1. يفهم من القرارات التي اتخذت أن الملك يحاول بسرعة وحسم، ومن خلفه الأسرة المالكة، اصلاح الإختلال في التوازنات داخل الأسرة، والذي كان قد ظهر وتوسع خلال السنوات الأخيرة من حكم الملك عبدالله نتيجة محاولة الأمير متعب نجل الملك الراحل وخالد التويجري رئيس الديوان الملكي والأمير بندر سلطان رئيس مجلس الأمن الوطن وغيرهم استغلال مرض الملك لتعزيز مواقعهم داخل السلطة على حساب الأسرة المالكة. وصحيح أنه كان يمكن التدرج في اتخاذ القرارات لتجنب اي ارباك يمكن أن يحدث لكن الواضح أن القرارات لم تكن ارتجالية أو عشوائية ويبدو انها كانت معدة منذ وقت طويل بدليل أن القرارات المتصلة بالإنفاق الهائل (مرتبين لموظفي الدولة ومكافات للمتقاعدين وتخصيصات مختلفة) كانت مخططة ضمن الموازنة العامة للحكومة السعودية. كما يعتقد ايضا أن السرعة في اتخاذ القرارات والتزامن فيما بينها، أمر فرضته الظروف.
2. يحاول البعض من المغرضين قراءة القرارات على انها محاولة لتصفية ارث الملك عبدالله أو دور اسرته في حين أن المنصفين سيرون بوضوح أن الأوامر الملكية تعيد توزيع السلطة داخل الأسرة بعد أن كان قد تم تركيزها في أنجال الملك الراحل وانصارهم بدون وجه حق. فصحيح انه تم ابعاد انجال الملك الراحل من مواقع امارات مكة والرياض وابعاد احد احفاده عن حقيبة الإسكان، الا أن الصحيح ايضا ان الأمير متعب نجل الملك عبدالله قد احتفظ بحقيبة الحرس الوطني ولا يعتقد أنه سيتم ابعاده منها حفاظا على التوازنات داخل الأسرة من جهة ولإن استمرار متعب في موقعه يؤدي وظيفة معينة للنظام، من جهة ثانية. ولا يمكن تصور ابعاد متعب عن موقعه، الإ في حال خرج هو أو انصاره على قواعد اللعبة السياسية المتفق عليها داخل الأسرة.
3. اعطت الأوامر الملكية مواقع هامة للأسر الحليفة للأسرة المالكة من خارج اسرة ال سعود، وربما كان عدد الأمراء مقارنة بالتكنوقراط من خارج الأسرة المالكة في الحكومة التي شكلها الملك سلمان هو الأصغر في تاريخ السعودية في مؤشر على أن سلمان ومن خلفه الأسرة المالكة قد يعملون على توسيع دائرة المشاركة في السلطة، وهو الإتجاه المناسب.
4. تؤشر الأوامر الملكية وخصوصا من خلال احتفاظ وزارء الخارجية، النفط، والمالية بمواقعهم ان السعودية على الأقل في الوقت الحالي غير عازمة على احداث تغييرات واسعة في سياساتها النفطية والمالية والنقدية، أو في السياسة الخارجية، لكنها بالتأكيد لن تستمر في السياسات التي اتبعها المغامرون والتي قزمت دور السعودية كثيرا في العالمين العربي والإسلامي ولم يكن لها اي عائد يذكر قياسا بالتكلفة الهائلة.
5. كانت الأوامر الملكية موفقة في اغلاق الدكاكين الكثيرة التي أنشأها المغامرون لإيجاد مواقع لأتباعهم وأستبدالها بمجلسين هما مجلس الشئون السياسية والأمنية، ومجلس الشئون الإقتصادية والتنموية، ويعتقد أن هذه الخطوة سوف توحد وتعزز القبضة الأمنية وتسد الثغرات التي يمكن النفاذ منها لزعزعة أمن البلاد سواء من الداخل أو الخارج.
6. يمكن النظر الى القرارات التي اتخذت والتي لاقت ارتياح شعبي واسع على انها تهيىء المسرح لقرارات أخرى أكثر أهمية على الصعيدين الداخلي والخارجي، ولسياسات أكثر اتزانا من تلك التي اتبعت في السنوات الأخيرة من عهد الملك الراحل والتي يتحمل تبعاتها المغامرون وليس الملك الراحل الذي من الواضح انه لم يكن يمارس السلطة شخصيا خلال السنوات الأخيرة من عمره.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل ستصلح قرارات الملك سلمان ما أفسده المغامرون؟ والجواب هو أن هذا ما يأمله السعوديون والعرب والمسلمون. لكن المغامرين لن يسلموا بفشل مشروعهم بسهولة، والمتابع لردة فعلهم الإعلامية منذ صعود الملك سلمان الى السلطة في وقت مبكر من يوم 23 يناير 2015 سيلاحظ انهم مستعدون لممارسة المعارضة بالحق وبالباطل، ويعتقد ان القرارات التي اتخذها الملك سلمان ستزيد من حدة الموقف وراديكالية الخطاب.
ومع ان العمل الإعلامي المستتر (بما ينطوي عليه من معارضة سياسية) لا يمكن منعه في عصرنا وخصوصا اذا ما تلبس قميص الليبرالية المزيفة، الإ ان الخوف هو من لجوء العناصر المغامرة الى التلاعب بالورقة الأمنية اما باستغلال عناصرها المتغلغلة داخل مؤسسات الدولة، والأمنية منها على وجه خاص، أو بتوظيف علاقاتها وتحالفاتها وامتداداتها الخارجية المشبوهة لإفتعال المشاكل واثارة الزوابع. وقد أظهرت سلسلة الحوادث الأمنية التي شهدتها المملكة خلال الفترة الماضية أن الفئة المغامرة يمكن أن تفعل اي شيء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق