د. عبد الله الفقيه
دخل مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، والذي كان قد بدأ في 18 مارس 2013 ، شهره السابع متجاوزا بذلك فترة الـ6 اشهر التي حددت له، ولا يوجد في الأفق، رغم أن المؤتمر دشن في الـ8 من اكتوبر ما أطلق عليه في البداية "الجلسة الختامية" ثم تم التراجع عن التسمية، ما يشير الى أن هناك تاريخ معين يمكن ان تنتهي عنده بالفعل اعمال مؤتمر الحوار الوطني، أو حلول معينة يمكن أن يتوصل اليها ليس فقط بالنسبة للمشكلة الجنوبية وقضية صعدة، وبالتبعية قضايا بناء الدولة، ولكن ايضا في كل الأمور الأخرى المرتبطة بالقضايا المشار اليها.
أسباب الفشل
تتمثل أهم أسباب فشل مؤتمر الحوار الذي يجري في منتجع موفنبيك بحضور 565 شخصا يمثلون الأحزاب السياسية، التمرد الحوثي، الحراك الجنوبي، النساء، والشباب في:
1. الصراع على السلطة بين ثلاثة تحالفات واسعة، الأول يضم أهم قوى الثورة اليمنية التي خرجت في 11 فبراير 2011 مطالبة بالتغيير وأهم ثقل داخل هذا المعسكر هو اللواء الركن علي محسن صالح قائد المنطقة الشمالية الغربية وقائد ما كان يعرف بالفرقة الأولى مدرع والذي انضم مع الكثير من انصاره المدنيين والعسكريين الى الثورة، ويطلق على هذا الفريق "المحسنيين" نسبة الى محسن؛ والثاني، ويضم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ولقبه عفاش الدم، وما تبقى من انصاره ويطلق عليهم هنا "العفاشيين"؛ والثالث هو التحالف الصاعد الذي يقوده الرئيس عبد ربه منصور هادي والذي يرتكز بشكل اساسي على تيار "الزمرة" الذي انسلخ عن الحزب الإشتراكي اليمني بعد مواجهات عام 1986 بالإضافة الى بعض التيارات المحسوبة على الثورة وبعض القوى الجنوبية الأخرى، ويتم الإشارة اليهم هنا بـ"الهادويين." لقد غطى هذا الصراع الثلاثي، شكلا على الأقل، على كل القضايا التي كان يفترض ان يتولى مؤتمر الحوار معالجتها. وكانت النتيجة المباشرة هي تحول مؤتمر الحوار الى حلبة مصارعة بين الأعضاء بدلا من أن يعمل كملتقى للتفاهم وبناء الثقة وحل المشكلات.
2. طريقة التحضير والتشكيل والتي اعتمدت بشكل اساسي على تكتيكات المراوغة والمكر والخديعة وغياب الشفافية ومحاولة كل تيار من التيارات الثلاثة المشار اليها بعاليه السيطرة على اكبر عدد من المقاعد وملئها باشخاص يمكن ادارتهم بالريموت كنترول، وبلغت المهزلة ذروتها عندما تم تجنيد الكثير من الأعضاء على اساس ايمانهم الذي لا يخالطه اي شك بأن الفدرالية والنظام الرئاسي هما الحلان السحريان لمشاكل اليمن. وقد أدت اجراءات التحضير والتشكيل الى افقاد المؤتمر اي قدرة على التحول الى مؤسسة لصنع القرارات وحل المشكلات، وجعلت من الصعب بمكان حشد الدعم الشعبي لمخرجاته. أما الإدارة السيئة لأعمال المؤتمر فقد اربكت الجميع ممثلين ومتفرجين وزادت من عبثية المشهد الذي لا تنقصه العبثية.
3. الإنحراف بمسار المؤتمر والذي لم يظهر بالوضوح الكافي الا بعد انتهاء فترة الأشهر الستة دون أن يتم انجاز اي شيىء ذا قيمة. وكما تشير الدلائل فإن الإنحراف بمسار المؤتمر كان مخططا له منذ البداية وجزءا من الصراع الدائر بين الأطراف الثلاثة.فقد عملت بعض الأطراف في مرحلة التحضير على تحويل المؤتمر الى مجرد واجهة لتبني مشاريع تم طبخها في الغرف المغلقة من قبل عدد قليل من الناس ولاهداف تتعلق بالمصالح الشخصية والحزبية والمناطقية ولا تراعي ما يمكن وما لا يمكن تحقيقه في ظل المعطيات الداخلية والإقليمية والدولية. وقد تجلى ذلك الإنحراف في توسيع العضوية ونوعيتها، تطويل فترة انعقاد المؤتمر دون اي مبرر، اشغال اعضاء المؤتمر بقضايا جانبية لا تقدم ولا تؤخر، والضخ الإعلامي المربك للنخبة المثقفة في حين تم العمل وبالتزامن على منع قيام اي نقاش جاد حول اي من القضايا الخطيرة التي يفترض ان يجري الحوار حولها. وبلغ الإنحراف بمسار المؤتمر ذروته عندما بدأت بعض الأطراف بتوظيف المؤتمر كاداة لحسم الصراع السياسي الدائر من خلال تبني مشاريع من قبيل تحويل مؤتمر الحوار الى جمعية تأسيسيية، وانشاء مرحلة تأسيسيية مدتها خمس سنوات تتولى خلالها الجمعية التأسيسية والرئيس الحالي تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار، وغيرها من المشاريع التي تمثل خروقا للمبادرة الخليجية وتتناقض مع الهدف من المؤتمر وهو حل المشكلات وليس القيام بانقلابات.
4.الدور الخارجي، والذي رغم كل ايجابياته الإ إنه قد بدى مؤدلجا الى حد كبير وافتقر الى البرجماتية وتعامل مع القضايا اليمنية من منظور ضرورة تطويع الواقع ليتناسب مع الرؤى بدلا من تطويع الرؤى لتتناسب مع الواقع، وبلغ التعالي على الواقع اليمني قمته عندما وقف جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن والمشرف على سير الحوار أمام مجلس الأمن ليتحدث عن اتفاق اليمنيين على شكل فدرالي للدولة وعن توجه لإنشاء مرحلة تأسيسيية وكل تلك الأفكار تتصل بمصالح فصيل سياسي معين اكثر من ما تتصل بحل مشاكل اليمن ناهيك بالطبع عن انه لم يتم الإتفاق على شيىء من ذلك القبيل.والأسوأ من ذلك هو أن الحد الأدنى من التوافق الإقليمي والدولي والذي كان يمثل الشرط الضروري وان غير الكافي بحد ذاته لنجاح مؤتمر الحوار الوطني قد تلاشى الان على الأقل مؤقتا.
نتائج الفشل
ليس مهما فشل مؤتمر الحوار لإن هذا الفشل كان مخططا اصلا ولإن الغرض من مؤتمر الحوار لم يعد قائما . فسقوط نظام علي عبد الله صالح قد انهى عمليا قضية صعدة وصعود الجنوبيين الى السلطة قد أنهى سياسيا القضية الجنوبية وما تبقى هو ان يتم معالجة الآثار السلبية لحروب صعدة ولتهميش الجنوب وتطبيع الأوضاع وهذه مهام يمكن ان تقوم بها السلطة، أي سلطة كانت، وقد بدأت العملية بالفعل في ظل السلطة القائمة. أما الصراع الثلاثي على السلطة وقضايا بناء الدولة وهما وجهان لعملة واحدة فلا يحتاجان لحشد الجيوش وكل هذه المناورات الخطرة، ويمكن للقوى السياسية حلها بنفس الطريقة التي تم بها التوصل الى المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية.
أسباب الفشل
تتمثل أهم أسباب فشل مؤتمر الحوار الذي يجري في منتجع موفنبيك بحضور 565 شخصا يمثلون الأحزاب السياسية، التمرد الحوثي، الحراك الجنوبي، النساء، والشباب في:
1. الصراع على السلطة بين ثلاثة تحالفات واسعة، الأول يضم أهم قوى الثورة اليمنية التي خرجت في 11 فبراير 2011 مطالبة بالتغيير وأهم ثقل داخل هذا المعسكر هو اللواء الركن علي محسن صالح قائد المنطقة الشمالية الغربية وقائد ما كان يعرف بالفرقة الأولى مدرع والذي انضم مع الكثير من انصاره المدنيين والعسكريين الى الثورة، ويطلق على هذا الفريق "المحسنيين" نسبة الى محسن؛ والثاني، ويضم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ولقبه عفاش الدم، وما تبقى من انصاره ويطلق عليهم هنا "العفاشيين"؛ والثالث هو التحالف الصاعد الذي يقوده الرئيس عبد ربه منصور هادي والذي يرتكز بشكل اساسي على تيار "الزمرة" الذي انسلخ عن الحزب الإشتراكي اليمني بعد مواجهات عام 1986 بالإضافة الى بعض التيارات المحسوبة على الثورة وبعض القوى الجنوبية الأخرى، ويتم الإشارة اليهم هنا بـ"الهادويين." لقد غطى هذا الصراع الثلاثي، شكلا على الأقل، على كل القضايا التي كان يفترض ان يتولى مؤتمر الحوار معالجتها. وكانت النتيجة المباشرة هي تحول مؤتمر الحوار الى حلبة مصارعة بين الأعضاء بدلا من أن يعمل كملتقى للتفاهم وبناء الثقة وحل المشكلات.
2. طريقة التحضير والتشكيل والتي اعتمدت بشكل اساسي على تكتيكات المراوغة والمكر والخديعة وغياب الشفافية ومحاولة كل تيار من التيارات الثلاثة المشار اليها بعاليه السيطرة على اكبر عدد من المقاعد وملئها باشخاص يمكن ادارتهم بالريموت كنترول، وبلغت المهزلة ذروتها عندما تم تجنيد الكثير من الأعضاء على اساس ايمانهم الذي لا يخالطه اي شك بأن الفدرالية والنظام الرئاسي هما الحلان السحريان لمشاكل اليمن. وقد أدت اجراءات التحضير والتشكيل الى افقاد المؤتمر اي قدرة على التحول الى مؤسسة لصنع القرارات وحل المشكلات، وجعلت من الصعب بمكان حشد الدعم الشعبي لمخرجاته. أما الإدارة السيئة لأعمال المؤتمر فقد اربكت الجميع ممثلين ومتفرجين وزادت من عبثية المشهد الذي لا تنقصه العبثية.
3. الإنحراف بمسار المؤتمر والذي لم يظهر بالوضوح الكافي الا بعد انتهاء فترة الأشهر الستة دون أن يتم انجاز اي شيىء ذا قيمة. وكما تشير الدلائل فإن الإنحراف بمسار المؤتمر كان مخططا له منذ البداية وجزءا من الصراع الدائر بين الأطراف الثلاثة.فقد عملت بعض الأطراف في مرحلة التحضير على تحويل المؤتمر الى مجرد واجهة لتبني مشاريع تم طبخها في الغرف المغلقة من قبل عدد قليل من الناس ولاهداف تتعلق بالمصالح الشخصية والحزبية والمناطقية ولا تراعي ما يمكن وما لا يمكن تحقيقه في ظل المعطيات الداخلية والإقليمية والدولية. وقد تجلى ذلك الإنحراف في توسيع العضوية ونوعيتها، تطويل فترة انعقاد المؤتمر دون اي مبرر، اشغال اعضاء المؤتمر بقضايا جانبية لا تقدم ولا تؤخر، والضخ الإعلامي المربك للنخبة المثقفة في حين تم العمل وبالتزامن على منع قيام اي نقاش جاد حول اي من القضايا الخطيرة التي يفترض ان يجري الحوار حولها. وبلغ الإنحراف بمسار المؤتمر ذروته عندما بدأت بعض الأطراف بتوظيف المؤتمر كاداة لحسم الصراع السياسي الدائر من خلال تبني مشاريع من قبيل تحويل مؤتمر الحوار الى جمعية تأسيسيية، وانشاء مرحلة تأسيسيية مدتها خمس سنوات تتولى خلالها الجمعية التأسيسية والرئيس الحالي تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار، وغيرها من المشاريع التي تمثل خروقا للمبادرة الخليجية وتتناقض مع الهدف من المؤتمر وهو حل المشكلات وليس القيام بانقلابات.
4.الدور الخارجي، والذي رغم كل ايجابياته الإ إنه قد بدى مؤدلجا الى حد كبير وافتقر الى البرجماتية وتعامل مع القضايا اليمنية من منظور ضرورة تطويع الواقع ليتناسب مع الرؤى بدلا من تطويع الرؤى لتتناسب مع الواقع، وبلغ التعالي على الواقع اليمني قمته عندما وقف جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن والمشرف على سير الحوار أمام مجلس الأمن ليتحدث عن اتفاق اليمنيين على شكل فدرالي للدولة وعن توجه لإنشاء مرحلة تأسيسيية وكل تلك الأفكار تتصل بمصالح فصيل سياسي معين اكثر من ما تتصل بحل مشاكل اليمن ناهيك بالطبع عن انه لم يتم الإتفاق على شيىء من ذلك القبيل.والأسوأ من ذلك هو أن الحد الأدنى من التوافق الإقليمي والدولي والذي كان يمثل الشرط الضروري وان غير الكافي بحد ذاته لنجاح مؤتمر الحوار الوطني قد تلاشى الان على الأقل مؤقتا.
نتائج الفشل
ليس مهما فشل مؤتمر الحوار لإن هذا الفشل كان مخططا اصلا ولإن الغرض من مؤتمر الحوار لم يعد قائما . فسقوط نظام علي عبد الله صالح قد انهى عمليا قضية صعدة وصعود الجنوبيين الى السلطة قد أنهى سياسيا القضية الجنوبية وما تبقى هو ان يتم معالجة الآثار السلبية لحروب صعدة ولتهميش الجنوب وتطبيع الأوضاع وهذه مهام يمكن ان تقوم بها السلطة، أي سلطة كانت، وقد بدأت العملية بالفعل في ظل السلطة القائمة. أما الصراع الثلاثي على السلطة وقضايا بناء الدولة وهما وجهان لعملة واحدة فلا يحتاجان لحشد الجيوش وكل هذه المناورات الخطرة، ويمكن للقوى السياسية حلها بنفس الطريقة التي تم بها التوصل الى المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق