عبدالعزيز التويجري*
صحيفة الحياة ٧ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٦
هل هي نازية جديدة، وإذكاء متعمد ونفخ مقصود في النيران الخامدة للصراع بين الثقافات؟ فالمؤشرات التي تأتي من الولايات المتحدة الأميركية، تكشف عن الخطوط العريضة للسياسة التي سيتبعها ساكن البيت الأبيض المقبل. ويتضح ذلك في صورة خاصة، من بعض التصريحات والتغريدات التي تصدر عن أعضاء في فريق الإدارة الأميركية الذي اختاره الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
فالمرشح لمنصب مستشار الأمن القومي، الجنرال مايكل فلين، يصرح في تغريدة له بأن «الخوف من الإسلام منطقي»، ويصف الإسلام بالسرطان، ويقول أنه «فكر سياسي يستتر خلف الدين». وستيف بانون، أهم مستشاري ترامب، يقول: «إن الغرب القائم على العقائد المسيحية - اليهودية بدأ صراعا دمويا ضد الإسلام الفاشي الذي يهدد بفنائنا». ومايكل بومبيو، المرشح لمنصب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، يقول: «إن الصراع يمتد ليشمل ليس فقط المسلمين المنخرطين في أعمال العنف والتطرف»، وأنه «لا يجب أن نقول إن كل المسلمين سيئون، لكن علينا أن نوسع دائرة الاشتباه للحفاظ على أمن الأميركيين وسلامتهم ».
هذه الأقوال والتصريحات لا تكاد تختلف في شيء، من حيث المضمون العام، عما قاله ترامب نفسه في مقابلة مع محطة «سي إن إن» قبل شهور، من أن «من الصعب التمييز والفصل بين الإسلام المتشدد وبين الإسلام ذاته. وأعتقد أن الإسلام يكرهنا ». فضلا عن تصريحه المدوي بمنع المسلمين من دخول أميركا، وبضرورة تسجيل المسلمين القادمين الى أميركا بعد فحصهم جيدا واختبار درجة قربهم من الأفكار المتطرفة، إلى غيرها من التصريحات التي طبعت حملته الانتخابية، وأبانت عن أفكاره العنصرية وعن آرائه المتطرفة حول قضايا دولية كثير منها ما يخص العالم الإسلامي وله علاقة بالإسلام وبالمسلمين. وهو الأمر الذي يضعنا أمام مدرسة في الفكر السياسي إذا ما اعتمدت في الممارسة والتنفيذ، ستكون لها أثار سلبية مدمرة، ستنجم منها كوارث سياسية يكون الشعب الأميركي من ضحاياها.
منذ ست عشرة سنة، انطلقت فكرة الحوار بين الثقافات التي تبلورت ونضجت فاتبعت بفكرة التحالف بين الحضارات، بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، في المرحلتين الأولى والثانية. وكان من الأهداف الرئيسة للفكرتين معا، تعزيز قيم الحوار والتعايش والتفاهم والوئام بين البشر، والتصدي لموجات الكراهية والعنصرية والتمييز العرقي والديني المخالف للقوانين الدولية، ومراجعة أفكار الصراع بين الحضارات والصدام بين الثقافات، ومقاومة حرب الأفكار التي منها تنبعث الأزمات التي تهدد الأمن والسلم الدوليين. وقد عرفت الفكرتان، الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، رواجا واسعا في أوساط النخب الثقافية والفكرية والأكاديمية العالمية، كما بين القيادات السياسية على النطاق الدولي. ثم طرحت اليونسكو فكرة التقارب بين الثقافات، وعملت على توسيع دائرة انتشارها. وكان للمملكة العربية السعودية جهد كبير ومحمود دوليا، في هذا المعترك الثقافي الإنساني العالمي بإطلاق «مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات»، وبتأسيس «مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين الأديان والثقافات» الذي يتخذ من فيينا في النمسا مقرا له، وبإنشاء «كرسي الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين الثقافات» في اليونسكو. وكانت تلك المبادرات تفعيلا لإعلان نيويورك الصادر عن الاجتماع رفيع المستوى للحوار بين الأديان والثقافات والحضارات المنعقد في مقر الأمم المتحدة سنة 2008. كما كانت للإيسيسكو ولا تزال جهود مهمة في هذا السياق أثمرت عددا من المبادرات والشراكات مع كبريات المنظمات الدولية والإقليمية.
لكن هذه الجهود الدولية لتعزيز قيم الحوار ومحاربة الكراهية والعنصرية ومقاومة ازدراء الأديان والتصدي للتمييز العرقي والديني، باتت خلال هذه المرحلة الحرجة، مهددة بالتراجع، ما لم تكن قد أصيبت بالانتكاسة، نتيجة لتصاعد موجات التطرف على مستوى الأفراد والجماعات المتشددة، وعلى مستوى بعض الحكومات التي تتطرف في مواقفها فتنتهك القوانين الدولية.
وإذا سلمنا بأن الرئيس الأميركي المنتخب سيغير سياسته المعلنة حتى الآن، ويخضع لضرورات الحكم، فإن العمق والمضمون لن يتغيرا، فهو في النهاية سيمثل معتقداته ولن يفرط فيها، وبالتالي لن يحدث تحول مهم في السياسة التي ستنتهجها الإدارة الأميركية المقبلة. وهو الأمر الذي يتطلب أن نفترض أسوأ الاحتمالات، خصوصا على مستوى قضايا الشرق الأوسط التي تهمنا في المقام الأول، حيث تتصاعد الأزمة الخطيرة في كل من سورية والعراق واليمن وليبيا، ويسود عدم اليقين في قراءة قسمات المستقبل في مداه القريب.
فليس من قبيل التهويل أن نتوقع مزيدا من الاضطرابات في المنطقة، مع دخول الرئيس الأميركي المنتخب إلى البيت الأبيض ومباشرته العمل بالسياسة الخارجية التي ستعتمدها إدارته. فمن الحكمة السياسية التي يتوجب أن تفرض نفسها في جميع الأحوال، أن يدرس العرب جميع الاحتمالات المتوقعة، وأن يعيدوا النظر في سياساتهم وفي مواقفهم، بل في اختياراتهم وتوجهاتهم، لأن الأخطار الجمة محدقة بالجميع.
* أكاديمي سعودي
صحيفة الحياة ٧ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٦
هل هي نازية جديدة، وإذكاء متعمد ونفخ مقصود في النيران الخامدة للصراع بين الثقافات؟ فالمؤشرات التي تأتي من الولايات المتحدة الأميركية، تكشف عن الخطوط العريضة للسياسة التي سيتبعها ساكن البيت الأبيض المقبل. ويتضح ذلك في صورة خاصة، من بعض التصريحات والتغريدات التي تصدر عن أعضاء في فريق الإدارة الأميركية الذي اختاره الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
فالمرشح لمنصب مستشار الأمن القومي، الجنرال مايكل فلين، يصرح في تغريدة له بأن «الخوف من الإسلام منطقي»، ويصف الإسلام بالسرطان، ويقول أنه «فكر سياسي يستتر خلف الدين». وستيف بانون، أهم مستشاري ترامب، يقول: «إن الغرب القائم على العقائد المسيحية - اليهودية بدأ صراعا دمويا ضد الإسلام الفاشي الذي يهدد بفنائنا». ومايكل بومبيو، المرشح لمنصب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، يقول: «إن الصراع يمتد ليشمل ليس فقط المسلمين المنخرطين في أعمال العنف والتطرف»، وأنه «لا يجب أن نقول إن كل المسلمين سيئون، لكن علينا أن نوسع دائرة الاشتباه للحفاظ على أمن الأميركيين وسلامتهم ».
هذه الأقوال والتصريحات لا تكاد تختلف في شيء، من حيث المضمون العام، عما قاله ترامب نفسه في مقابلة مع محطة «سي إن إن» قبل شهور، من أن «من الصعب التمييز والفصل بين الإسلام المتشدد وبين الإسلام ذاته. وأعتقد أن الإسلام يكرهنا ». فضلا عن تصريحه المدوي بمنع المسلمين من دخول أميركا، وبضرورة تسجيل المسلمين القادمين الى أميركا بعد فحصهم جيدا واختبار درجة قربهم من الأفكار المتطرفة، إلى غيرها من التصريحات التي طبعت حملته الانتخابية، وأبانت عن أفكاره العنصرية وعن آرائه المتطرفة حول قضايا دولية كثير منها ما يخص العالم الإسلامي وله علاقة بالإسلام وبالمسلمين. وهو الأمر الذي يضعنا أمام مدرسة في الفكر السياسي إذا ما اعتمدت في الممارسة والتنفيذ، ستكون لها أثار سلبية مدمرة، ستنجم منها كوارث سياسية يكون الشعب الأميركي من ضحاياها.
منذ ست عشرة سنة، انطلقت فكرة الحوار بين الثقافات التي تبلورت ونضجت فاتبعت بفكرة التحالف بين الحضارات، بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، في المرحلتين الأولى والثانية. وكان من الأهداف الرئيسة للفكرتين معا، تعزيز قيم الحوار والتعايش والتفاهم والوئام بين البشر، والتصدي لموجات الكراهية والعنصرية والتمييز العرقي والديني المخالف للقوانين الدولية، ومراجعة أفكار الصراع بين الحضارات والصدام بين الثقافات، ومقاومة حرب الأفكار التي منها تنبعث الأزمات التي تهدد الأمن والسلم الدوليين. وقد عرفت الفكرتان، الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، رواجا واسعا في أوساط النخب الثقافية والفكرية والأكاديمية العالمية، كما بين القيادات السياسية على النطاق الدولي. ثم طرحت اليونسكو فكرة التقارب بين الثقافات، وعملت على توسيع دائرة انتشارها. وكان للمملكة العربية السعودية جهد كبير ومحمود دوليا، في هذا المعترك الثقافي الإنساني العالمي بإطلاق «مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات»، وبتأسيس «مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين الأديان والثقافات» الذي يتخذ من فيينا في النمسا مقرا له، وبإنشاء «كرسي الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين الثقافات» في اليونسكو. وكانت تلك المبادرات تفعيلا لإعلان نيويورك الصادر عن الاجتماع رفيع المستوى للحوار بين الأديان والثقافات والحضارات المنعقد في مقر الأمم المتحدة سنة 2008. كما كانت للإيسيسكو ولا تزال جهود مهمة في هذا السياق أثمرت عددا من المبادرات والشراكات مع كبريات المنظمات الدولية والإقليمية.
لكن هذه الجهود الدولية لتعزيز قيم الحوار ومحاربة الكراهية والعنصرية ومقاومة ازدراء الأديان والتصدي للتمييز العرقي والديني، باتت خلال هذه المرحلة الحرجة، مهددة بالتراجع، ما لم تكن قد أصيبت بالانتكاسة، نتيجة لتصاعد موجات التطرف على مستوى الأفراد والجماعات المتشددة، وعلى مستوى بعض الحكومات التي تتطرف في مواقفها فتنتهك القوانين الدولية.
وإذا سلمنا بأن الرئيس الأميركي المنتخب سيغير سياسته المعلنة حتى الآن، ويخضع لضرورات الحكم، فإن العمق والمضمون لن يتغيرا، فهو في النهاية سيمثل معتقداته ولن يفرط فيها، وبالتالي لن يحدث تحول مهم في السياسة التي ستنتهجها الإدارة الأميركية المقبلة. وهو الأمر الذي يتطلب أن نفترض أسوأ الاحتمالات، خصوصا على مستوى قضايا الشرق الأوسط التي تهمنا في المقام الأول، حيث تتصاعد الأزمة الخطيرة في كل من سورية والعراق واليمن وليبيا، ويسود عدم اليقين في قراءة قسمات المستقبل في مداه القريب.
فليس من قبيل التهويل أن نتوقع مزيدا من الاضطرابات في المنطقة، مع دخول الرئيس الأميركي المنتخب إلى البيت الأبيض ومباشرته العمل بالسياسة الخارجية التي ستعتمدها إدارته. فمن الحكمة السياسية التي يتوجب أن تفرض نفسها في جميع الأحوال، أن يدرس العرب جميع الاحتمالات المتوقعة، وأن يعيدوا النظر في سياساتهم وفي مواقفهم، بل في اختياراتهم وتوجهاتهم، لأن الأخطار الجمة محدقة بالجميع.
* أكاديمي سعودي
كله ضعف المسلمين وافتقارهم للقيادة
ردحذفيا دكتور انا معي حضور كامل وشرحت وحضرت الامتحان النصفي
ردحذفيعني ضامن اعمال السنة
وما اقدر اشتري ملزمة المقاومة بالحيلة ولا المؤمن الصادق ولا الامير
هل الاختبار اختار واحد من الاسئلة من ضمن مجموعة من الاسئلة مثل كل سنة؟
عشان اكتفي وأشتري كتاب الاتصال السياسي بس ما بش معي فلوس اشتريهم
بحفظة كامل واختار في الامتحان السؤال المتعلق به
يبدو ان الادارة الامريكية الجديدة للبيت الابيض ستكشف عن الوجه الحقيقي لامريكا وستكشف ماكان مخفي منها وسيظهر للعلن ولكن نحن نعرف تماما ان امريكا تحكمها مؤسسات وليسو اشخاص وبالتالي علينا الانتظار والتريث ليبدأ الرئيس الاميركي الجديد لنرى سياسته الجديدة
ردحذف٨٤٤رقم القيد