سيكون من الخطأ ان يقلل اي مراقب من خطورة الخلاف القائم بين المؤتمر واللقاء المشترك حول اللجنة العليا للانتخابات ومن آثاره المحتملة على مستقبل البلاد. فقانون الإنتخابات لا يقل أهمية عن الدستور ذاته. ولذلك فان اي تعديل عليه لا بد ان يعكس وفاقا وطنيا للقوى السياسية في البلاد وليس مصالح الأغلبية الحاكمة أو الأقلية المعارضة. ويمكن تشبيه دور اللجنة العليا للانتخابات بالنسبة للعملية السياسية برمتها بدور فريق التحكيم لمباراة في كرة القدم. فلو افترضنا مثلا ان فريق اليمن لكرة القدم سيقابل فريق البرازيل في مباراة ضمن تصفيات كاس العالم فان اختيار فريق التحكيم سيكون بالتوافق بين اليمن والبرازيل. ولن يطالب البرازيليون بالإنفراد بتشكيل فريق التحكيم لإنهم يلعبون افضل من اليمن بمئة مرة. فالهدف الأساسي هو ان يكون الفريق محايدا..
وهكذا الحال بالنسبة للعملية السياسية. ف95 في المائة من الديمقراطية اليمنية هي الإنتخابات بكل علاتها. وتتحدد معظم نتائج الإنتخابات عن طريق القواعد والنظم الحاكمة للعملية الإنتخابية والتي تشكل لجنة الإنتخابات جانب واحد من بين عدة جوانب تتطلب اعادة النظر فيها. لكن حيادية اللجنة العليا للانتخابات واستقلاليتها هي بالتأكيد أهم جزء في العملية الإنتخابية وهي مبادىء نص عليها الدستور بوضوح. وفي الحالة اليمنية بالتحديد فان انفراد طرف بتشكيل اللجنة من خطباء الجوامع او القضاة أوشيوخ القبائل أو من الملائكة أو الشياطين او غيرهم ولن يعني سوى شيئا واحد هو "الإنقلاب على الدستور" الذي تم اقراره في عملية توافقية بين القوى السياسية وانقلابا على الديمقراطية كالية للوصول الى السلطة.
وينبغي التنبيه هنا الى أن ما ينطبق على قانون الإنتخابات لا ينطبق على القوانين الأخرى بنفس الطريقة وبنفس الآثار الخطيرة. فبامكان الحزب الحاكم ان يمرر باغلبيته الكبيرة سياسة معينة عن بشكل منفرد كما فعل قبل اسابيع فيما يتعلق بقانون السلطة المحلية. وبامكان الحزب الحاكم ان يمرر منفردا قانونا يحدد مرتبات للموظفين دون ان يترتب على ذلك اي نتائج بالنسبة للنظام السياسي أو للدولة ككل. لكن قانون الإنتخابات هو عبارة عن قواعد تنظم العملية السياسية برمتها. ولذلك يعتبر الخلاف حول قانون الإنتخابات خلافا حول الأصول وليس حول الفروع. وفي حال وجود خلاف حول الأصول وعجز القوى السياسية عن التوافق حوله فان ذلك يمكن ان يمكن ان يكون مؤشرا على امكانية حدوث تطورات سلبية تضر بالبلاد بشكل عام.
ومن المهم الإشارة هنا الى ان الخلاف بين الحزب الحاكم والمعارضة حول تشكيل اللجنة العليا للانتخابات ليس الخلاف الأول من نوعه. وقد انتهت خلافات المرة السابقة بين الإثنين باتفاقية اللحظة الأخيرة. والمنتظر هذه المرة وبغض النظر عن التفاصيل هو ان يصل الطرفان الى وفاق حول اللجنة يجنب البلاد المزيد من الأزمات والمزيد من التدهور. وهذا هو التطور المنطقي والطبيعي للاحداث.
اما اذا قرر الحزب الحاكم تعديل قانون الإنتخابات والإنفراد بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات فان ذلك سيجعل مستقبل البلاد مفتوحا على العديد من الإحتمالات السيئة. وبداية فان اي برلمان منتخب لن يكون من منظور دستوري وقانوني شرعيا واي قانون يتم اقراره من قبل ذلك البرلمان قد لا يكون ملزما سوى للحزب الحاكم وافراده.
والخوف هنا ليس من قيام المشترك وانصاره والمتعاطفين معه بالزحف على مجلس النواب واحتلاله أو ان يرفضوا طاعة القوانين. فذلك الأمر حتى وان حدث لن يشكل خطورة على البلاد والعباد. لكن المشكلة تكمن في وجود تمرد في ثلاث محافظات ومرشح للامتداد لمحافظات أخرى. وهناك بالإضافة الى ذلك دعوات انفصالية قوية في ست محافظات. وما يخشاه الكاتب هو ان تشهد الأشهر القليلة القادمة تحول "الحوثيون" في اقصى الشمال و"دعاة الإنفصال" في الجنوب من "متمردين" و"انفصاليين" الى "ثوار." وعندها لن يكون الخاسر هو الحزب الحاكم أو اللقاء المشترك بل كل اليمنيين.
للحلماء فقط
هناك اشخاص تفرض عليهم مواقعهم الإجتماعية أوالسياسية وسواء أكانوا في السلطة أو في المعارضة ان يحترموا بعضهم بعضا ولو من باب التظاهر والحفاظ على احترام الآخرين لهم وتقديم المثل الأعلى في السلوك للاخرين. أما حين تخرج تلك الرموز على قواعد السلوك السليم فان كل ما تفعله هو انها تشجع الآخرين على عدم احترامها وبالتالي تضعف دورها الرمزي والإخلاقي. واذا كان الخصام مقبولا في كل الشئون فان الفجور في الخصام غير مقبول..
عن صحيفة العاصمة 14 يونيو 2008
وهكذا الحال بالنسبة للعملية السياسية. ف95 في المائة من الديمقراطية اليمنية هي الإنتخابات بكل علاتها. وتتحدد معظم نتائج الإنتخابات عن طريق القواعد والنظم الحاكمة للعملية الإنتخابية والتي تشكل لجنة الإنتخابات جانب واحد من بين عدة جوانب تتطلب اعادة النظر فيها. لكن حيادية اللجنة العليا للانتخابات واستقلاليتها هي بالتأكيد أهم جزء في العملية الإنتخابية وهي مبادىء نص عليها الدستور بوضوح. وفي الحالة اليمنية بالتحديد فان انفراد طرف بتشكيل اللجنة من خطباء الجوامع او القضاة أوشيوخ القبائل أو من الملائكة أو الشياطين او غيرهم ولن يعني سوى شيئا واحد هو "الإنقلاب على الدستور" الذي تم اقراره في عملية توافقية بين القوى السياسية وانقلابا على الديمقراطية كالية للوصول الى السلطة.
وينبغي التنبيه هنا الى أن ما ينطبق على قانون الإنتخابات لا ينطبق على القوانين الأخرى بنفس الطريقة وبنفس الآثار الخطيرة. فبامكان الحزب الحاكم ان يمرر باغلبيته الكبيرة سياسة معينة عن بشكل منفرد كما فعل قبل اسابيع فيما يتعلق بقانون السلطة المحلية. وبامكان الحزب الحاكم ان يمرر منفردا قانونا يحدد مرتبات للموظفين دون ان يترتب على ذلك اي نتائج بالنسبة للنظام السياسي أو للدولة ككل. لكن قانون الإنتخابات هو عبارة عن قواعد تنظم العملية السياسية برمتها. ولذلك يعتبر الخلاف حول قانون الإنتخابات خلافا حول الأصول وليس حول الفروع. وفي حال وجود خلاف حول الأصول وعجز القوى السياسية عن التوافق حوله فان ذلك يمكن ان يمكن ان يكون مؤشرا على امكانية حدوث تطورات سلبية تضر بالبلاد بشكل عام.
ومن المهم الإشارة هنا الى ان الخلاف بين الحزب الحاكم والمعارضة حول تشكيل اللجنة العليا للانتخابات ليس الخلاف الأول من نوعه. وقد انتهت خلافات المرة السابقة بين الإثنين باتفاقية اللحظة الأخيرة. والمنتظر هذه المرة وبغض النظر عن التفاصيل هو ان يصل الطرفان الى وفاق حول اللجنة يجنب البلاد المزيد من الأزمات والمزيد من التدهور. وهذا هو التطور المنطقي والطبيعي للاحداث.
اما اذا قرر الحزب الحاكم تعديل قانون الإنتخابات والإنفراد بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات فان ذلك سيجعل مستقبل البلاد مفتوحا على العديد من الإحتمالات السيئة. وبداية فان اي برلمان منتخب لن يكون من منظور دستوري وقانوني شرعيا واي قانون يتم اقراره من قبل ذلك البرلمان قد لا يكون ملزما سوى للحزب الحاكم وافراده.
والخوف هنا ليس من قيام المشترك وانصاره والمتعاطفين معه بالزحف على مجلس النواب واحتلاله أو ان يرفضوا طاعة القوانين. فذلك الأمر حتى وان حدث لن يشكل خطورة على البلاد والعباد. لكن المشكلة تكمن في وجود تمرد في ثلاث محافظات ومرشح للامتداد لمحافظات أخرى. وهناك بالإضافة الى ذلك دعوات انفصالية قوية في ست محافظات. وما يخشاه الكاتب هو ان تشهد الأشهر القليلة القادمة تحول "الحوثيون" في اقصى الشمال و"دعاة الإنفصال" في الجنوب من "متمردين" و"انفصاليين" الى "ثوار." وعندها لن يكون الخاسر هو الحزب الحاكم أو اللقاء المشترك بل كل اليمنيين.
للحلماء فقط
هناك اشخاص تفرض عليهم مواقعهم الإجتماعية أوالسياسية وسواء أكانوا في السلطة أو في المعارضة ان يحترموا بعضهم بعضا ولو من باب التظاهر والحفاظ على احترام الآخرين لهم وتقديم المثل الأعلى في السلوك للاخرين. أما حين تخرج تلك الرموز على قواعد السلوك السليم فان كل ما تفعله هو انها تشجع الآخرين على عدم احترامها وبالتالي تضعف دورها الرمزي والإخلاقي. واذا كان الخصام مقبولا في كل الشئون فان الفجور في الخصام غير مقبول..
عن صحيفة العاصمة 14 يونيو 2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق