نشرت صحيفة اليقين السبت حوارا دار بين قراء الصحيفة والدكتور عبد الله الفقيه وفيما يلي نص الحوار:
*محمد علي زيد: ما قراءتك للمشهد اليمني الراهن؟
شكرا يا محمد على السؤال. اما المشهد السياسي في اليمن فمعقد كما كان دائما وما زال مفتوحا على كل الخيارات الحسنة والسيئة. لكن العجلة التي بدأت في الدوران لن تعود الى الخلف. لقد انتهى صالح ونظامه الشرعي لكن صالح اليوم يقود عصابات توظف قوات الجيش والأمن خارج السياق الذي وجدت من اجله ولمصالح شخصية واسرية وهي خيانة عظمى غير مشمولة بقانون الحصانة، ولهذا يستمر نزيف الشعب اليمني ومعاناته. ورغم ان صالح وابنائه واخوانه ما زالوا بيننا اليوم ويشكلون خطرا كبيرا على استقرار اليمن وعلى حياة اليمنيين الإ انهم لن يكونوا جزءا من مستقبل اليمن.
* (712555164): مع إيماني الشديد بالثورة وثملي المفرط بتراجيديتها، وخسارتي شهيدين من أعز أقاربي في سبيلها وتمسكي حتى النخاع بمبادئها. أرجو أن تلبس ثقتي صراحتك كما استوطنتها بثوريتك بالإجابة على هذا التساؤل: أولاً ما هو الفرق بين الأزمة السياسية وبين الثورة الشعبية؟ وما هو وجه الشبه والتباين بين كل من الثورة النخبوية والشعبية؟ وهل يصح أن يختزل القرار المسيري والمصيري في الثورات الشعبية بيد "أشخاص- قوى – نخب-..." أم أن القاعدة هي التي تشكل القرار؟ وإلى أي مسمى من ذلك نستطيع بإنصاف أن ننسب إليه ثورتنا في اليمن؟
سؤالك في الواقع يا ثلاث خمسات يتكون من عدد من الأسئلة ودعني احاول تفكيكك السؤال الى مكونات جزئية قبل ان اجيب عليه..
ما هو الفرق بين الأزمة السياسية والثورة الشعبية؟
الأزمة والثورة وغيرهما من المصطلحات السياسية تتسم بالمطاطية وليس هناك اتفاق على معاني محددة لها، وكما ان للأزمات مستويات مختلفة فيمكن أن يكون للثورات ايضا مستويات مختلفة. وبالنسبة لثورات الربيع وخصوصا في تونس ومصر واليمن فإنه سيكون من الصعب ان نطلق عليها مصطلح ثورات بالمفهوم التقليدي للثورات والذي ينظر الى الثورة على انها عملية يقوم فيها الشعب بقيادة نخب او بقيادة نفسه بتغيير النظام السياسي بالقوة كما حدث في الثورة التحررية الأمريكية في عام 1776 والفرنسية في عام 1789 والثورة الروسية في عام 1917 والثورات الصينية والفيتنامية. فثورات الربيع العربي تسعى الى تغيير الأنظمة ولكن ليس بتوظيف القوة ولا بالعمق الذي سعت فيه الثورات الفرنسية والصينية والفيتنامية الى تغيير النظام.
والواضح ان كلمتي ازمة وثورة مختلفتين عن بعضهما. ففي حالتنا التي نحن بصددها هناك ثورة شعبية او هكذا ينظر اليها الشعب بينما النظام ينظر الى تلك الثورة على انها ازمة وهي تظل كذلك بالنسبة للنظام حتى يلفظ انفاسه وعندئذ تصبح الثورة مصطلحا متفقا عليه. اعتقد ان الجدل الذي ثار حول هذا الأمر في اليمن هو جدل خارج السياق وينم عن جهل المطابخ الإعلامية أو تبعيتها للنظام وعن قصور وعي المشاركين في ذلك الجدل. ما حدث ابتداء من فبراير 2011 هو ثورة ضد نظام علي عبد الله صالح، هكذا ستنزل في كتب التاريخ مع ملاحظة ان نجاحها أو فشلها سيتحدد بمرور الزمن وليس من الحكمة ان يقول شخص ان الثورة نجحت أو فشلت الا من باب تفريغ شحنة الغضب أو الإحباط.
وما هو وجه الشبه والتباين بين كل من الثورة النخبوية والشعبية؟
بالنسبة للفرق بين الثورة النخبوية والثورة الشعبية لا اعتقد شخصيا ان هناك فرق جوهري. ليس هناك ثورة تولد من العدم او تنزل من السماء، فهناك دائما تطورات اقتصادية واجتماعية وثقافية مخططة أو غير مخططة تهيئ للثورات، وهناك دائما نخب تعمل على التهيئة للثورة لسنوات وتقودها عندما تحدث.. وربما كانت الخصوصية اليمنية في هذا الجانب قد تمثلت في سيطرة الأحزاب ومراكز القوى على ساحات وميادين الاعتصام. لكن سيطرة عدد محدود من الأشخاص على قرارات الثورة لا يعني ان الذين شاركوا في الثورة فعلوا ذلك لأجل فلان أو علان. كما لا يعني ايضا ان الذين سيطروا سرقوا الثورة. فالكثير من الناس الذين خرجوا فعلوا ذلك لانهم يريدون التغيير، خرجوا من اجل استعادة النظام الجمهوري الذي حوله صالح الى نظام عشائري وراثي.
وهل يصح أن يختزل القرار المسيري والمصيري في الثورات الشعبية بيد "أشخاص- قوى – نخب-..." أم أن القاعدة هي التي تشكل القرار؟
انا افتراض هنا انك تتحدث عن قاعدة الثورة وليس عن قاعدة علي عبد الله صالح في ابين. واقول ردا على سؤالك انه عندما يتم مأسسة الثورة كما حدث في الثورتين المصرية واليمنية فانه من الطبيعي ان تفقد القواعد القرار وخصوصا في ظل الاختراقات والتباينات التي تبدأ في الظهور وعلى العكس من ذلك فان الثورات العشوائية توجهها حركة الشارع لكن تكلفتها غالبا ما تكون مرتفعة جدا لإن الشارع لا عقل له ولا يمكن في حالة قيادة الشارع للثورة الحديث عن عملية صنع القرار لإن القرار عملية لها خطواتها المعروفة. وربما ان ما كانت تحتاجه الثورة اليمنية هو اشراك اكبر لمكونات الثورة. اما اتخاذ الساحات للقرار فلم يكن مسألة عملية الإ اذا كان سيتم صنع القرار بالطريقة التي كانت تتبع في المدن الدول حيث كان يجمع الناس في ملعب لكرة القدم ثم يسألون ما الذي يجب فعله بشأن مسالة معينة فيجيبون كلهم بصوت واحد وجواب واحد.
وماذا نسمي ما حدث في اليمن؟
ما حدث في اليمن هو ثورة بالمفهوم الجديد للثورات الذي سيكون تشكيله احدى مهمات الباحثين خلال السنوات القادمة. هي ثورة لإنها عبرت عن الأغلبية من الشعب اليمني سواء الذين خرجوا او لم يخرجوا كان هذا واضحا على طول الخط واذا كانت الثورة قد استمرت لوقت طويل فذلك يعود الى عدة اسباب بعضها يتعلق بالداخل اليمني والبعض الآخر يتعلق بالخارج. بالنسبة للداخل اليمني فالمجتمع اليمني مجتمع ريفي في معظمه ومن الطبيعي ان تختلف حركته عن حركة المجتمعات الحضرية في العالم العربي. هناك ايضا حقيقة الطابع الأسري والعشائري والمناطقي لنظام علي عبد الله صالح والذي جعله يتمركز في السبعين حتى وقد فقد الدعم الشعبي في معظم المحافظات اليمنية. وبالنسبة للخارج فقد كان وما زال هناك العديد من المخاوف التي عمل صالح على النفخ فيها طوال فترة الثورة.
ما هو المانع لرئيس الجمهورية من تعيين نائباً له؟ أليس ذلك أمر مهم "للانتقالية وسلامة الوطن" إذا ما حدث ...–وهو ما لا نرجوه-؟ وهل سيتم حوار وطني قبل هيكلة الجيش؟ أخيراً هل ما يدور اليوم سياسيا وميدانيا يعني مقدمة ثورة قادمة من وجهة نظرك؟
ما زال الوقت مبكرا للحديث عن هذا الموضوع. فليس لدى هادي حتى الان ما يمكن ان يعطيه للآخرين. ولا بد ان لدى هادي وقد كان نفسه نائبا اسبابا وجيهة لعدم الاستعجال في تعيين نائب او لعدم تعيين نائب بتاتا. وجهة نظري هي ان التهافت على السلطة والتنافس الكبير على موقع النائب بين الجماعات السياسية فقط لغرض التفيد يجعل فكرة تعيين النائب مرعبة بعض الشيء ليس فقط لهادي لكن للكثيرين.
وبالنسبة لدور النائب في سلامة الوطن في حال حدوث مكروه للرئيس فقد كشفت تجربة اليمنيين خلال مرحلة الثورة انهم لا يحتاجون الى رئيس الى هذا الحد ولا حتى الى نائب وان بإمكانهم تسيير امورهم بطريقة أو بأخرى. فماذا فعل علي عبد الله صالح للوطن غير انه سرقه واضعفه ووقف عائقا بينه وبين فرص النهوض ثم تحول صالح الى صنم تحرق من اجله خيرات اليمن ويقتل من اجل بقائه ابنائها. وفشل صالح في تامين اليمن والشعب اليمني وبلغ فشله ذروته عندما عجزت قواته واجهزته عن تأمينه. اعتقد ان تامين اليمن يتطلب توزيع السلطة بين مختلف المؤسسات والأشخاص والمستويات ووضع الكفاءات في مواقع مثل رئاسة مجلس النواب.
*بندر ياسين: ما تعليقك على الموازنة العامة الجديدة كونها أكبر موازنة في تاريخ الحكومات اليمنية وتعتمد بدرجة أساسية على الدعم الخارجي وليس على الإيرادات المحلية؟
خطوة في الظلام قد تصيب أو قد تخيب وليس لدى احد ما يخسره ما دامت جروح اليمن ما زالت كلها مفتوحة وما دام صالح واقاربه ما زالوا يحيكون المؤامرات على البلاد. والمهم ان يحرص الداعمون على عدم ذهاب الدعم الى الجماعات المتطرفة أو المليشيات المتصارعة او الجماعات التي تسعى لوراثة نظام صالح.
*محمد أبو شامل (مأرب): بعد أن ثبت يقيناً تورط المخلوع وعائلته في هذه الفوضى والدماء. لماذا تبقى الحكومة دون تحديد موقفها إزاء ذلك؟
الحكومة لا تملك حتى الان ادوات ومؤسسات السلطة وربما لا تملك حتى قرارها ، علينا ان لا ننسى ان هذه حكومة وفاق وطني تمثل احزابا وقوى سياسية واجتماعية بعضها ظاهر والبعض الآخر غير ظاهر في الصورة.
*(713705411): أولاً نشكر الدكتور الفقيه على مواقفه، فلقد تحدث منذ زمن أن ثورة ستحدث في مصر واليمن. وسؤالي هو: هل ترى أن الحوار مقبول قبل هيكلة الجيش وإبعاد أقارب صالح؟
شكرا على السؤال وكثيرين تحدثوا عن احتمال وقوع الثورات لكن لم يكن احدا يعرف متى ولا كيف ستقع. وبالنسبة لسؤالك فاذا نظرنا الى وضع الجيش اليمني فهو اقرب ما يكون الى مليشيات تابعة لأشخاص وولائه لأولئك الأشخاص، ومن يملك مليشيات ويستطيع ممارسة الإرهاب ضد القوى الأخرى سيسعى لفرض نتائج الحوار.
*محمد جعرة (ريمة): برأيك أيهما أولى إعادة هيكلة الجيش وتحريره من أيدي العائلة العفاشية؟ أم مؤتمر الحوار الوطني؟ ويا ترى لماذا الرئيس لم يقدم استقالته من المؤتمر حيث وقد أصبح رئيساً لكل اليمنيين؟
لا حوار بدون هيكلة. والحوار في غياب الهيكلة سيعني حتما ترحيل الحوار الى الخارج وهو ما سيعقد العملية ويضيق من نطاق المشاركة وسيؤدي الى تشدد المواقف فلا اعتقد ان الحوثيين او الحراكيين او معارضة الخارج يمكن ان يقبلوا بحوار بدون هيكلة واذا قبلوا بحوار بدون هيكلة فان الهيكلة على احسن الأحوال ستكون على راس قائمة موضوعات الحوار وفي اسوأ الأحوال سيكون ما يسميه بعض الجنوبيين بـ"فك الإرتباط" على راس الموضوعات. وايا كانت نتائج الحوار فلن يكون لتلك النتائج قيمة ما دامت بعض الأطراف تملك القوة العسكرية ويمكن ان توظفها لفرض رؤاها.
نجاح الحوار سيكون مرتبطا بالخطوة الأولى في هيكلة الجيش وهي ابعاد اقارب صالح من المؤسسات العسكرية والأمنية، وربما تسليم الحوثيين والقبائل لما لديهم من اسلحة ثقيلة ومتوسطة واعلانهم نبذ العنف وتحييد خطر القاعدة والجماعات المرتبطة بها بشكل كبير. كل من سيدخل الحوار حاملا لسلاحه سيشكل خطرا على سائر المتحاورين الآخرين.
بالنسبة لسبب عدم تقديم عبد ربه منصور هادي لاستقالته من المؤتمر الشعبي العام فيمكننا ان نفترض انه قد قدم استقالته من الحزب بحكم الأمر الواقع. علينا ان ندرك ان موقع هادي كرئيس للجمهورية يضعه فوق كل شخص وما لم يكن هادي بحكم البروتوكول هو رئيس المؤتمر فانه لا يستطيع بحكم موقعه السيادي ان يكون عضوا في المؤتمر او ان يتولى أي موقع فيه باستثناء موقع رئيس الحزب. يدرك هادي ان بقائه في المؤتمر يمثل اهانة للموقع الذي يحتله واهانة للأمة اليمنية. ولم الاحظ حتى الان ان هادي حضر نشاطا حزبيا مؤتمريا كما ان الألقاب التي يستخدمها لا تتضمن أي اشارة الى موقع حزبي كما كان الحال مع الرئيس المخلوع.
*جمال حلبوب (دمت): لا يزال زعيم حارة السبعين يصرّ على سبّ شباب الثورة ووصف الثورة بأنها ثورة بلاطجة!! كيف تفسر هذا؟ وما دور من منحه الحصانة تجاه هذا التصعيد؟ وهل تسقط عنه الحصانة إذا استمر باختلاق المشاكل؟
تصرفات صالح الأخيرة ليست مشمولة باي حصانة لإن قانون الحصانة يغطي فقط مرحلة ما قبل صدور القانون وليس ما بعده. لكن صالح يتصرف كزعيم عصابة يستند في "بلطجته" على سيطرته من خلال افراد اسرته والموالين له على المؤسسات العسكرية والأمنية وعلى السلطة القضائية. وسيتطلب أي تحرك ضد صالح اعادة هيكلة الجيش والأمن واحداث تغييرات في تركيبة السلطة القضائية.
*أبو جهاد الجبرني (الطويلة المحويت): لماذا لم يستوعب علي صالح دروس الثورة؟ أم أن مصير القذافي ومبارك ينتظره؟
من المؤسف ان صالح لم يستوعب الدرس حتى الان ويقوم بتصرفات تحرج الجميع بما في ذلك الدول الشقيقة والصديقة التي رعت المبادرة الخليجية. ولا شك ان الأخطاء التي يرتكبها صالح ستكون وبالا عليه. فليس كل مرة تسلم الجرة كما يقولون وقد اعطي صالح فرصا كثيرة فاهدرها وما زال يهدرها. انها لعبة خطرة ليس لها سوى نتيجة واحدة.
*منصور ناجي المشرقي (مريس): تشابه كبير بين ما قاله سيف الاسلام القذافي أن ليبيا سوف تنقسم وبين ما قاله علي صالح أن اليمن سوف تنقسم إلى أربعة أقسام وأكثر! كيف تفسر هذا التشابه؟
الحكام المستبدون يتعلمون من بعضهم البعض واساليبهم متشابهة حد السخافة. والمشكلة انهم لا يحذرون فقط ولكن يسعون ايضا الى تحقيق نبوءاتهم. واذا حدث أي مكروه لليمن فان ذلك لن يكون سوى من صنع صالح واقاربه
(000491113): هل فعلاً سقط النظام؟ أليس ما حدث أقرب لعملية تجميلية وإعادة بناء وترميم لنظام علي صالح؟ وكيف تقرأ تصريحات السفير الأمريكي بأنه لا يوجد ما يمنع ترشيح علي صالح أو ابنه بعد انتهاء هدنة السنتين بين أطراف النزاع (المرحلة الانتقالية)؟
لقد سقط نظام صالح الى حد كبير من حيث الشرعية. والضمانة الوحيدة لقيام نظام مختلف هو استمرار الثورة ولا اقصد باستمرار الثورة بعد رحيل صالح واقاربه من مواقعهم بقاء الناس في الساحات والميادين ولكن بقاء الثورة في ضمير كل انسان يمني. اعتقد ان هيكلة الجيش، مؤتمر الحوار الوطني، والدستور الجديد ستكون الخطوات الثلاث التي ستعطي مؤشرا على مدى سقوط النظام على الصعيد العملي.
بالنسبة لتصريحات السفير الأمريكي فهي واضحة وصحيحة. فلا يوجد حتى الان على ضوء ما حصل عليه صالح واقاربه من حصانات وضمانات ما يمنع من ترشحه لكن هذا الوضع سيتغير عندما يستعيد الشعب سيطرته على مؤسساته العسكرية والأمنية والقضائية وعندها سيكون لكل مقام مقال.
*عبدالحميد باشا (إب): من الذي يحكم اليمن اليوم؟ إذا كان النائب للنظام السابق (الرئيس الحالي) لا يستطيع أن يصدر قرار بإقالة قائد الجوية ناهيك عن أحمد علي وبقية أفراد العائلة؟ نريد أن نفهم رئاسة علي صالح لحزب المؤتمر (ممارسته للسياسة) كيف يتعارض مع قانون الحصانة؟
لا يوجد من يحكم اليمن حاليا وانما يوجد من يعبث باليمن ويخلط الأوراق ويزرع الفوضى وهذه الأفعال يقوم بها من يسيطر بطريقة غير قانونية على قوى الجيش والأمن أو من يملك مليشيات وثروات. وبالتأكيد فانه لا عبد ربه منصور هادي ولا محمد سالم باسندوة يحكمان اليمن حتى الان لانهما لا يملكان أي من ادوات الحكم سوى التفويض والتأييد الشعبي الكبير. والثورة ماضية حتى ابعاد اقارب الرئيس من المؤسسات الأمنية والعسكرية واذا اراد صالح بعد ذلك ممارسة السياسة مثله مثل أي مواطن فليفعل. بالنسبة للحصانة، فأي فعل قام به صالح منذ صدور قانون الحصانة وحتى اليوم ويمكن ادانته به قضائيا لا يعتبر مشمولا بقانون الحصانة لإن الحصانة تشمل الأفعال التي حدثت قبل صدور القانون فقط. وفي تصوري فان قانون الحصانة سيسقط ايضا
*محمد الصلوي: برأيك ما الذي يعيق إقالة محمد صالح حتى الآن؟
من الناحية النظرية لا شيء لكن من الناحية العملية هناك حقول الغام. فقوات الحرس الجمهوري وقوات الأمن المركزي هي من يفرض محمد صالح الأحمر حتى على منتسبي الدفاع الجوي. ومن يدري فربما ان محمد صالح الأحمر قد طور خلال العقود التي قضاها في الدفاع الجوي سلاحا كيميائيا فتاكا يمكن، اذا قرر هادي عزله من قيادة القوات الجوية، ان يطلقه على سكان صنعاء فيبيدهم عن بكرة ابيهم. لقد جرب هادي اقالة مقولة من المحور الجنوبي وفوجئ برد فعل شعر معه انه تحرك ضد منسق عمليات القاعدة في جنوب اليمن وليس ضد قائد عسكري. كل هذا رغم ان مقولة لا ينتمي الى الأسرة المخلوعة.
*رضوان علوي سيف: يرى البعض أن التفاف المشترك على الثورة الشعبية يتجسد في إعطائه حصانة للقتلة وقبوله بهم شريكاً في الحكم.. نود توضيح هذا اللبس؟
الأحزاب في اليمن تعتبر الأقوى في الوطن العربي. لكن الطريقة غير الموفقة التي ادارت بها الثورة والتقاسم الذي حدث لا يعني انها التفت على الثورة الشعبية، فهي جزءا هاما من الثورة . والمشكلة الان ليست في الحصانة ولا في القبول بالمؤتمر وصالح شركاء في الحكم. الاستحقاق الكبير الذي يواجه البلاد هو استعادة الجيش من صالح واسرته، واذا شاء صالح واقاربه ممارسة السياسة بعد ذلك مثل الآخرين وفي اطار القانون فذلك شأنهم. واذا لم يتم استعادة الجيش من صالح واسرته في اقرب وقت فان كل التنازلات التي قدمتها تلك الأحزاب في سبيل الحفاظ على الأمن والاستقرار والحفاظ على النفوس وعلى الوحدة اليمنية قد تقود كلها الى تحقق ما كانت تلك الأحزاب تخشى منه، وقد تأتي النار من مستصغر الشرر.
*أبو مودة البدوي: كلما حاول الرئيس هادي تغيير قادة من العائلة نراهم يفتعلون مشاكل وعراقيل! أليس من الأفضل أن يقيلوهم جميعاً كي تكون المشاكل في وقت واحد ونخلص من افتعالها في كل وقت؟
نصح مكيافيللي الحاكم بانه اذا اراد فعل الشر فان عليه ان يفعله دفعة واحدة لكن ما يريد هادي ان يفعله ليس شرا الا في نظر بضعة اشخاص يظنون انهم يمتلكون اليمن وان الشعب اليمني لا يستحق ان يعيش بسلام الإ بعد ان ينال صكوك الغفران منهم. ما يريد هادي ان يفعله هو في الواقع خير لكنه محكوم بمواقف داخلية وخارجية .
ويواجه هادي بالنسبة لهذا الجانب مشكلتين. المشكلة الأولى هي ان الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية لم تحتوي نصوصا واضحة في مسائل الجيش والأمن، والمشكلة الثانية هي ان لجنة تفسير المبادرة والتي تنص الآلية على تشكيلها بالتوافق لم تشكل حتى الان. ولذلك فقد يحتاج الأمر الى زيارة اخرى لجمال بن عمر وربما يتم نقل الأمر الى مجلس الأمن الدولي.
وهناك الكثير من السيناريوهات المحتملة اذا استمر الوضع الراهن كما هو عليه. فانفجار الموقف العسكري ما زال ممكنا. وبنفس الطريقة فان الحسم الثوري ما زال ممكنا ايضا. وهناك احتمال بان تتمدد القاعدة بشكل يؤدي في ظل الإحتراب او عدم الإحتراب الأهلي الى تدخل عسكري دولي يعيد هيكلة النظام والإنسان والجغرافيا
الثورة
*صادق غيلان (السلفية - ريمة): هل أنت راضٍ على ما وصلت إليه الثورة حتى الآن؟
سأقول لك الصدق يا صادق. انا غير راض عن ما تحقق حتى الان. ولا اعتقد ان احدا راضي عن ما حققته الثورة حتى الان . لكن من قال ان الثورات تحقق اهدافها بين عشية وضحاها. لقد سقط صالح لكن ما زالت اذياله باقية وتشكل خطرا على الجميع. وبعد الانتهاء من مرحلة اسقاط صالح واذياله ستكون المرحلة الأولى من الثورة قد انتهت وستبدأ مرحلة بناء الدولة وهي عملية صعبة. الثورة عملية مستمرة في البناء والنضال والتغيير. ولذلك اعتقد ان سؤالك يا صادق فيه قدر كبير من الاستعجال.
*أحمد قطينة (المحويت): كيف تنظر للمستقبل؟ وما رأيك في حزب الاصلاح وسياسته؟
المستقبل يصنعه الناس، واذا غلب خير الناس على شرهم فالمستقبل واعد وامام اليمن فرص كبيرة في احداث تنمية وتحول. بالنسبة للإصلاح، فيصعب التنبؤ بسلوكه السياسي نظرا لما ينطوي عليه من تنوع داخلي. وهناك الكثير من التساؤلات المشروعة عما اذا كان الإصلاح سيستطيع رغم التناقضات الداخلية التي يعيشها الإبحار في المستقبل دون ان يكون هناك اعادة فرز لمكوناته وتشظيه الى عدد من الأحزاب. وقد لا يكون ذلك ان حدث بالضرورة سيئا.
الإصلاح على كل حال سواء ابقي موحدا ام تجزأ الى عدة احزاب كما هو حال المؤتمر سيكون لا عبا هاما في المستقبل لكنه لن يكون ولا يمكن ان يكون في أي منعطف اللاعب الوحيد على الساحة. وصحيح ان الإصلاح حزب ديني وهو ما يثير مخاوف بعضها مشروع والبعض الآخر مبالغ فيه لدى بعض القوى في الداخل والخارج وخصوصا في ظل الضخ الإعلامي الذي يقوم به النظام والذي يصور فيه اعضاء حزب الإصلاح وقياداته على انهم طالبان تارة والقاعدة تارة اخرى، وفي ظل ضعف الأداء الإعلامي للحزب. لكن اليمن بشكل عام بلد ليس لديه سجل في التشدد كما في بعض الدول الأخرى ربما لان اليمن بلد متعدد مذهبيا وقبليا وجغرافيا وايديولوجيا وهو ما يجعل التشدد الديني او الإيديولوجي بلا مستقبل. ضف الى ذلك ان التشدد اصبح مرفوضا حتى في البلدان التي كانت تعمل على تصديره.
*أبو هشام المليجي (شقران): هناك من يقول بأن الانتخابات أعادت سيناريو عام 1999م (الانتخابات الرئاسية) وبأن المؤتمر والاصلاح وجهان لعملة واحدة؟
تتميز الحياة السياسية بالديناميكية وهي تسير باستمرار الى الأمام ولا تعود الى الخلف فالناس تتعلم من التجارب والأفكار تتغير والوعي اليوم يختلف عن الوعي في الماضي. واتفق معك ان المؤتمر والإصلاح وجهان لعملة واحدة على الأقل في مستوى من المستويات لكني ايضا اعتقد وبنفس المنطق ان كل الأحزاب في اليمن بما في ذلك الإشراكي والناصري والبعثي هي كلها وجوه متعددة لعملة واحدة هي الثقافة الواحدة والأنماط السلوكية المتجذرة. ولذلك من المهم التركيز على تقوية المؤسسات السياسية وعلى ضمان عدم سيطرة حزب واحد او اسرة او منطقة على السلطة بشكل يهدد امن وسلامة واستقرار اليمن مستقبلا. كما يجب العمل على تطوير وتحديث التعليم واحداث تغيير ثقافي واسع.
*شايف الخولاني: الرافضون للمبادرة الخليجية أكدوا أن كل المشاركين في منح الحصانة للقاتل صالح سبب ذلك خشيتهم من وصول حبل المشنقة إلى أعناقهم بصفتهم مشاركين في كل جرائم النظام. ما رأيك في ذلك؟
التغيير ياخولاني في أي مكان في العالم لا يمكن ان يقوم على المحاكمات والإعدامات. وليس هناك قوة يمنية ليست ملوثة بالفساد أو بدماء الآخرين مع فارق في الدرجة بالطبع. واذا ما اردنا تطهير كل شخص فقد ينتهي بنا الأمر الى اعدام الكثير من اليمنيين. والتحدي دائما بعد كل تغيير رئيسي كما لا بد ان يحدث في اليمن هو في احداث نوع من التوازن بين الحفاظ على الحقوق العامة والخاصة من جهة وبين ضمان الاستقرار في المجتمع وعدم الدفع به الى الإحتراب الأهلي من جهة ثانية. ومن هنا تأتي مسألة العدالة الانتقالية ومعالجة المظالم وتحقيق التصالح داخل أي مجتمع. بالنسبة لمن يؤمنون بالمقولة السابقة يا خولاني، فاعتقد مع احترامي الشدي لهم، ان عليهم ان يثقفوا انفسهم في السياسة وفي التاريخ وان يقرأوا كثيرا حول الطريقة التي انتقلت فيها الشعوب من النظم الاستبدادية الى النظم الديمقراطية سواء في امريكا الجنوبية او في وسط وشرق اوروبا او غيرها.
*(000788706) : بماذا تفسر رفض بعض الأطراف المحسوبة على الثورة للحل السياسي الذي أفضى إلى المبادرة ورفضهم أيضاً لإعادة هيكلة الجيش وهو مطلب الثوار؟
اولا، علينا يا صفر صفر صفر ان نقر من حيث المبدأ ان من حق أي قوة ان تعارض المبادرة الخليجية بسبب او بدون سبب. وفي تصوري ان القوى المعارضة للمبادرة الخليجية تنطلق من مخاوف معينة لا ينبغي تجاهلها، و من حساسيات تاريخية لا يمكن التقليل من شأنها، ومن ثارات سياسية ما زالت طرية يمكن معالجتها.
بالنسبة لإعادة هيكلة الجيش فلا اعتقد ان هناك قوة محسوبة على الثورة تعارض اعادة الهيكلة. ولكن الذي يجري هو ان قوى الثورة تركز في مطالبتها بإعادة هيكلة الجيش على ابعاد اقارب صالح من قيادة المؤسسات العسكرية والأمنية وفقا لاعتبارات اهمها:
واحد، ليس من اللائق وضع اللواء علي محسن الأحمر وقد قضى خمسين عاما في الجيش في نفس الكفة مع اقارب صالح الذين ولدوا جنرالات. اثنين، ان اللواء علي محسن وقادة الجيش المناصر للثورة قد برهنوا من خلال انتمائهم للثورة على انهم الى حد ما جزء من جيش وطني يتخلق. ثلاثة، ان اقارب صالح متهمون بقتل شباب الثورة وخيانة النظام الجمهوري والتورط في اقامة نظام عشائري وراثي. اربعة، ان الجيش المناصر للثورة سواء من حيث التسليح او التجهيز العسكري يمثل قوة رمزية لا تشكل تهديدا لأحد وذلك على العكس من القوات التي يسيطر عليها اقارب صالح.
الجنوب
*خالد عفيف: كمثقفون ومفكرون وأصحاب رأي (شماليون) هل تعطون القضية الجنوبية حقها من البحث والنقاش في جلساتكم؟ وما الرأي الأغلب الذي تخرجون به؟
يختلف الناس في فهمهم للقضية الجنوبية وبالتالي في الحلول التي يرون انها ستكون الأنسب لها فالبعض يرى ان القضية الجنوبية ومثلها مثل التمرد الحوثي لم تكن سوى جزءا من الصراع على السلطة بين اطراف السلطة واذا تمكنت الثورة من وضع نهاية لذلك الصراع ستنتهي القضية، وهناك من يرى انه اذا نجحت الثورة في تمكين الجنوبيين من السلطة والثروة فإن ذلك كفيل بمعالجة القضية الجنوبية. وهكذا..
*(000471545): هل فكرة الأقاليم طريق إلى الفيدرالية ومن ثم الانفصال؟أم لا؟ وما مسوّغ نسبة الحوثي الـ"50%" من أقليم الشمال بينما حجمه الحقيقي لا يتجاوز50% في محافظة صعدة، فهل هذا دغدغة عواطف؟ أم قربان للسيد عشان المياه الحمراء التي سقي بها الثورة؟
اعتقد ان الأمر سيرتبط بشكل اساسي والى حد كبير بالطريقة التي ستتطور بها الأمور على ارض الواقع وليس على ما سيتم رسمه او صياغته من وثائق . فكلما تشبث صالح واقاربه بالسلطة وظل هادي وباسندوة وغيرهم من المسئولين الجنوبيين بدون سلطات حقيقية كلما زادت قوة تيار فك الارتباط وزادت فرص حدوث الانفصال في الأجل القصير. وكلما تم تمكين الجنوبيين من ممارسة السلطة داخل الدولة الموحدة وعلى المستوى المحلي بشكل فعلي كلما قلت فرص حدوث الانفصال وهذا بغض النظر عن شكل الدولة وما اذا كانت فدرالية او موحدة، باقليمين او بعدد من الأقاليم.
سؤالك عن اقليم الشمال وعن 50% للحوثي ليس واضحا بالنسبة لي وليس هناك حتى الان بحسب ما لدي من معلومات أي شيء من هذا القبيل.
*محمود حسان (الضالع):أظهرت التحقيقات الأولية للجنة العسكرية تورط مهدي مقولة في دعم القاعدة، إذا لم يقدم للمحاكمة فهل هذا يعني أن الرسالة وصلت إلى من يريد هيكلة الجيش وكأن صالح يقول " أما أنا أو مثل دوفس"؟ وكيف تقرأ تصعيد الحوثي الجنوني وكذلك الحراك؟ وهل بقاء الشباب في الساحات سيفشل المشاريع الصغيرة التي تتبناها بعض الجماعات والتيارات؟
ليس هناك أي اعلان رسمي بهذا الشأن وحتى وان كان هذا الكلام صحيحا فان الوضع الذي مرت به البلاد والذي هو عبارة عن اختطاف للدولة وادواتها من قبل الرئيس المخلوع واقاربه يجعل من الصعب على أي طرف القيام باي تحرك في اتجاه مسائلة مقولة. بالنسبة للرسالة فقد كانت واضحة وبالتأكيد فإنها وصلت وقد توقفت مساعي اعادة الهيكلة لبعض الوقت ولا اتوقع انها ستستمر في التوقف طوال الوقت.
*مروان سعيد طاهر (صنعاء): هل تعتقد أن نظام صالح له تأثير فعلي على تحركات القاعدة؟ إذا كانت الإجابة "نعم" كيف يمكن تصور ذلك التأثير؟ هل هو مباشر أم غير مباشر؟
بالتأكيد يا مروان فان نظام صالح كان وما زال له تأثير فعلي على وجود ونمو وتمدد جماعات القاعدة. فصالح هو الذي دعم الجماعات الدينية ووطنها في الجنوب ابتداء من عام 1994 ، وظل صالح يدعمها منذ ذلك الوقت وحتى الان. وحاول صالح كما يعرف الجميع توظيف القاعدة لأهداف سياسية كالحصول على معونات خارجية، ثم سحب صالح قوات الجيش والأمن من مناطق معينة الى العاصمة صنعاء مما اعطى تلك الجماعات الحرية المطلقة في الحركة، واخيرا فإن صالح والقادة الذين عينهم متهمين بإصدار التوجيهات الى ما كان متبقيا من قوات تابعة لهم بالانسحاب من بعض المواقع والمدن التي كانت تتمركز فيها في الجنوب وترك مواقعها واسلحتها للجماعات الإرهابية.
وبالمناسبة فان التأثير على أي جماعة لا يتم فقط من خلال الدخول في عقد تحالف وعقد مؤتمر في صنعاء لإشهار ذلك التحالف . هناك العديد من الأساليب التي تتبع لاختراق الجماعات والسيطرة على حركتها وتوجيهها بما يخدم اهداف معينة وهذه امور يطول شرحها.
*نصر القاضي (الضالع): برأيك من المستفيد من زيادة تنظيم القاعدة في اليمن؟ ويا ترى من سيحاسب المسؤولين المتورطين بتسليم مواقع عسكرية لتنظيم القاعدة؟
نحن في مرحلة للأسف يمكن فيها للعديد من الأطراف الداخلية والخارجية ان تستفيد بطريقة أو باخرى من انشطة القاعدة والجماعات المرتبطة بها. لكن صالح واقاربه بحكم سيطرتهم على الجيش والأمن وسعيهم لزرع الفوضى في البلاد يظلون المستفيد الأول من انشطة الجماعة والمتهم الأول بدعمها والتواطؤ معها ان لم يكن عن طريق اختراقها بعناصر موالية لهم فعن طريق الفشل في التصدي لها
*نوفل الميدمه (دمت): أصبح شعاع أساتذة العلوم السياسية أقل منه قبل الثورة. هل لأن رؤاكم السياسية غير السارية على الواقع؟ أم أن شباب الثورة استلهموا علومكم في الساحات فنطقوا ما كنتم تودون نطقه؟
دعني اتكلم عن اساتذة الجامعات وقادة الراي بشكل عام. ففي تحليلي فانه ربما كان لمأسسة الثورة دوره في الطريقة التي تطورت بها الأمور. لقد كان قرار بدء الثورة قرارا اتخذته القواعد وليس قيادات الأحزاب. لكنه حدث بعد ذلك تطورات كان لها الأثر السلبي على الطريقة التي تطورت بها الأمور. فقد تم مأسسة الثورة وادت تلك المأسسة بالتدريج الى سيطرة القيادات الاجتماعية والحزبية على قراراتها واصبحت العملية السياسية هي المتصدرة للمشهد في حين تراجعت العملية الثورية الى الخلف.
وفي حين كان يفترض بالقوى التي تدير الثورة استغلال حالة الانهيار التام التي اصابت النظام والمضي في حسم الثورة باقل تكلفة ممكنة بعد جمعة الكرامة في 18 مارس فوجأ الجميع بان القوى التي تدير الثورة اتجهت نحو العملية السياسية وجمدت العمل الثوري. كما فوجئوا ايضا بان حالة الانهيار التي اصابت النظام سرعان ما انعكست على قوى الثورة ذاتها فبدأت كل قوة تمحص في نقائص القوة التي في جانبها وفي شرعيتها. وفي الوقت الذي كان يفترض ان يكون فيه الجميع في الشارع يحسمون الثورة كانت القوى التي تدير الثورة تطلب من الأكاديميين وقادة الراي والنشطاء عقد الندوات التوعوية والتثقيفية والدورات التدريبية لشباب الثورة والظهور في القنوات الفضائية لحشد الدعم والتأييد للثورة.
واجمالا، لم تكن الطريقة التي تم بها ادارة الثورة تتفق مع تطلعات وتوجهات بعض النشطاء المستقلين وربما ايضا بعض الحزبيين وخصوصا اساتذة الجامعات الذين يملكون رؤاهم المستقلة عن رؤى مراكز القوى الاجتماعية والحزبية. وكانت الخيارات المتاحة اما البدء بنقد الثورة كما فعل البعض وهو نقد لم يكن ليساعد الثورة كثيرا او التواري عن الأنظار على طريقة من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا او ليصمت. وكان هناك ايضا من تعرض للإصابة كما حدث للدكتور محمد الظاهري والدكتور محمد عبد الملك المتوكل مما اضطره الى التواري.
واعتقد ان الطريقة التي تطورت بها الأمور حتى الان ما زالت تعمل على توسيع الفجوة بين القوى السياسية وبين القوى المستقلة وليس بالطبع بين القوى المستقلة والثورة ذاتها.
*أمين المريسي: كنت أتوقع أول ثورة للمؤسسات ستندلع في الجامعات ضد رئاستها وخاصة جامعة صنعاء؛ لأنها أكثر فساداً، وقد كنت أتوقع أنها في يوم من الأيام ستصبح ملكية خاصة لطميم، فما هي أولويات المرحلة القادمة بالنسبة لكم في الجامعة؟ وكيف نفهم سلوك الفاسدين في حرم الجامعة بعد الثورة؟
بنيت جامعة صنعاء يا امين بطريقة جعلتها تستجيب دائما متأخرة لما يحدث في المجتمع بدلا من ان تقود التغيير في المجتمع. وللأسف ان سيطرة الأحزاب ومراكز القوى على قرارات الجامعة (قيادة الجامعة، قيادة نقابة اعضاء هيئة التدريس، قيادة اتحاد الطلاب) وبطريقة "حكي لي ظهري احك لك ظهرك" قد اضعفت الجامعة بشكل كبير. فكما تعرف فإن الجامعة لم تؤسس لأي شكل من اشكال التفكير الوطني المستقل وتركزت عمليات الصراع والتوافق على خطوط حزبية او وفقا لمصالح وتوجهات مراكز القوى. واعتقد ان هناك شعور بين اساتذة الجامعة بان الطريقة التي تطورت بها الأمور حتى الان خارج الجامعة بما في ذلك ما بات يعرف بثورة المؤسسات لم يؤدي حتى الان الى اي تغيير حقيقي او جوهري.
هناك ايضا من يخاف من تجيير اي تحرك داخل الجامعة لصالح تيار متشدد داخل حزب الإصلاح لطالما اشتكى منه الثوار داخل ساحة التغيير، فيسيطر ذلك التيار على الجامعة ويحولها الى زنجبار الشمال. وهذا تخوف مشروع وان كان فيه بعض المبالغة.
شخصية
*محمد الهمداني: ما الرسالة التي يمكن أن توجهها إلى كلٍ من: شباب الثورة – الرئيس هادي – حكومة الوفاق – أحزاب المشترك – حزب المؤتمر – الحوثيين – الحراك الجنوبي؟
شباب الثورة: عليهم ان يهتموا بالتشبيك مع بعضهم البعض ويعملوا على تنمية قدراتهم على العمل في استقلال عن مراكز القوى. مصالحنا حتى اليوم تتفق مع مصالح الشيخ حميد الأحمر واللواء علي محسن الأحمر ومع مصالح قادة الأحزاب لكننا لسنا على ثقة من ان هذا التناغم سيستمر غدا او بعد غد. الغالب انه لا يستمر طويلا.
الرئيس هادي: عليه ان يستفيد من اخطاء صالح وأن يتذكر ان عليه ان يتصرف بسرعة لإنه لا يملك الكثير من الوقت، وان ينأى بنفسه عن أي حزب سياسي ويحافظ على مسافة واحدة من جميع الأحزاب ومراكز القوى فالمساواة ولو في الظلم كما يقولون عدل
حكومة الوفاق: عليها الالتزام بالشفافية التامة ومصارحة الناس بالحقائق حتى يكونوا على دراية كافية بما يدور وان تمتلك روح المبادرة في امور كثير ة بما في ذلك مسألة دمج الجيش
احزاب اللقاء المشترك: اوجه لها نفس الرسالة الموجهة الى شباب الساحات.
حزب المؤتمر: لا يوجد لدي ما اقوله حتى الان لحزب احسن واحد فيه هو علي عبد الله صالح.
الحوثيين: منذ شهور وانتم تتصرفون خارج منطق السياسة وتستنزفون رصيدكم السياسي والاجتماعي والثقافي واخشى ان مضيتم على نفس الخط ان تسحقكم في النهاية طائرات السعوديين والأمريكيين واليمنيين بينما سيقف الجميع عندها للتصفيق. وعليكم ان تدركوا ان قيمتكم امواتا اعلى بالنسبة لبعض القوى من قيمتكم احياء بالنسبة لقوى أخرى. وليس كل ما يمكن عمله يجوز عمله. وفي السياسة هناك العاب خطرة تؤدي الى نتيجة واحدة.
*مجدي عبدالله (712586416): يقول البعض أنك تعيش في زغن حميد والآخر يقول أنك تقول أنه في زغنك. من منكم في زغن الآخر؟
سأل احد الناس الفيلسوف أرسطو في مسألة، فسكت ارسطو ولم يجب. فقال له السائل: قد سألتك فسكت فكاني بك وقد أعجزتك بسؤالي. فأجاب أرسطو: يا هذا لا يلام الإنسان على ترك الجواب اذا سأل حتى يتبين أن السائل قد أحسن السؤال لان حسن السؤال سبيل وعلة الى حسن الجواب.
*محمد الحميدي (715558915): لماذا تحول حقدك من الحقد على "علي صالح" إلى الحقد على رئيس أسبوعية الأهالي؟
لا ادري من هو رئيس تحرير الأهالي الذي تقصد ..الأهالي المصرية أو الأهالي الأردنية او اليمنية والأخيرة للأسف سطت على حقوق التسمية للصحيفتين المصرية والأردنية.. ولا كيف عرفت انني احقد عليه وما هي امارات ذلك الحقد. وعلى كل حال انا اتناول بالنقد ظواهر سياسية واجتماعية واقتصادية وكنت انقد رئيس الدولة في اليمن لإنه كان يستحق النقد وكنت انقده بطريقة بناءة. وقد كان صالح يقول عن نقاده انهم حاقدين كنوع من الدعاية ضدهم وكانت اذياله تردد ما يقول مثل الببغاوات.
وللأسف ان معظم رؤساء تحرير الصحف والمواقع اليمنية ربطوا انفسهم بالأجهزة الأمنية للأسرة المخلوعة وببعض الشلل الحزبية المتصيدة التي لا هم لها سوى الانقضاض على السلطة والثروة دون مراعاة مصالح الأمة. وقد وضع اولئك الصحافيين انفسهم فوق القانون وبلغت بهم النرجسية ان باتوا يكتبون وينشرون مقالات تسيئ الى الآخرين وتتضمن قذفا وسبا لمجرد ان ذلك يحقق لهم ارباحا او يقربهم من آل عفاش الدم الذين خابوا وخسروا وسيصيبهم الخزي والعار هم ومن دار في فلكهم الى يوم الدين.
بالنسبة لرئيس تحرير صحيفة الأهالي اليمنية فلا اعتقد ان صحيفته تؤثر الى الحد الذي يجعلني اخصص لها او لرئيس تحريرها مقالا خاصا به كما فعلت مع صحف ومواقع اخرى. صحيح انها مؤتمرية تتظاهر بالتبعية للإصلاح وانها تخصصت قبل الثورة في مهاجمة اللقاء المشترك ولجنة الحوار الوطني لكنها في مرحلة الثورة تغيرت بعض الشيء او على الأقل تظاهرت بالتغيير وتحولت ثورتها ضد المشترك الى ثورة مع المشترك. لكن ذلك لا يعد سببا كافيا وعلى كل حال اذا حدث وان نقدتها مستقبلا فان ذلك لا يعني انني احقد على صاحبها فلا يمكن لشخص مثلي ان يحقد على شخص يركب على اربعة احزاب ويعمل قياديا في الدولة ويحاول ارضاء اكثر من سيد في وقت واحد. ثم اننا لسنا في خلاف على ارض او ورث او استثمار مشترك، هو يعتقد ان ما يقوم به عمل وطني وانا اعتقد ان ما اقوم به عمل وطني ويندرج في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهناك قضاء يمكن ان يفصل في صحة ما يكتب.