عبدالله الفقيه*
منذ بدأت محادثات فيينا متعددة الأطراف (الصين ومصر والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيران والعراق وإيطاليا
والأردن ولبنان وعمان وقطر وروسيا والسعودية وتركيا والإمارات والمملكة
المتحدة والأمم المتحدة والولايات المتحدة) حول الأزمة السورية في شهر اكتوبر الماضي، والوضع العسكري في اليمن يراوح مكانه او يتخذ شكل الكر والفر الذي يدفع ثمنه في النهاية اليمنيون من دمائهم ، وبغض النظر عن الطرف الذي يحاربون في صفه. ولا يمكن تفسير هذه المراوحة الا باستدعاء الربط "الخبيث" و "الخطير" الذي يتم بين ما يجري في سوريا، وما يجري في اليمن، وهو الربط الذي سيكون له مترتباته ليس فقط بالنسبة لليمنيين، ولكن بالنسبة للخليجيين ايضا! بل أنه يمكن ان يكون بحق "القشة" التي ستقصم ظهر اليمن والخليج.
ولكن كيف يمكن تفسير هذا الربط غير المنطقي، وغير الضروري، بين أحداث اليمن واحداث سوريا؟ هناك تفسيرين محتملين لهذه المسالة وهناك الكثير من الأدلة التي تدعم كل واحد منهما: الأول أن مزاعم دول الخليج بشأن تهديد الإنقلاب "الحوثي-العفاشي" لأمنها القومي ليست "حقيقية" ولا "واقعية" ولا تمثل تقييم الأسر الحاكمة في الخليج للوضع، وان ما يجري في اليمن لا "يعدو" عن كونه محاولة خليجية للتفاوض حول سوريا، بدماء اليمنيين.
أما التفسير الثاني فهو أن دول الخليج "صادقة" فيما يتعلق بتهديد "انقلابي" اليمن لأمنها القومي وان خطابها السياسي يعكس تقييمها للوضع بدقة، لكنها في ذات الوقت تفتقر الى استراتيجية واضحة وفعالة للتعاطي مع التهديد.
ووفقا للتفسير الثاني، فأنه بينما تجلس الأطراف المختلفة في محادثات فيينا للمساومة على أمن دول أخرى مثل سوريا، العراق، تركيا، ودول الخليج، فإن دول الخليج ذاتها تجلس في تلك المحادثات لتساوم على "امنها القومي."
وايا كان الوضع بالنسبة لدول الخليج في ظل هذا الربط الإعتسافي بين ما يجري في اليمن وما يجري في سوريا، فإنه لا يمكن الحديث عن "حسم" عسكري، أو سياسي، لما يجري في اليمن ولصالح اي طرف! وستظل الأوضاع تراوح في مكانها حتى يتم حسم الوضع في سوريا سلميا!
وحيث انه لا يوجد سقف زمني لمحادثات فيينا التي ستبدأ جولتها الثانية الشهر القادم، فهذا يعني بالنسبة لليمنيين أن بلادهم قد تتحول، وهي في انتظار جودو، الى سوريا أخرى!
* استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق