، الحكومة،مجلس النواب) بل امتد إلى كافة مفاصل الدولة بما في ذلك مناصب نواب الوزراء ووكلاء الوزارات وحتى مدراء العموم والتي هي بطبيعتها وظائف إدارية يفترض أن تكون محايدة سياسيا. ويلاحظ أن التقاسم لم يرد صراحة في أي اتفاقية من اتفاقيات الوحدة ولكن جزءا كبير منه كان نتاجا لتلك الاتفاقيات.
3- تم إنشاء مجلس رئاسة ليكون بمثابة القيادة الجماعية للبلاد. وتكون مجلس الرئاسة من خمسة أشخاص؛ ثلاثة يمثلون المؤتمر (علي عبد الله صالح، عبد العزيز عبد الغني، عبد الكريم العرشي) واثنان يمثلان الحزب الاشتراكي (علي سالم البيض، سالم صالح محمد). ومع أن مجلس الرئاسة تم انتخابه من قبل اجتماع مشترك لهيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى (السلطة التشريعية في الجنوب قبل الوحدة) ومجلس الشورى (السلطة التشريعية في الشمال قبل الوحدة) وذلك تنفيذا للمادة الثانية من اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية الإ إن العملية الانتخابية لم تكن سوى إجراء شكلي لتنفيذ الاتفاقات غير المعلنة بشأن توزيع السلطة بين حزبي المؤتمر والإشتراكي. ويلاحظ أن انتخاب مجلس الرئاسة قد تم من قبل اجتماع مشترك للهيئتين الشطريتين وذلك ليضمن كل موقعه في الدولة الجديدة ولضمان عدم حدوث فراغ في السلطة. وقد قام مجلس الرئاسة في أول اجتماع له بانتخاب علي عبد الله صالح (الذي كان رئيسا للجمهورية العربية اليمنية بين عام 1978 وعام 1990) رئيسا للجمهورية اليمنية. كما انتخب المجلس علي سالم البيض الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني نائبا لرئيس المجلس. وكان دستور دولة الوحدة الذي لم يكن قد دخل حيز التنفيذ قد نص على جعل الرئاسة في هيئة جماعية مكونة من خمسة أشخاص عبارة عن رئيس وأربعة أعضاء لكن الدستور لم يذكر وجود منصب نائب الرئيس. (انظر هنا نص اول دستور للجمهورية اليمنية وهو دستور عام 1991)
4- شكل مجلس الرئاسة بموجب السلطة التي أعطيت له في المادة الخامسة من اتفاق إعلان الوحدة اليمنية أول حكومة للجمهورية اليمنية برئاسة المهندس حيدر ابوبكر العطاس (والذي كان يشغل منصب رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قبل الوحدة) وذلك في 24 مايو عام 1990. وقد تكونت تلك الحكومة من 39 وزيرا. الجدير بالذكر أن آخر حكومة تشكلت في الشمال قبل الوحدة هي حكومة السيد عبد العزيز عبد الغني (تشكلت في 31/6/1988) وقد تكونت من 23 وزيرا بالإضافة إلى رئيس الحكومة. أما آخر حكومة تكونت في جنوب اليمن ( رأسها الدكتور ياسين سعيد نعمان في 6 نوفمبر1986) فقد تكونت من 18 وزيرا بالإضافة إلى رئيس الوزراء. وكان واضحا منذ البداية أن الهدف من إنشاء حكومة بهذا الحجم هو إيجاد حقيبة وزارية لكل وزير وسواء أكان في حكومة الشمال السابقة على الوحدة أم في حكومة الجنوب. وباستثناء تعديلات طفيفة فان الغالبية العظمى من الوزراء في آخر حكومة شكلت سواء في الشمال او في الجنوب وجدوا لأنفسهم حقائب وزارية في الحكومة الجديدة التي شكلت بعد يومين من قيام الوحدة. وكانت النتيجة هي قيام حكومة للجمهورية اليمنية تفوق في حجمها حكومات كل من الصين واليابان والولايات المتحدة ويتقاسم مقاعدها كل من المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني (19 للاشتراكي، 20 للمؤتمر). وقد نص إعلان اتفاق قيام الجمهورية اليمنية على أن تمارس تلك الحكومة الجديدة الاختصاصات الموضحة في دستور الجمهورية اليمنية والذي لم يكن قد تم الاستفتاء عليه من قبل الشعب بعد.
5- تكون مجلس النواب (السلطة التشريعية للجمهورية اليمنية) من 301 عضو؛ وذلك على النحو التالي:
أ- أعضاء مجلس الشورى في الشمال وعددهم 159 عضوا 128 تم اختيارهم من قبل المواطنين في انتخابات عامة عقدت في عام 1988 و31 منهم تم تعينهم من قبل رئيس الجمهورية؛
ب- أعضاء مجلس الشعب الأعلى في الجنوب وكان عددهم 111 عضوا وتم انتخابهم في عام 1989؛
ج- 31 عضوا تم تعيينهم في المجلس بقرار من مجلس الرئاسة يوم 24 مايو 1990. ويلاحظ أن رئيس وزراء الجمهورية اليمنية السابق الأستاذ عبد القادر باجمال كان من ضمن الأعضاء الذين عينهم مجلس الرئاسة في مجلس النواب في 24 مايو 1990.
6- شهدت الفترة الانتقالية وضع الأسس الدستورية والقانونية لدولة الوحدة، حيث تم الاستفتاء على دستور الوحدة في منتصف مايو 1991 ليصبح نافذا بعد ذلك بعد أن كانت السلطات المختلفة تستمد شرعيتها من اتفاقية إعلان قيام الجمهورية اليمنية وتنظيم الفترة الانتقالية. كما صدرت خلال الفترة العديد من القوانين بقرارات جمهورية والتي اقتضت الضرورة إصدارها. وقد وافق مجلس النواب على بعضها ولم يوافق على البعض الآخر.
7- شهدت الفترة الانتقالية ظهور الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والصحافة الحزبية والأهلية. بالنسبة للأحزاب التي وجدت بشكل أو بآخر في الشطرين قبل قيام الوحدة رغم المنع والقمع الذي مورس ضدها فقد سمح لها مع قيام الوحدة بالخروج إلى العلن والعمل تحت ضوء الشمس. وبرز العشرات منها إلى ارض الواقع. وكان ابرز الأحزاب التي تأسست خلال الفترة ثم لعبت فيما بعد أدوارا سياسية هامة هو التجمع اليمني للإصلاح الذي أعلن عن قيامه في سبتمبر 1990. بالنسبة للصحف فقد تأسس العديد منها خلال الفترة الانتقالية. ففي عام 1991 مثلا تم تأسيس عدد من ابرز الصحف اليمنية التي تحتل موقعا هاما اليوم وفي مقدمتها صحيفة اليمن تايمز الناطقة باللغة الانجليزية والتي أسسها في فبراير 1991 الأستاذ الدكتور عبد العزيز السقاف وصحيفة الشورى الناطقة باسم اتحاد القوى الشعبية التي ظهر أول عدد منها في 2 مايو، وصحيفة الأمة الناطقة بلسان حزب الحق التي بدأت النشر في 12 سبتمبر عام 1991.
8- عمل كل من المؤتمر والاشتراكي خلال الفترة الانتقالية على توظيف الموارد العامة للدولة بما في ذلك الوظيفة العامة وذلك بغرض تعزيز المواقع وتحقيق مكاسب في الانتخابات البرلمانية. فظهرت أحزاب وصحف وجمعيات ترتبط بهذا الحزب أو ذاك. كما تم إثقال كاهل الخزينة العامة بعشرات (إن لم يكن مئات) الآلاف من الموظفين الوهميين. وترجع كثير من مشاكل اليمن القائمة اليوم في الجانب الإداري إلى السياسات التي اتبعها المؤتمر والاشتراكي خلال الفترة الانتقالية.
9- اتصفت العلاقة بين المؤتمر والاشتراكي خلال الفترة الانتقالية بالتوتر الشديد في معظم الأوقات. ويمكن رد ذلك التوتر إلى الصراع الشديد بين الحزبين على السلطة والى سعي كل طرف إلى تهميش الآخر والى قرابة عقدين من الصراع بين القوى الحاكمة في الشطرين. ويلاحظ أن الحزبين رغم إعلاناتهما المتكررة بإتمام توحيد جميع المؤسسات بما في ذلك القوات المسلحة قد ابقيا على الجيش والأجهزة الأمنية والإعلامية مشطرة.
10- ساهم في تأجيج الصراع بين الطرفين عدد من العوامل أبرزها:
أ- الموقف اليمني من الغزو العراقي للكويت والذي فهم إقليميا ودوليا على انه مساند للعراق حيث أدى ذلك الموقف إلى اتخاذ الدول المجاورة لليمن إجراءات انتقامية كان أبرزها طرد قرابة مليون مغترب من المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى. وفقدت اليمن حينها مئات الملايين من الدولارات التي كانت تضح على شكل تحويلات للمغتربين أو على شكل قروض ومساعدات. وفي نفس الوقت تحمل اليمن عبء إعالة العائدين. وكانت النتيجة هي انهيار الاقتصاد الوطني وتدهور الأحوال المعيشية للمواطنين بشكل غير مسبوق وحدوث قفزات غير طبيعية في معدلات البطالة والتضخم. كما أن الموقف اليمني قد أوغر صدور بعض الدول المجاورة وغير المجاورة فشرعت بالعمل ضد الوحدة اليمنية.
ب- تقاسم السلطة بين الحزبين بالتساوي برغم الفجوة الموجودة بين عدد السكان في الشمال وعدهم في الجنوب. ففي الوقت الذي لم يكن فيه سكان المحافظات الجنوبية يمثلون سوى حوالي الخمس من سكان الشمال فأنهم نالوا نصف السلطة في حين ترك ل80% من سكان اليمن النصف الآخر.
ت- ظهور موجة من الاغتيالات والتفجيرات استهدفت أعضاء الحزب الاشتراكي اليمني وهو ما أدى إلى تعميق الفجوة بين شريكي الوحدة. فالاشتراكيون اتهموا المؤتمر بالوقوف وراء تلك الحوادث.
ث- وقوع أحداث شغب في أواخر عام 1992 في مدن الشمال فقط ودون الجنوب وبالتزامن مع أزمة في العلاقة بين الحزبين وهو ما دفع بالمؤتمر إلى اتهام الاشتراكي بالوقوف خلف تلك الأحداث
ج- غياب الاستقرار السياسي بسبب سعي كل من المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي للانفراد بالسلطة وتهميش الآخر.
11- اعتبرت الفترة الانتقالية من قبل معظم الباحثين في السياسات اليمنية أزهى فترات الديمقراطية (الإنفتاح السياسي) في اليمن. ومن وجهة نظر أولئك الباحثين فانه بالرغم من أن الحزبين الحاكمين لم يسمحا للمواطنين والقوى السياسية الأخرى بامتلاك وسائل الإعلام الجماهيري وهي الأكثر فعالية فان الصراع بين القوتين قد أتاح للقوى السياسية الأخرى على الساحة لعب أدوارا أكثر فعالية وأهمية وذلك عن طريق الاستفادة من الموارد التي يسيطر عليها هذا الطرف أو ذاك.
12- في الوقت الذي واجهت فيه الدولة الجديدة الكثير من التحديات فان حداثة مؤسسات دولة الوحدة والصراع المستمر بين أطراف العملية السياسية قد جعل أداء أول حكومة يمنية يتسم بالضعف الشديد.
13- برغم أن "اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية" قد نص في مادته الثالثة على تحديد فترة انتقالية مدتها سنتين ونصف ابتداء من تاريخ قيام الوحدة يتم خلالها التحضير لانتخابات برلمانية ديمقراطية يتم على أساسها بناء مؤسسات دولة الوحدة على نحو يعكس تفضيلات الناخبين اليمنيين الإ أن المماحكات بين الحزبين الحاكمين قد قادت إلى تمديد الفترة الانتقالية لمدة ستة أشهر أخرى. وبدلا من أن تعقد الانتخابات التي تم الاتفاق عليها في نهاية عام 1992 تم عقدها في ابريل عام 1993.
14- انتهت الفترة الانتقالية بعقد أول انتخابات في تاريخ اليمن تقوم على قاعدة التعددية الحزبية وذلك في 27 ابريل عام 1993. وقد اشرف على تلك الانتخابات لجنة مكونة من 17 عضوا يمثلون 11 حزبا بالإضافة إلى المستقلين (والنساء) الذين تم تمثيلهم بعضوين إحداهما امرأة. وقد أسفرت الانتخابات التي يعدها الباحثون المحايدون الأكثر نزاهة وديمقراطية في تاريخ اليمن عن ظهور ثلاث قوى سياسية على الساحة هي بالترتيب: المؤتمر الشعبي العام وقد حاز على 123 مقعدا، التجمع اليمني للإصلاح وقد حصل على 62 مقعدا، ثم الحزب الاشتراكي وقد حصل على 56 مقعدا. وإذا كان فوز المؤتمر والاشتراكي قد مثل تحصيل حاصل فان ظهور لإصلاح كقوة سياسية جديدة قد مثل ابرز إفرازات تلك المرحلة.
ثانيا- مرحلة الائتلاف الثلاثي: إبريل 1993 إلى إبريل 1994:
اتسمت المرحلة التالية لانتخابات ابريل عام 1993 بالخصائص التالية:
1- تشكيل حكومة ائتلافية من ثلاثة أحزاب هي المؤتمر والإصلاح والاشتراكي. وقد نتج عن ذلك سعي الأحزاب الثلاثة كل على حده أو في تحالف مع حزب آخر إلى تعزيز مواقعها في أجهزة الدولة وفي منظمات المجتمع المدني وهو ما شكل تعزيزا لما بدأه الاشتراكي والمؤتمر خلال الفترة الانتقالية من تسييس للوظيفة العامة
2- إلغاء مبدأ القسمة على اثنين بالتساوي والذي كان معمول به خلال الفترة الانتقالية. وقد تم الإلغاء لسببين: الأول، هو دخول شريك جديد في السلطة، والثاني هو النتائج المتواضعة التي حققها الحزب الاشتراكي في الانتخابات والتي اقتصرت بشكل عام على دوائر الجنوب الذي كان ما يزال تحت سيطرة الحزب إلى حد الكبير. وبرغم أن الحزب الاشتراكي ظل محتفظا بنصيب معقول من السلطة تفوق تمثيله في مجلس النواب الا أن الصراع ما لبث أن تمحور حول نصيب الشريكين في السلطة. فالمؤتمر، ويسانده الإصلاح في ذلك، سعى، ربما بأسرع مما ينبغي، إلى تقليص سلطات الاشتراكي ومواقعه في الدولة رافعا شعار الشرعية الديمقراطية (نتائج انتخابات ابريل 1993). أما الاشتراكي فقد قاوم بشدة مثل ذلك التوجه مستندا في ذلك إلى شرعية الوحدة. ويتضح من الصراع الذي نشأ أن الحزبين اللذين كان لهما الفضل في توحيد البلاد لم يؤمنا بالديمقراطية ولم ينظرا إليها كحل للصراع حول السلطة وان كل منهما كان يراهن على الانتخابات في جهوده لإقصاء الآخر.
3- كان هناك عدة عوامل محلية وإقليمية ساعدت على تصعيد الصراع بين المؤتمر والاشتراكي، أهمها:
أ- التدهور الاقتصادي الذي ترتب على طرد ما يقارب المليون يمني من السعودية وعلى قطع المساعدات التي كانت تتدفق على اليمن
ب- سعي بعض الدول إلى تصفية الحسابات مع اليمن بسبب موقف الحكومة اليمنية من الغزو العراقي للكويت
ج- الإبقاء على القوات المسلحة وأجهزة الأمن والإعلام مشطرة
د- الموقف الدولي من الأزمة والذي اتسم باللامبالاة إلى حد كبير
ه- استهداف قادة الحزب الاشتراكي بحملة من الحوادث الإرهابية
و- الشلل الذي أصاب مؤسسات الدولة وخصوصا مجلس الرئاسة والحكومة
ز- ضعف القوى الأخرى وعدم قدرتها على أن تشكل عاملا مستقلا في معالجة الأزمة
4- برغم الجهود المحلية والإقليمية فقد تصعدت الأزمة حتى وصلت إلى مرحلة الحرب الشاملة في مايو 1994. وقد أعلن الحزب الاشتراكي الانفصال في 21 مايو 1994 لكن ذلك الإعلان لم يحظ سوى باعتراف جمهورية ارض الصومال والتي لم يكن أحدا قد اعترف بها أصلا. بالنسبة للدول المجاورة الداعمة للاشتراكي فقد لاقت حرجا كبيرا في الاعتراف بالدولة الانفصالية. وبدلا من الاعتراف بالدولة الجديدة سعت إلى حشد التأييد والدعم الدولي لها. لكن المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة كان له وجهة نظر مختلفة. فالأمريكيون وان كانوا قد شجعوا فكرة طرح الموضوع على مجلس الأمن الدولي الإ إنهم لم يحبذوا فكرة الانفصال. وقد رأوا أن الاعتراف بالدولة الانفصالية سيؤدي إلى تطويل الحرب مع ما يمكن أن تجلبه تلك الحرب من مخاطر على الاستقرار في الخليج العربي الذي يعتبر اكبر بحيرة نفطية في العالم. كما أن الأمريكيين لم يكونوا يثقوا بقادة الاشتراكي الذين كان لهم مع الولايات المتحدة عداوة تاريخية. ومع أن الحرب لم تدم سوى سبعين يوما الا أنها أدت إلى خسائر فادحة تكبدها اليمنيون في الأموال والأرواح. ولعل ابرز الخسائر بعد الأرواح تمثلت في الدمار الذي لحق بالتسلح اليمني والذي يجعل بعض المحللين يذهبون إلى القول بأن تلك الحرب الأهلية الخاطفة قد حققت أهداف القوى الإقليمية والدولية في القضاء على ترسانة الأسلحة اليمنية التي كانت تقلق تلك القوى كثيرا.
5- انتهت الحرب الأهلية بهزيمة الحزب الاشتراكي وانتصار المؤتمر والقوى الدائرة في فلكه وفي مقدمتها الإصلاح. وتم الحفاظ على الوحدة اليمنية وان بثمن باهظ قدمه الكثير من اليمنيين. وقد أدت الحرب وما تبعها من أعمال نهب وسلب للمرافق والممتلكات العامة والحزبية إلى القضاء التام على بنية الدولة الجنوبية. وتم نهب مقرات وممتلكات الحزب الاشتراكي . وفر قادة الاشتراكي المدنيين منهم والعسكريين إلى الدول المجاورة.
ثالثا- مرحلة الائتلاف الثنائي: 1994 وحتى 1997:
اتسمت الفترة التالية لحرب عام 1994 بالاتي:
1- تم إخراج الحزب الاشتراكي من السلطة وتشكيل حكومة ائتلافية (في 6 أكتوبر 1994) من كل من حزب المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح وذلك برئاسة الأستاذ عبد العزيز عبد الغني. وقد أعطي للإصلاح بالإضافة إلى منصب نائب رئيس وزراء، وزارات الكهرباء، العدل، الثروة السمكية، الصحة، والإدارة المحلية، ثم أعطي التموين في تعديل وزاري في عام 1995. ثم سحبت التموين من الإصلاح وأعطي بدلا عنها التربية والتعليم وقد تم تمثيل المحافظات الجنوبية ببعض الشخصيات السياسية التي تنتمي إما إلى التجمع اليمني للإصلاح أو إلى ما عرف بجناح علي ناصر محمد وهو الجناح الذي خرج من عدن بعد أحداث عام 1986 الدموية. وكان جناح علي ناصر بمن في ذلك عبدربه منصور هادي نائب الرئيس الآن قد حارب مع المؤتمر ضد الاشتراكي واندمج في المؤتمر الشعبي العام.
2- تم إجراء تعديلات واسعة على الدستور بحيث تم استبدال نظام الرئاسة الجماعية (مجلس الرئاسة) بنظام الرئاسة الفردية (رئيس الجمهورية) وتركيز السلطة في يد رئيس الجمهورية وعلى نحو، من وجهة نظر البعض، أضعف السلطتين التشريعية والقضائية. كما تم أيضا إجراء تعديلات على الدستور تلبي المطالب التي كان التجمع اليمني للإصلاح قد طرحها بقوة قبل الاستفتاء على الدستور في عام 1991 والمتصلة بتغيير المواد التي رأى التجمع اليمني للإصلاح أنها تتعارض مع الشريعة الإسلامية. ففي حين نصت المادة الثالثة من الدستور المستفتى عليه في عام 1991 على "الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع" وهو ما عارضه الإصلاحيون بشدة تم تعديل المادة بعد الحرب بحيث تقرأ "الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات"
3- تدهور العلاقة بين المؤتمر والإصلاح. ففي حين رأى الإصلاح نفسه الوريث الشرعي لحصة الاشتراكي في السلطة، رأى المؤتمر في زيادة قوة الإصلاح خطرا ينبغي العمل على تجنبه. وقد تمثلت نقاط الاختلاف بين الحزبين في موضوعات الإصلاح الاقتصادي، قيام وزراء الإصلاح في الحكومة بالعمل على تغيير موظفي الجهات التي يديرها الإصلاح بغيرهم من أعضاء التجمع اليمني للإصلاح.
4- سعي المؤتمر الشعبي العام إلى إضعاف الإصلاح والأحزاب السياسية الأخرى والتراجع التدريجي عن العملية الديمقراطية وآلياتها وهو التراجع الذي أدى إلى مقاطعة بعض الأحزاب ومنها الحزب الاشتراكي اليمني وحزب رابطة ابناء اليمن لانتخابات عام 1997 البرلمانية.
5- تزايد الضغوط السعودية على اليمن بشأن قضية الحدود
6- البدء ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع المؤسسات المالية الدولية
رابعا- مرحلة حكم الحزب الواحد: ابريل 1997 وحتى الآن:
أستمر التحالف الثنائي، وان على مضض، بين المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح حتى انتخابات 1997 والتي تمكن فيها المؤتمر الشعبي العام من الحصول على أغلبية كبيرة (227 مقعدا من أصل 301) ثم ارتفعت إلى (229) في انتخابات 2003 . و حصل الإصلاح على 63 مقعدا في انتخابات 1997. وقد تمكن المؤتمر بفضل الأغلبية الكبيرة التي حصل عليها وبفضل عوامل أخرى من الانفراد بالحكم حيث شكل كافة الحكومات المتعاقبة منذ 1997 ودون شراكة من أي حزب آخر. والمقصود بحكم الحزب الواحد هنا هو أن النظام الحزبي الذي تبلور في اليمن بعد عام 1997 يتصف بالاتي: أ- هناك عدة أحزاب موجودة على الساحة اليمنية، ب- هناك حزب واحد فقط يشكل الحكومة كل مرة. ويختلف نظام الحزب الواحد عن نظام الحزب الوحيد. ففي الحالة الثانية هناك حزب واحد فقط في البلاد كما هو الحال في دول مثل الصين وكوبا. أما الأحزاب الأخرى فغير مسموح لها بالتنظيم.
وقد تميزت المرحلة بالاتي:
1- تشكيل المؤتمر الشعبي العام لخمس حكومات برئاسة فرج بن غانم، عبد الكريم الإرياني، عبد القادر باجمال، ثم الدكتور علي محمد مجور. وقد حظي الدكتور فرج بن غانم (تولى الوزارة في منتصف مايو 1997) وهو اقتصادي يمني حضرمي المولد بشعبية واسعة وخصوصا بعد أن استقال من رئاسة الحكومة قبل أن يكمل السنة في رئاستها. وكان سبب الاستقالة هو مطالبة بن غانم بإقالة بعض الوزراء من العيار الثقيل قبل المضي قدما في تنفيذ بعض السياسات الاقتصادية الصعبة وهو الأمر الذي رفضته الرئاسة حينها. ثم تولى رئاسة الحكومة بعد ذلك الدكتور عبد الكريم الإرياني الذي كان مهندس مشروع الأغلبية المؤتمرية الكبيرة. لكن حكومة الإرياني واجهت صعوبات بالغة في تنفيذ الإصلاحات السعرية. وتولى رئاسة الحكومة بعد ذلك عبد القادر باجمال في ابريل 2001. ثم اسندت الحكومة الى الدكتور مجور في عام 2007.
2- سعي المؤتمر الشعبي العام إلى خلق قاعدة سياسية واسعة تمكنه من الحصول على أغلبية كبيرة ومستقرة في الانتخابات بأنواعها. وقد تم له ذلك في كل انتخابات أجريت منذ عام 1997 وتبلغ عدد المقاعد البرلمانية التي يسيطر عليها المؤتمر حاليا حوالي 246 مقعدا في المجلس الحالي. وتشكو أحزاب المعارضة من أن المؤتمر حقق ذلك عن طريق استغلال الموارد العامة بما في ذلك الوظيفة العامة والمال العام والقوات المسلحة والأمن وعن طريق سيطرته على اللجنة العليا للانتخابات. وهناك شكاوي متكررة من أن الحزب الحاكم قد قام بتكريس وتوسيع عملية التسييس للوظيفة العامة بحيث أصبحت عضوية المؤتمر الشعبي العام وليس الكفاءة أو الأقدمية أو الحفاظ على المال العام هي الشرط الأساسي لتولي الوظائف في كافة القطاعات بما في ذلك إدارات المدارس والمستوصفات والمستفشيات والجامعات والكليات وحتى رؤساء الأقسام في الجامعات. وفي الوقت الذي وسع فيه المؤتمر نفوذه في أجهزة الدولة فانه عمل على تصفية نفوذ الأحزاب الأخرى وفي مقدمتها الإصلاح والاشتراكي.
3- شهدت الفترة الاهتمام بمشاريع البنية الأساسية وخصوصا الطرقات الإ أن التطور في هذا القطاع قد تأثر كثيرا بسبب الفساد وضعف التنفيذ ولم ينعكس التحسن المحدود الذي شهده القطاع على حركة الاقتصاد اليمني وعلى تحسن مستوى المعيشة لليمنيين.
4- أدى انفراد الحزب الحاكم بالسلطة إلى تفاقم الفساد. وهناك تفسيرات كثيرة تقدم لظاهرة الفساد من قبل الحزب الحاكم والمعارضة.
5- شهدت الفترة حل الخلافات الحدودية مع السعودية واريتريا. وبالنسبة للخلاف الحدودي مع السعودية والذي تعود جذوره إلى عام 1934 فانه وفقا لبعض أحزاب المعارضة والمستقلين قد تم على حساب الحقوق التاريخية لليمن. فبرغم أهمية تطبيع العلاقات مع السعودية وإزالة التوتر بين البلدين الجارين الا أن السعودية وحتى الآن لم تقم بتعويض اليمنيين عما لحقهم من غبن سواء عن طريق دعم مشاريع التنمية أو إعطاء اليمنيين تسهيلات في السعودية.
6- استمرار تدهور العلاقة بين المؤتمر والإصلاح حيث قام المؤتمر الشعبي العام بدمج المعاهد العلمية التي كان يسيطر عليها الإصلاح في التعليم العام.
7- انتظام الانتخابات حيث شهدت الفترة انتخابات رئاسية في عام 1999 ثم انتخابات المجالس المحلية في عام 2001 ثم الانتخابات التشريعية (النيابية) الثالثة في عام 2003.
8- تعديل الدستور في عام 2001 بحيث مددت فترة الخدمة لرئيس الجمهورية إلى 7 سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط. كما مددت الفترة لمجلس النواب إلى ست سنوات. وتم استحداث مجلس شورى معين. وترى المعارضة أن تلك الإجراءات صبت في مصلحة الحزب الحاكم.
9- ظهور مجلس التنسيق المشترك كتكتل لأحزاب المعارضة حيث يضم في الوقت الحالي أحزاب الإصلاح، الاشتراكي، التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، الحق، القوى الشعبية، والبعث العربي الاشتراكي. وقد مر المجلس منذ عام 1997 بمراحل انقسام ثم التائم
10- الهجوم على المدمرة الأمريكية يو اس اس كول في خليج عدن في عام 2001، والهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة في عام 2001، والهجوم على ناقلة النفط الفرنسية ليمبرج في عام 2002 ودخول اليمن شريكا للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب بعد أحداث سبتمبر.
11- حدوث المصادمات بين القوات الحكومية وأتباع الحوثي عام 2004 ثم تجددها في عام 2005 ثم في عام 2006، ثم في عامي 2007 و 2008 مع ما ترتب على تلك المصادمات من مضاعفات
13- ظهور الضغوط الدولية على اليمن والتي تطالبها القيام بإصلاحات وبالذات في جانب محاربة الفساد
14- قيام اول انتخابات تنافسية رئاسية في سبتمبر 2006، وظهور اللقاء المشترك كتجمع لعدد من احزاب المعارضة اليمنية ونزوله بمنافس للرئيس صالح.
15. ظهور الحراك في المحافظات الجنوبية والشرقية خلال عامي 2007-2008
شكرا يا د . عبد الله على هذا الرصد الدقيق عن اليمن السعيد المدعم بالأرقام والإحصاءات
ردحذفجزاك الله خير يادكتور عبد الله على هذه المحصلة التي اهديتهامتابعيك الله لا يهينك
حذفمتابعة ورصد دقيق.
ردحذف