د. عبد الله الفقيه
لم أكن متفائلا كثيرا بنجاح صحيفة "إيلاف" التي ينشرها الأخ الصحفي محمد الخامري لأني كنت–وما زلت—أدرك ان عمل الصحفي (الحقيقي) في اليمن—وليس فقط عمل رئيس الجمهورية—هو مثل الرقص "مع" و"بين" و "على" رؤوس الثعابين. لكن الخامري خيب "سوء ظني" واثبت انه يملك القدرة على الرقص على رؤوس الثعابين برشاقة. وها هو يكمل السنة الأولى ومازال "واقفا" ومحافظا على قدر من "التوازن." وفي الوقت الذي كشرت فيه بعض الصحف عن مخالبها "الفئوية" أو "المناطقية" أو "الليبرالية الجديدة" إلى الحد الذي يجد فيه الواحد منا صعوبة في لمسها دون ان يلبس قفازا مضادا للسموم فانه يحسب ل"إيلاف" وناشرها تحررهما "النسبي" حتى الآن من داء "الفئوية" البغيض ومن "الكهنوتية الحزبية" التي تحول العمل السياسي إلى عمل مافاوي "نسبة إلى المافيا"، ومن "ليبرالية" المحافظين الجدد في واشنطن ووكلائهم في العالم العربي.
لقد ساهمت إيلاف في عامها الأول في تطور الصحافة اليمنية من خلال إخراجها المتميز، ونوع الورق والتوظيف الراقي للصورة ولغة التحرير. ولعل بصمة إيلاف المميزة ومساهمتها الملحوظة في إثراء ثقافة التسامح قد تمثلت في فتح أبوابها لهذا الجدل الفقهي الذي يمثله العديد من الأصوات. فهذا الجدل ومهما كانت سخونته في البداية هو الذي يجعل الناس يستبدلون البنادق بالأقلام و"الباروت" ب"الأحبار." وبفضل هذا الجدل يقضي الناس أوقاتهم في إعمال الفكر وفي البحث عن البراهين والحجج لما يقولون بدلا من قضاء الوقت في التفكير في كيفية قتل الآخر. وهذا الجدل هو الذي يعطي للفكرة أي فكرة كانت شرعيتها في التعبير عن نفسها بطريقة سلمية وهو الذي يحول الاختلاف إلى قوة ائتلاف.
وأقرأ في إيلاف وبشكل منتظم عمود الدكتور عبد الله المقالح الذي مازال محافظا على رصانة الأكاديمي وسعة أفقه وقدرته على التفريق بين "الشخصي" و"الحزبي" و"الوطني." واقرأ كذلك عمود الشاعر رزق عايض "نبض الشارع" والذي يتسم بالبساطة والصدق والقوة في الطرح وأتمنى ان تتمكن إيلاف من جمع ما ينشر في العمود وإصداره في كتاب. واحرص كذلك على قراءة كلمة رئيس التحرير لما تنطوي عليه "غالبا" من درجة عالية من الصدق والمكاشفة. ولعل طريقة إخراج "إيلاف" هي التي تجعلني اقرأ كل ما يرد في الصفحة الأولى من أخبار. أما المقابلات الصحفية التي تجاوزها العالم وما زالت في اليمن تمثل الغذاء الأساسي الذي تقدمه الصحف للقراء، فاقرأ معظمها وخصوصا تلك التي تلقي الضوء على جوانب خاصة في حياة الأشخاص وتساعد القارئ على التفكير بهم ليس فقط ك"حيوانات سياسية" ولكن أيضا كبشر مثلنا قادرين على التفريق بين لحوم الحيوانات ولحوم البشر.
وبإكمال "إيلاف" لعامها الأول بنجاح لم يعد هناك من مبرر للقلق بشأن مستقبلها। فالنجاح في الغالب يقود إلى النجاح। والمتوقع من "ايلاف" في قادم الأيام هو ان تواصل تطورها نحو المزيد من المهنية والمسئولية। ولا يتحقق النجاح المطلق الا بالجهد والمثابرة والمؤسسية التي تكسب الصحيفة احترام القارئ والمعلن। وعلى الصحيفة في هذا الجانب أولا ان تبتعد عن التسريبات التي تستهدف أشخاصا أو هيئات لأغراض سياسية أو للحصول على اعلانات لأن مثل هذا الأسلوب قد يساعد الصحيفة على البقاء لبعض الوقت لكنه لا يمكن ان يساعدها على البقاء والاستمرار طوال الوقت. ولأن المستقبل سيشهد تنام للفرز "الطائفي" والمناطقي" و"الفئوي" فان من المهام لإيلاف ولكل الصحف التي تريد النجاح ان تمتلك مشروعا وطنيا يتجاوز المشروعات الصغيرة المدعومة من السلطة أو وهو الأسوأ من الخارج.
لم أكن متفائلا كثيرا بنجاح صحيفة "إيلاف" التي ينشرها الأخ الصحفي محمد الخامري لأني كنت–وما زلت—أدرك ان عمل الصحفي (الحقيقي) في اليمن—وليس فقط عمل رئيس الجمهورية—هو مثل الرقص "مع" و"بين" و "على" رؤوس الثعابين. لكن الخامري خيب "سوء ظني" واثبت انه يملك القدرة على الرقص على رؤوس الثعابين برشاقة. وها هو يكمل السنة الأولى ومازال "واقفا" ومحافظا على قدر من "التوازن." وفي الوقت الذي كشرت فيه بعض الصحف عن مخالبها "الفئوية" أو "المناطقية" أو "الليبرالية الجديدة" إلى الحد الذي يجد فيه الواحد منا صعوبة في لمسها دون ان يلبس قفازا مضادا للسموم فانه يحسب ل"إيلاف" وناشرها تحررهما "النسبي" حتى الآن من داء "الفئوية" البغيض ومن "الكهنوتية الحزبية" التي تحول العمل السياسي إلى عمل مافاوي "نسبة إلى المافيا"، ومن "ليبرالية" المحافظين الجدد في واشنطن ووكلائهم في العالم العربي.
لقد ساهمت إيلاف في عامها الأول في تطور الصحافة اليمنية من خلال إخراجها المتميز، ونوع الورق والتوظيف الراقي للصورة ولغة التحرير. ولعل بصمة إيلاف المميزة ومساهمتها الملحوظة في إثراء ثقافة التسامح قد تمثلت في فتح أبوابها لهذا الجدل الفقهي الذي يمثله العديد من الأصوات. فهذا الجدل ومهما كانت سخونته في البداية هو الذي يجعل الناس يستبدلون البنادق بالأقلام و"الباروت" ب"الأحبار." وبفضل هذا الجدل يقضي الناس أوقاتهم في إعمال الفكر وفي البحث عن البراهين والحجج لما يقولون بدلا من قضاء الوقت في التفكير في كيفية قتل الآخر. وهذا الجدل هو الذي يعطي للفكرة أي فكرة كانت شرعيتها في التعبير عن نفسها بطريقة سلمية وهو الذي يحول الاختلاف إلى قوة ائتلاف.
وأقرأ في إيلاف وبشكل منتظم عمود الدكتور عبد الله المقالح الذي مازال محافظا على رصانة الأكاديمي وسعة أفقه وقدرته على التفريق بين "الشخصي" و"الحزبي" و"الوطني." واقرأ كذلك عمود الشاعر رزق عايض "نبض الشارع" والذي يتسم بالبساطة والصدق والقوة في الطرح وأتمنى ان تتمكن إيلاف من جمع ما ينشر في العمود وإصداره في كتاب. واحرص كذلك على قراءة كلمة رئيس التحرير لما تنطوي عليه "غالبا" من درجة عالية من الصدق والمكاشفة. ولعل طريقة إخراج "إيلاف" هي التي تجعلني اقرأ كل ما يرد في الصفحة الأولى من أخبار. أما المقابلات الصحفية التي تجاوزها العالم وما زالت في اليمن تمثل الغذاء الأساسي الذي تقدمه الصحف للقراء، فاقرأ معظمها وخصوصا تلك التي تلقي الضوء على جوانب خاصة في حياة الأشخاص وتساعد القارئ على التفكير بهم ليس فقط ك"حيوانات سياسية" ولكن أيضا كبشر مثلنا قادرين على التفريق بين لحوم الحيوانات ولحوم البشر.
وبإكمال "إيلاف" لعامها الأول بنجاح لم يعد هناك من مبرر للقلق بشأن مستقبلها। فالنجاح في الغالب يقود إلى النجاح। والمتوقع من "ايلاف" في قادم الأيام هو ان تواصل تطورها نحو المزيد من المهنية والمسئولية। ولا يتحقق النجاح المطلق الا بالجهد والمثابرة والمؤسسية التي تكسب الصحيفة احترام القارئ والمعلن। وعلى الصحيفة في هذا الجانب أولا ان تبتعد عن التسريبات التي تستهدف أشخاصا أو هيئات لأغراض سياسية أو للحصول على اعلانات لأن مثل هذا الأسلوب قد يساعد الصحيفة على البقاء لبعض الوقت لكنه لا يمكن ان يساعدها على البقاء والاستمرار طوال الوقت. ولأن المستقبل سيشهد تنام للفرز "الطائفي" والمناطقي" و"الفئوي" فان من المهام لإيلاف ولكل الصحف التي تريد النجاح ان تمتلك مشروعا وطنيا يتجاوز المشروعات الصغيرة المدعومة من السلطة أو وهو الأسوأ من الخارج.
نشر في صحيفة "ايلاف" بتاريخ 6اغسطس 2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق