د. عبد الله الفقيه
عن صحيفة العاصمة
دشن صاحب السمو امير دولة قطر الشقيقة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في الـ28 من يناير الماضي فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة العربية تحت شعار "الثقافة العربية وطنا والدوحة عاصمة" وهو شعار يعكس طموحا كبيرا ومشروعا للقيادة والشعب القطري للعب دور هام في الجانب الثقافي كما هو عليه الحال في الجوانب الأخرى. وقد كنت في زيارة قصيرة للدوحة للمشاركة في ندوة حول اليمن نظمها مركز الجزيرة للدراسات، ولإني زرت قطر للمرة الأولى، فقد هالني ما تشهده من نهضة تنموية سريعة، فالزائر للدوحة لا بد أن تدهشه ابراجها الصاعدة واسواقها الحديثة التي تجعل الإنسان يشعر وكأنه في نيويورك أو شيكاجو أو غيرها من المدن الشهيرة. وتبذل القيادة القطرية جهودا كبيرة للموازنة بين الأصالة والمعاصرة والخطو على ارض صلبة، ففي مقابل الأبراج الصاعدة التي تطاول عنان السماء، هناك سوق واقف التقليدي بازقته ومقاهيه الشعبية ودكاكينه والذي يعتبر مشروعا ثقافيا وتجاريا عملاقا يعبر عن العمق الثقافي للدوحة وهويتها العربية الأصيلة. لكن النهوض السريع لا يأتي بدون ثمن، ففي دول محدودة السكان الأصليين مثل الإمارات وقطر والبحرين يتطلب النهوض السريع استقدام مئات الالاف من المهاجرين الجديد وهو ما يؤدي الى تنامي قلق السكان المحليين على هويتهم، وربما كان المفكر القطري الدكتور علي خليفة الكواري أصدق من عبر عن القلق الذي يشعر به السكان الأصليون في دول الخليج العربي عامة وقطر خاصة. ففي مقال له بعنوان "الخلل السكاني في دول الخليج..بلاغ الى من يهمه الأمر" يحذر الكواري من ما يسميه تنمية الضياع والتي يعرفها بانها "ضياع الأوطان، ونكوص المجتمعات الوطنية، وتهديد مستقبل الأجيال المتعاقبة، عندما يصبح المواطنون أقلية في وطنهم، ويهمش دورهم الثقافي والإنتاجي والإداري." ويعبر الكواري عن عمق المشكلة بقوله "تفاقم الخلل السكاني في بعض دول الخليج العربي هو اعتداء صارخ على حقوق المواطن مع سبق الإصرار والترصد. فمن حق المواطنين في وطنهم أن يكون لهم دور، وأن يكونوا هم التيار الرئيسي في المجتمع، وأن تكون هويتهم هي الهوية الجامعة، ولغتهم هي اللغة السائدة، ومصالحهم المشروعة عبر الأجيال وحماية مصير مجتمعهم من التفكك والنكوص، هي محط الخيارات والموجّه للقرارات العامة، وعلى رأسها السياسة السكانية." ورغم اتفاق الكاتب مع ما يذهب اليه الدكتور الكواري الا انه ليس هناك حلا سهلا للمشكلة المطروحة، فالنكوص والإنكفاء على الذات في عالم اصبح قرية صغيرة لم يعد خيارا واقعيا.
روابط ذات علاقة
الموقع الرسمي للدوحة عاصمة الثقافة العربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق