الجمعة، 15 نوفمبر 2019

تجربتي مع المركز العربي للأبحاث والدراسات (1+2)


الإهداء...إلى صديقي اللدود الدكتور محمد بن ناصر..لقد وصلتني جميع رسائلك وفهمتها جيدا وخصوصا الأخيرة منها، ولن أقول سوى عودا حميدا ولينصرن الله من ينصره. 




هكذا بدأت تجربتي كباحث في التعاون مع المركز العربي للأبحاث والدراسات ومقره الدوحة. فقد تلقيت في مايو الماضي دعوة لكتابة ورقة للمشاركة في ورشة عمل حول النزوح القسري في الدول العربية.

وانحصرت معلوماتي السلبية عن المركز حينها في جانبين:
الأول، انني نزلت ذات مرة من موقع المركز استبيانا مفبركا حول اليمن يزور اتجاهات الراي العام نحو ما حدث في موفنبيك، وما زلت احتفظ بالاستبيان، واصر على أنه مفبرك 100% ؛
والثاني ان دبلوماسي اجنبي  كان يخدم في الدوحة واتحفظ عن ذكر اسمه قال لي ذات مرة وفي سياق غلب عليه الهزل أن اثنين من اجهزة الاستخبارات يتنازعان السيطرة على المركز أحدهما الجهاز الذي نفذ هجمات الـ11 من سبتمبر، والثاني  الجهاز الذي قام بالتغطية على عمليات الأول.


وقد اعتبرت مقولته حينها بمثابة مزحة ثقيلة رغم حدسي القوي بأن أي مركز بحثي بحجم المركز العربي، او مركز المستقبل العربي، والأخير مقره في بيروت، لا يمكن له البقاء خارج نطاق سياسات الهيمنة الدولية والاقليمية، وهي هيمنة تتصف حاليا بالعداء للإنسان وحرياته وحقوقه الاساسية.  



**********
كنت قد أمتنعت منذ بداية الحرب رغم ظروفي القاسية التي لا يعلمها سوى الله عن المشاركة في اي عمل بحثي، وهذا التزام اخلاقي ذاتي نابع من احساسي بأن كل ما يمكن ان يكتب في ظل الحرب يمكن للعدو اللئيم المتربص أن يستفيد منه بطريقة أو بأخرى في شرعنة حصار وقتل وتجويع اليمنيين واستدامة مثل هذه الدوامة. 

دعوكم من شلة "مالك ابن الأشتر"، وشلة "اموت فيك يا امريكا ويا اسرائيل" وشلة "سيادة" فهناك اكاديميين في مختلف الجامعات اليمنية يقبضون على القيم كما يقبض الانسان على الجمر." 

لكن مع حلول السنة الخامسة من الحرب، ومع موضوع بريء مثل "النزوح القسري" الناتج عن الحرب، وجدت أنه من الصعب أن أقول "لا." فالنزوح الناتج عن الحرب هو أسوأ جوانب الأزمة الانسانية التي صنعها العدوان في اليمن والبحث في هذه الظاهرة مهما كانت صعوبة الظروف سيعطي هذه الشريحة الاجتماعية صوتا وقد يحدث تغييرا ايجابيا في أوضاعهم مهما كان محددوا. 



وربما أن ما شجعني على الاستجابة للدعوة هو خمسة اسباب على الأقل:

اولا، تبعية المركز للديوان الأميري بقطر ولا يعقل بمركز بحثي يتبع ديوان الأمير في دولة أن يمارس تصرفات غير أميرية تمثل الأمير أسوأ تمثيل.

ثانيا، أن رئيس المركز هو المفكر القطري من أصل فلسطيني عزمي بشارة صاحب هذه الهالة والأمبراطورية الاعلامية الكبيرة والذي لا يعقل أن يدير مركزا توظفه اجهزة الاستخبارات لشن الحروب النفسية والتعذيب النفسي وسرقة الباحثين باساليب بلطجية.

ثالثا، مهما كان سوء اخلاق وإنحطاط أي منظمة بحثية فإنها لا بد كحد أدنى أن تفرق بين قضايا انسانية بحتة يجب أن تبحث على أنها كذلك وبين قضايا الحرب والسلم.

رابعا، هناك فرق بين السياسة كممارسة لا تخضع  في عصرنا لأي قيمة اخلاقية محددة خارجة عنها وبين البحث العلمي في الظاهرة السياسية.

خامسا، يعمل الباحثون الجادون عادة في إطار ما يسمى بالنموذج البحثي أو الايديولوجية البحثية أو المدرسة أو البرادايم، وايا كان نوع ذلك النموذج فإنه يقوم على قيم اخلاقية معينة يصعب الاستخفاف بها أو الخروج عنها الا على السذج الذين يظنون أن القوة بالفعل يمكنها ان تصنع المعرفة.
  

وفي ظل الاعتبارات السابقة وافقت واقترحت موضوع ورقتي ...    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق