د. عبد الله الفقيه
استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء
كنا قد اجتمعنا مساء يوم الأحد ال14 من سبتمبر على مائدة افطار في منزل السفير الأمريكي الصديق ستفن سيش الواقع في فناء السفارة الأمريكية. وكان هناك عشرات الأشخاص تم اختيارهم بعناية ليمثلون الجانب الرسمي والشعبي والإعلامي والسياسي والإقتصادي ومختلف الفعاليات الإجتماعية. فمن وزير التعليم الفني ابراهيم حجيري ووزير الأوقاف القاضي حمود الهتار الى حافظ معياد رئيس بنك التسليف الزراعي وجلال يعقوب وكيل وزارة المالية ود. فارس السقاف رئيس الهيئة العامة للكتاب الى محمد ناجي علاو، خالد الانسي، د. عبد الرحمن الشامي، أ. د احمد الكبسي نائب رئيس جامعة صنعاء الى الأستاذ محمد قحطان، مراد هاشم مراسل الجزيرة، حمود منصر مراسل قناة العربية، راجح بادي وعبد الحكيم هلال، والعشرات غيرهم.
بعد الإفطار بالتمر توجه الجميع لأداء صلاة المغرب في مصلى كان قد تم تجهيزه في فناء منزل السفير. وتقدم القاضي حمود الهتار، الذي ارتبط اسمه بالحوار مع المتطرفين، ليؤم الجميع. ولم يخلو الحدث من رمزية. فالآحد هو يوم مقدس عند المسيحين ورمضان شهر مقدس عند المسلمين. والحدث برمته يرمز الى ان احداث ال11 من سبتمبر 2001 بقدر ما خلقت من حروب ودمار وقتل للابرياء بقدر ما قربت الناس من بعضهم البعض وفتحت عيونهم على أهمية التفاهم والقبول بالآخر كمبدأ للتعايش والتعمير والصداقة البناءة.
ولعله لم يخطر في بال اي منا ذلك اليوم ان ذلك المكان الذي جمع ممثلين عن الوان الطيف اليمني وذلك الفريق من الأصدقاء الأمريكيين الذين فتحوا لليمنيين منزلهم وقلوبهم وشغلوا انفسهم طيلة اليوم باعداد الإفطار، سيكونون بعد اقل من 48 ساعة هدفا لآلة تدميرية لا عقل لها ولا قلب ولا هدف تخلط الإرتزاق والإبتزاز المادي والقرصنة بشعارات زائفة لا علاقة لها بالدين او الشهامة او القيم من قريب او بعيد. وان اليمنيين جميعا ليبرأوا من هذه الفئة الظالة المارقة التي ما فتئت توجه ضرباتها الحاقدة للشعب اليمني لتحقيق مصالح قادتها من مصاصي الدماء.
ولم يكن غريبا ان تكون حصيلة ذلك الهجوم الحاقد والجبان سقوط احدى عشر بريئا. فذلك هو ديدن الإرهاب الذي لا يستهدف سوى الأبرياء ولا يعيش سوى في مستنقعات القتل والتدمير والتخريب. والذي لا يمكن للارهابيين ان يدركوه هو انهم ومهما امعنوا في قتل الأبرياء فانهم لن يهزموا شعبنا اليمني الذي لا بد أن ينتصر في النهاية ويتغلب بحكمة واناءة وبالتعاون مع الدول العربية الشقيقة والصديقة على هذا الداء الخبيث الذي اصاب الجسد اليمني وبات يهدد حقه في الحياة والحرية والعيش الكريم.
ولقد احسن الإصدقاء الأمريكيون عندما قرروا عدم اغلاق السفارة في وجه الناس لإن تلك هي احدى الطرق التي يتم بها رد الإعتبار للجنود الأبطال الذين سقطوا وهم يدافعون ببسالة عن سفارة الولايات المتحدة الأمريكية الصديقة. والأمل هو ان تتعاون الحكومتين اليمنية والأمريكية في توفير الرعاية والحياة الحرة الكريمة لأسر الأبرياء الذين فقدوا حياتهم في معركة عدمية فرضها عليهم الإرهابيون.
لقد اراد الإرهابيون توسيع الفجوة بين اليمنيين والعالم من حولهم. والرد الطبيعي على امثال هؤلاء هو المزيد من التأكيد على التعايش والتسامح في اطار المصالح المشتركة والإحترام المتبادل للعقائد والقيم الثقافية وطرق الحياة. واذا كانت الحرب على الإرهاب تتطلب تعاون حكومات الدول الشقيقة والصديقة مع الحكومة اليمنية والشعب اليمني فانها تتطلب ايضا وقبل كل شيىء صبر واناءة ونفس طويل وقيم وقواعد قانونية صارمة لا تعاقب الأبرياء ولا تصادر الحقوق. فالتمايز بين الإرهابيين واعداء الإرهاب في الأهداف والوسائل هو اسرع الطرق الى تحقيق النصر.
الخميس، 18 سبتمبر 2008
هزيمة الإرهاب!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق