تبلور الانقسام في صفوف عناصر ما سمي بـ"الشرعية"، بعد تعيين
الرئيس هادي في 12 ابريل 2015 لخالد بحاح نائبا للرئيس إلى جانب عمله كرئيس
للوزراء، إلى ثلاثة تيارات رئيسية هي:
- تيار الرئيس عبد ربه منصور هادي، وهو تيار مناطقي يشكل امتدادا تاريخيا
لتحالف ابين-شبوة في مرحلة الدولة الشطرية.
- تيار نائب الرئيس- رئيس الوزراء خالد محفوظ بحاح، وهو تيار مدني جنيني في
طور التشكل، ويشكل التكنوقراط ابرز مكوناته
- تيار اللواء الركن علي محسن الأحمر، وهو تيار يغلب عليه الطابع الشمالي
وإن كانت قاعدته واسعة وممتدة ومتنوعة.
وقد أدى هذا الانقسام إلى بروز خطين للصراع في أوساط أطراف الخارج: الأول
بين الرئيس هادي واللواء الأحمر وقد اتخذ هذا الخط طابعا مناطقيا (شمال-جنوب) بفعل
نزعة تيار هادي والمحيطين به إلى لعب الورقة المناطقية للعمل على تعزيز سيطرتهم
على السلطة؛ والثاني بين الرئيس هادي ونائب الرئيس-رئيس الوزراء.
وتبلور الصراع بين أطراف الداخل اليمني من جهة، وأطراف الخارج من جهة
ثانية، في شكله العام بين قوى يدعمها الخارج كما سبق الإشارة ويسميها
بـ"الشرعية"، وقوى الداخل (الحوثيون والرئيس السابق) والتي لم يستقر
الخارج على تسمية محددة لها وإن كانت أطراف الخارج اليمنية قد دأبت على وصفها
بـ"القوى الانقلابية."
وحرص الأمريكيون والسعوديون، على تغذية خط للصراع كان يتآكل بسرعة يتمثل في الصراع
القديم في أوساط النخبة السنحانية بشقيها العسكري والمدني والتي هيمنت على السلطة
منذ عام 1978 وحتى عام 2011، ويتقابل في ذلك الصراع بشكل أساسي اللواء الأحمر
وأنصاره من جهة، والرئيس السابق علي عبد الله صالح وأنصاره، من جهة ثانية. وتمثل
الهدف من الحفاظ على هذا الخط الصراعي توظيفه، كما يعتقد، في تبرير استهداف القوات
المحسوبة على الطرفين كما سيتم توضيحه في حلقات لاحقة.
وبينما كانت السعودية ومن خلفها ما يسمى بـ"الشرعية" تشعران
بضرورة عمل شيء ما يشغل النخب المزدحمة في الرياض، ويوفر الغطاء لدعوة المزيد من
الأطراف والشخصيات في الداخل للالتحاق بأطراف الخارج، إلا أنه لا أحد كان يعرف ما
ينبغي عمله بالتحديد. وفي حين اتفقت الأطراف في النهاية على الدعوة لمؤتمر في
الرياض خلال شهر مايو 2015 حول القضية اليمنية، إلا أن الهدف الذي أريد تحقيقه من
المؤتمر ظل غامضا إلى حد كبير ما فتح الباب واسعا لكل أنواع التكهنات.
ووسط خلافات حادة بين المكونات المشاركة على التمثيل وغير ذلك من القضايا، تحدد
الـ17 من مايو، كموعد لبدء مؤتمر الرياض وعلى أن يعقد تحت شعار "إنقاذ اليمن
وبناء الدولة الاتحادية"، رغم ما يتضمنه الشعار من قفز على الواقع. ومع أن
المؤتمر كان من المفترض أن يعقد تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي،
إلا أنه تم التخلي عن الفكرة لاحقا ربما لأن سلطنة عمان وهي عضو في المجلس، غير
مشاركة في التحالف الذي يشن الحرب على اليمن.
وقبل إعلان أسماء المشاركين، افتتح الرئيس هادي في الـ17 من مايو 2015 مؤتمر الرياض بشأن القضية
اليمنية، بخطاب اتسم بالرومانسية ووجه من خلاله ست رسائل الأولى إلى الشعب اليمني،
والثانية للعالم الحر ولأحرار العالم، والثالثة للمشاركين في المؤتمر، والرابعة
للسعودية ودول الخليج، والخامسة لقيادة التحالف، والسادسة والأخيرة للأمم المتحدة.
وألقيت كلمات من قبل عبد العزيز جباري رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، عبد العزيز
الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، احمد بن حلي نائب الأمين العام
للجامعة العربية، السفير البريطاني إلى اليمن ادموند فالقي وألقى كلمة باسم ما وصف
بسفراء الدول الـ14 المعتمدين لدى اليمن، وإسماعيل ولد الشيخ مبعوث الأمين العام
للأمم المتحدة لدى اليمن.
وفي حين اغفل هادي في كلمته الإشارة إلى الهدنة الإنسانية، فقد دعا ولد
الشيخ أطراف الحرب إلى تمديد الهدنة لخمسة أيام أخرى و"أن تتحول الهدنة الإنسانية
إلى وقف دائم لإطلاق النار وان تنتهي كل أعمال العنف أيا كانت." أما خالد
بحاح نائب الرئيس-رئيس مجلس الوزراء، فقد رد على سؤال الهدنة وإمكانية تجديدها بأن الأمر
يتوقف على الوضع على الأرض، الأمر الذي فهم منه، أن لا تمديد للهدنة.
وتناقل الناشطون بعض الصور الملتقطة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، ويظهر
في إحداها كل من عبد الوهابي الانسي أمين عام حزب الاصلاح ومحمد اليدومي رئيس
الحزب، وياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي ، وهم يجلسون في الصف
الأول وكأن شلة فندق "موفنبيك" الموالية للسعودية والتي أنتجت الحرب قد انتقلت بكل بساطة إلى الرياض فيما اكتفت
وسائل أعلام التحالف باستخدام المؤتمر ومخرجاته الافتراضية في عمليات الحرب
النفسية التي تشنها على أطراف الداخل.
وفي 19 مايو، اليوم الثالث والأخير من أيام المؤتمر، صدر البيان الختامي للمؤتمر
معلنا التأييد المطلق لما أسماه بـ"الشرعية الدستورية ممثلة بفخامة رئيس الجمهورية
عبد ربه منصور هادي" وكانت تلك تقريبا النقطة الوحيدة المهمة التي خرج بها
مؤتمر. أما النقاط الأخرى فقد اتسمت إما بغياب الوضوح أو بغياب الواقعية. فقد نص
البند الرابع مثلا على "مطالبة مجلس الأمن بالتنفيذ الكامل للقرار الدولي
2216 والقرارات الدولية ذات الصلة لما يمثله ذلك من أساس للحل السياسي السلمي في اليمن"
ومن غير الواضح كيف ولماذا أصبح على مجلس الأمن الدولي أن يتجرع الدواء الذي وصفه
لليمن في قراراته. ودعا المشاركون في البند الخامس "الأمم المتحدة ومجلس الجامعة
العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى تشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة لتأمين
المدن الرئيسية، والإشراف على تنفيذ قرارات مجلس الأمن، وضمان الانسحاب الكامل لقوى
التمرد من كافة المدن وتسليم الأسلحة والمؤسسات" ولم يخلو الأمر هنا من شطحة.
وانسجاما مع ما سبقه من مؤتمرات (اللقاء التشاوري الخليجي، والقمة الخليجية
الأمريكية) خلت كلمة هادي في جلسة افتتاح المؤتمر، والكلمات التي ألقتها الشخصيات
الأخرى، وكذلك البيان الختامي من أي إشارة مباشرة إلى إيران سلبا أو إيجابا.
هامش: أشكر الأعزاء الذين تفاعلوا وارسلوا ا سئلتهم وأود ان الفت انتباههم الى أني اجمع الأسئلة واقوم بتبويبها وحذف التكرار وسأرد عليها في الوقت المناسب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق