الأربعاء، 29 فبراير 2012

حكومة باسندوة وصعوبة تجاهل اسعار النفط

زارني قبل ايام صحفي اجنبي. وقد استأجر سيارة تاكسي من حدة جنوب العاصمة الى شارع النصر في شمالها. وعندما وصل الصحفي عند الباب وكنت لحظتها في انتظاره، لاحظت انه ناول سائق التاكسي  500 ريال او حوالي 2.5 دولار. وعندما لم يقتنع سائق التاكسي اعطاه الصحفي بعد اخذ ورد  200 ريال اضافية ليصل المبلغ الى 700 ريال يمني او حوالي  3.5 دولار.  ولما لم يقتنع سائق التاكسي بالأجر تابع الصحفي طريقه في اتجاهي رافضا  اي تفاهم. وعندها نظر الي سائق التاكسي، الذي بدا لي انه شخص مهذب، بحيرة بالغة.  واضطررت عندها دون ان الفت انتباه الزائر  الى اعطاء سائق التاكسي مبلغا اضافيا  بهدف التقليل من  الخسارة التي ستلحق به. 
وقد ذكرتني الحادثة بمازق حكومة الوفاق الوطني التي يراسها الأستاذ محمد سالم باسندوة فيما يتعلق باسعار المشتقات النفطية.  فمن الواضح ان هناك وزراء في حكومة الوفاق يرون ان هناك صعوبة بالغة في تخفيض اسعار المشتقات النفطية اما لإن زيادتها الى المستويات الحالية كان دائما مطلبا للمانحين واحد الشروط المسبقة لدعم الحكومة، أو لإن عائدات النفط تشكل المصدر الأساسي وربما الوحيد لتغطية الإحتياجات الحكومية من النقود. ولذلك يناصر هذا التيار داخل الحكومة سياسة وضع مسالة اسعار المشتقات النفطية خلف الظهر.  
والمشكلة هي ان الإحتفاظ بالمستوى الحالي لأسعار المشتقات النفطية والذي يقترب فيه سعر اللتر من البترول من الدولار، وان كان يحل جزئيا مشكلة احتياج الحكومة للعائدات النقدية خلال الأجل القصير، فانه قد يكون له نتائجه الخطيرة على الإقتصاد الوطني  خلال الأجال القريب والمتوسط والطويل ناهيك بالطبع عن آثاره الكارثية على المجتمع من حيث زيادة رقعة الفقر وجعل حياة الناس اكثر قسوة من الموت. 
ولذلك فان حكومة باسندوة مطالبة بالتوقف عند الأسعار الحالية للمشتقات النفطية بجدية بدلا من الهروب من المشكلة  وان تعمل على تقييم آثار المستويات الحالية لأسعار المشتقات النفطية على كافة الصعد وفي مقدمة ذلك آثارها على رقعة الفقر في المجتع، وعلى قدرة القطاعات الإقتصادية المختلفة،  وفي مقدمتها قطاعات السياحة والصناعة والخدمات، على تحقيق المستوى المنشود من النمو. فلا يعقل ابدا ان يتحول ايجار مشوار التاكسي في العاصمة اليمنية صنعاء الى واحد من اغلى المشاوير في العالم، ثم نتحدث بعد ذلك عن نمو قطاع السياحة في اليمن. 
وصحيح ان الحكومة قد تجد صعوبة في نهاية المطاف في تخفيض اسعار مشتقات النفط، لكنها لن تجد صعوبة بالتأكيد في ايجاد حلول للمشاكل الناجمة عن  المستوى الحالي للأسعار.  
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق