د. عبد الله الفقيه
أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاءتحتفل "الرشد" هذا الأسبوع بصدور عددها الـ100 وهي مناسبة تستحق التوقف عندها ، وبداية فانا من اشد المعجبين بفكرة أن تصدر الرشد من محافظة تبلغ مساحتها أكثر من ثلث مساحة الجمهورية اليمنية ولها حضورها التاريخي القوي في الذاكرة الإنسانية وان تحاول صحيفة الرشد دمج المضمون الوطني بالمضمون المحلي وتقدم مادة متنوعة ومعتدلة وهادفة وان تعمل على بناء الجسور العابرة للخنادق التي حفرها المناطقيون والعنصريون.لكن الطريق أمام صحيفة الرشد التي تمثل نموذجا لصحافة المستقبل ما زال مليء بالمطبات الاصطناعية.
لقد أتيح لي لقاء خاطف مع الأستاذ طه بافضل رئيس تحرير الرشد قبل حوالي شهرين وقد هالني ما سمعت منه يومها حول معاناته مع نقابة الصحفيين اليمنيين بشأن الحصول على البطاقة الصحفية إلى الحد الذي منحت النقابة الشخص الذي يتابع معاملة الأستاذ طه البطاقة الصحافية في حين أنها ما زالت تبحث في كل مرة عن عذر جديد لعدم إعطاء الأستاذ طه بطاقة صحفي.
ولن استغرب أن يكون هناك في نقابة الصحافيين من يعتقد أن البطاقة الصحافية كثيرة على شخص من حضرموت حتى وان كان رئيس تحرير صحيفة. فهناك معيد في قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء مضي عليه عشر سنوات وهو ينتظر درجته الوظيفية ومع انه كان من المفترض أن ينال تلك الدرجة العام الماضي الا أن رئيس قسم العلوم السياسية ونائب رئيس جامعة صنعاء تآمرا على درجته وحولاها لمعيدة من صنعاء ومشكلة المعيد الذي ما زال بدون درجة حتى اليوم هي أن اسمه "احمد الحضرمي" مع انه لا علاقة له بحضرموت. أما الدكتور عمر العمودي الذي ليس لديه مشكلة في اللقب ولكن في الانتماء، فقد تآمر عليه نفس الشخصين وجعلاه يعمل بالأجر بالساعة لمدة عشر سنوات وكأنه قادم من بنجلادش، ولم يعيد للعمودي اعتباره سوى الدكتور صالح باصرة عندما عمل رئيسا لجامعة صنعاء.
وما يحدث للأستاذ طه هو سيف مسلط على رقبة كل يمني. فكلنا في الهم شرق كما يقولون. فقد ترقى رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة صنعاء إلى أستاذ مشارك برسالة الماجتسير التي ظل يعيد كتابتها كل مرة بطريقة مختلفة وآخر نسخة منها صدرت على شكل كتاب عن مركز سبأ للدراسات الإستراتيجية تحت عنوان لا علاقة له بالمضمون. أما نائب رئيس جامعة صنعاء المشار اليه فقد ترقى إلى الأستاذية بمقالات كتبها للصحف وتقارير كتبها لأجهزة الأمن حول زملائه. أما كاتب هذه السطور، ورغم ان لقبه ليس الحضرمي ولا ينتمي الى حضرموت، فقد عومل عندما تقدم لنيل حقه في الترقية كما لو كان يهودي قادم من إسرائيل.
وللأمانة فإن هناك بعض التنوع العرقي والمناطقي في مجلس نقابة الصحافيين يفوق الموجود في المجلس الأكاديمي في جامعة صنعاء لكن لا احد يدري أن كانت بطاقة النقابة تصدر عن مجلسها أم عن أجهزة الأمن، وما يعانيه رئيس تحرير صحيفة الرشد من نقابة الصحافيين هو ما أعانيه أنا والكثيرون غيري من نقابة أعضاء هيئة التدريس في جامعة صنعاء. لقد غزت الأجهزة الأمنية النقابات الطليعية وفرغتها من أي مضمون نضالي وحولتها إلى هياكل محنطة تحركها أصابع الأجهزة الأمنية ذات اليمين وذات اليسار. واذكر أنني شكيت أكثر من مرة لنقيب المدرسين في جامعة صنعاء التمييز الذي تمارسه الجامعة في موضوع ترقيتي فرد علي آخر مرة بان مرتبه موقف من قبل رئاسة الجامعة ومن يومها نسيت موضوع ترقيتي وبدأت أفكر بمرتب النقيب الموقوف. وعزاؤنا الوحيد في وطن هذا حاله أن نتذكر دائما أن البطاقة الصحافية لا تصنع الصحافي ولا الترقية تصنع أستاذ الجامعة وان اللص قد يسرق من الإنسان عشر سنوات من عمره أو درجته الوظيفية لكنه لا يستطيع أن يسرق منه الرغبة في الحياة أو التصميم على النجاح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق