الجمعة، 30 سبتمبر 2011

هل ستكون اليمن ميدانا لحرب اوباما القادمة على الإرهاب؟

اهداء: الى الصحفي عبد الإله حيدر شائع الذي يقبع في السجن وكل ذنبه انه كان يحاول قول الحقيقة فحسب..

قال السيناتور الإمريكي المحافظ جو ليبرمان نهاية عام 2009 "العراق حرب الأمس، وافغانستان حرب اليوم، اما اليمن فستكون حرب الغد." واذا ما أُخذ قول ليبرمان اليوم جنبا الى جنب مع تطورات الوضع في اليمن ومع الحديث المستمر عن بناء قواعد عسكرية امريكية جديدة لطائرات الدرونز في كل من اثيوبيا والجزيرة العربية ومع حقيقة ان الولايات المتحدة تستعد لانتخابات رئاسية خلال العام القادم، فإن ذلك لا بد ان يجعل اليمنيين القادرين على فهم ما يجري على قلتهم يشعرون بالقلق البالغ.
لقد فتحت هجمات 11 سبتمبر 2011 الإرهابية بابا هاما للحركتين الأمريكيتين المتنافستين على السلطة في الولايات المتحدة وهما الحركة الجمهورية المحافظة والحركة الديمقراطية الليبرالية الا وهو باب الحرب على الإرهاب الذي يمكن استغلاله بشكل كبير لتخويف الأمريكيين في مواسم الإنتخابات وضمان الحصول على اصواتهم وكذلك ضمان استمرار رضاهم على سياسة توجيه مئات المليارات من الدولارات نحو الإنفاق الحربي والغزوات الخارجية التي تتم تحت لا فتة الحرب على الإرهاب.
وفي حين تختلف الحركتين الأمريكيتين الجمهورية والديمقراطية حول الكثير من الأمور فانهما تتفقان فيما بينهما وبشكل غير معلن على ان تعمل كل منهما على استغلال الحرب على الإرهاب بقدر استطاعتها بينما تعمل الأخرى على التزام الصمت. ويعرف الجميع كيف استغل صقور الحركة المحافظة هجمات الـ11 من سبتمبر 2001 الإرهابية ليعززوا من سيطرتهم السياسية ويعملوا على تطويل مدة بقائهم في البيت الأبيض. فقد غزوا افغانستان وذلك غزو يمكن تبريره ولو جزئيا لكنهم قرروا ايضا غزو العراق في عام 2003 وهو غزو يسهل تبريره بالحديث عن انتخابات عام 2004 الرئاسية في امريكا اكثر مما يمكن تبريره بالحديث عن اي عامل آخر. ويعرف الكثيرون انه لولا هجمات 11 سبتمبر والحرب على الإرهاب التي جاءت بعدها ما كان بوش الصغير الذي يوصف بموضوعية بانه اغبى رئيس في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية تمكن من الفوز بالرئاسة للمرة الثانية.
والفرق بين الرئيس بوش الصغير محدود القدرات وبين الرئيس الكارزمي باراك اوباما عندما يتعلق الأمر باستغلال ورقة الإرهاب كما يبدو هو فارق في الكيفية التي تنفذ بها السياسة وليس في الوسائل او الغايات ذاتها. فالرئيس بوش الأبن قرر في عام 2003 غزو العراق وعينه على انتخابات عام 2004. ورغم ان الغزو مكن بوش من الفوز في الإنتخابات والبقاء رئيسا لأمريكا لأربع سنوات اخرى الإ ان العملية كانت مكلفة جدا ويصعب تبريرها على كافة الصعد. وبالنسبة لأوباما الأكثر ذكاء من بوش الصغير، فقد عمل بهدوء تام وخلال 3 سنوات على تسمين جماعة القاعدة في اليمن والنفخ في قربتها بكل ما اوتي من قوة وسارع في ذات الوقت الى تنسيم الهواء من قرب القاعدة في باكستان وافغانستان والعراق. ولم تكن مقابلة علي عبد الله صالح مع صحيفة الواشنطن بوست ومجلة التايم والتي قال فيها بان خروجه من السلطة سيعني انتقال السلطة الى جماعة القاعدة الإ حلقة اخرى من حلقات تهيئة الراي العام الأمريكي لحرب اوباما ضد الإرهاب في اليمن.
واذا كان الجمهوريون قد عاشوا سياسيا لسنوات على مهمة البحث عن بن لادن الذي كان مهما لبقائهم السياسي وهو حي وهارب اكثر من اهميته لهم وهو ميت، وكذلك على مهمة محاربة الإرهاب في العراق وافغانستان وباكستان فإن اوباما بقدر حاجته لورقة الإرهاب في انتخابات العام القادم فإنه لا يستطيع ان يدخل انتخابات عام 2012 وهو يخوض حروب الجمهوريين في العراق وباكستان وافغانستان وهي الحروب التي كان اوباما قد خاض حملته الانتخابية في عام 2008 واعدا بوضع نهاية لها. ولذلك سارع اوباما في وضع نهاية قد تكون حقيقية او خيالية لحياة بن لادن الذي ربما مات قبل سنوات او انه ما زال حيا حتى اليوم. كما انه يعمل ايضا على وضع نهاية ولو جزئية لحروب امريكا ضد القاعدة في العراق وافغانستان وباكستان.
ومع ان ليبيا وسوريا تعد حالات مثالية ليخوض الرئيس اوباما حروبه فيها تحت راية نشر الديمقراطية الإ ان حروب نشر الديمقراطية يمكن ان تقود اوباما الى هزيمة محققة. ولهذا السبب فضل اوباما دورا محدودا في ليبيا وسيفضل كذلك دورا محدودا في سوريا ان امكن تاركا المهمة في كلا البلدين لأوروبا. واذا ما وجد اوباما نفسه مضطرا لخوض حرب في ليبيا او في سوريا فإنه قد اوكل الى روسيا مهمة الإعلان عن وجود ارهابيين بين صفوف الثوار في البلدين وسيعمل اوباما عند الضرورة على النفخ في تلك البذور قدر استطاعته شاكرا في اعماق نفسه الدور الذي قام به القذافي واسد سوريا في الحديث عن جماعات ارهابية تسعى لإسقاط النظام.
اما الحرب على الإرهاب التي يمكن ان تدر اصواتا وذهبا فان اوباما سيحتفظ بها لنفسه، والميدان الوحيد المهيىء لتلك الحرب منذ فترة هو اليمن التي عمل اوباما على تسمين القاعدة فيها لسنوات الى الحد الذي حاولت فيه القاعدة عدة مرات اغتيال وزير الدفاع اليمني. وعندما حاول الوزير في احدى المرات انكار محاولة اغتياله واصدار بيان تكذيب لم يكن احدا مستعدا ان يستمع لما يقول. ولم تنسى ادارة اوباما حتى خلال الاعتصامات السلمية في ساحات الحرية وميادين التغيير في مختلف المحافظات اليمنية ان تبعث برسائل الى الغرب والى الأمريكيين تحديدا بان الساحات مليئة بالإرهابيين. كما لم تنسى ان تبعث من جديد ومن خلال تسجيل صوتي الإرهابي المزعوم ناصر الوحيشي الذي يتم احيائه او اماتته بحسب حاجة السياسيين الأمريكيين. واذا كانت الانتخابات النصفية الأمريكية في نوفمبر 2010 قد استدعت خروج طردين مفخخين من اليمن من خلال شركتين لا فروع لهما في اليمن وعلى طائرتي شحن لم تهبطا في او تقلعا من مطار صنعاء قط، فان الانتخابات الرئاسية العام القادم ستحتاج بالتأكيد الى حدث اكثر درامية وليس اقل من حرب اهلية.

الجمعة، 16 سبتمبر 2011

حرب اليمن التي يمكن تجنبها

د. عبد الله الفقيه
استاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء
للجمهورية اليمنية في الظرف الدقيق الذي تمر به حليفين رئيسيين هما المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ويتسم موقفهما مما يجري في اليمن بالكثير من الغموض الذي يبعث على الشك. وفي اليمن قبلية وطائفية ومناطقية وعرقية وبنية اجتماعية تقوم على تراتبية متجذرة في الوعي والممارسة ولم تتمكن التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المحدودة خلال نصف قرن من اضعافها بالقدر الكافي. ومقابل كل ذلك هناك نظام اسري عفن شغل نفسه طيلة ثلث قرن بالحفاظ على نفسه فبنى ترسانة عسكرية تعتبر في بعض الجوانب الأقوى في الجزيرة العربية وراح بعد ذلك ولسنين يدك بطائرات الميج منازل مواطنيه في الشمال والجنوب ويقتل النساء والأطفال والشيوخ ويزعزع الاستقرار الإقليمي والدولي.
وهناك احزاب في اليمن اثبتت ثورة فبراير 2011 انها ليست اقل قبلية ولاطائفية ولا مناطقية من القبائل والطوائف والمناطق. وهناك ثورة بدأها الشباب ثم انضم اليها الكثيرون بخيرهم وبشرهم وسواء اكانوا حلفاء لصالح خلال فترة حكمه او معارضين له. واذا كانت الثورة الشبابية الشعبية قد دفعت خلال اشهرها الأولى بأجمل ما في اليمنيين الى الواجهة فإن ما تعرضت له من اعاقة مقصودة من قبل الفاعلين الداخلين والخارجيين قد ادى الى ابراز أسوأ ما في اليمن واليمنيين.
وبينت تطورات الأشهر الماضية ان في اليمن خمس ثورات في ثورة واحدة تتفق فيما بينها في هدف التخلص من صالح واسرته ثم تتناقض اهدافها بعد ذلك، والثورات الخمس هي: ثورة الجيش اليمني؛ ثورة قبيلة حاشد؛ ثورة قبيلة بكيل؛ ثورة الهاشميين؛ وثورة اليمنيين الجنوبيين. اما الشباب الذين بدأوا الثورة متحررين من كل عقد واحقاد وثارات الماضي ومثلوا القوة المركزية التي جذبت الكل ووجهت شراعها نحو المستقبل فقد تحولوا مع مرور الأيام الى مجرد مسامير في اجسام سفن الثورة الخمس التي تتسابق على الفوز بجائزة السلطة. وكان من الطبيعي ان تتلاشى مع مرور الأيام اصوات بشرى المقطري، توكل كرمان، خالد الانسي، رضوان المسعودي، وغيرهم من الشباب الذين فجروا الثورة ليحل محلها اصوات ذات بصمة ترتبط في الذاكرة والوعي الجمعي بالقبيلة والطائفة والمنطقة والمحسوبية السياسية.
ومن الواضح ان كل ثورة من الثورات الخمس السابقة كان لها دعوتها التي عملت تحت الأرض داخل النظام وخارجه لسنوات عديدة وفي معزل كلي او جزئي عن الثورات الأخرى وان كانت قد سعت لأن يكون لها انصارها بين الجماعات الأخرى. واذا كانت ثورة الهاشميين السلمية قد بدأت في فبراير 2011 مع سائر الفئات اليمنية الأخرى، فإن ثورتهم المسلحة كانت قد بدأت قبل ذلك بسبع سنين على الأقل. أما ثورة الجنوبيين على ما يسمونهم بالمستعمرين الشماليين فقد بدأت كدعوة في عام 1994 ثم انتظمت كحركة احتجاجية سلمية في الشارع الجنوبي في عام 2007. وانطلقت ثورة قبيلة حاشد وثورة الجيش كدعوة وكصراع صامت قبل اكثر من عقد ونصف من الزمن. وبالنسبة لدعوة ثورة قبيلة بكيل ضد حاشد فإنها تبدو قديمة جدا لكنها لم تكتسب قوة وصلابة الا خلال السنوات القليلة الماضية وهي السنوات التي شهدت احتدام الصراع داخل قبيلة حاشد التي نظر اليها اليمنيون خلال العقود الثلاثة الماضية على انها القبيلة الحاكمة التي استأثرت بكل شيىء. ولكل ثورة من ثورات اليمن الخمس المشار اليها اعلاه انصارها وداعميها واعدائها في الداخل والخارج.
وكنتيجة لكل ما سبق تجد الثورة اليمنية ضد صالح نفسها امام خمسة تعريفات متناقضة للثورة. فاليمنيون الجنوبيون يعرفون الثورة القائمة بانها تحرير جنوب اليمن من استعمار الشمال، اي انها ثورة ضد نظام صالح وضد الثورات الأربع الأخرى. ويعرف الهاشميون الثورة بانها اعادة الحق المقدس في الحكم الى اصحابه بعد خمسين عاما من الاختطاف، اي ان ثورتهم ليست فقط ضد نظام صالح ولكنها ايضا ثورة ضد الجيش الثائر وضد قبيلة حاشد وضد قبيلة بكيل وضد الجنوب.
وينظر ابناء قبيلة بكيل الى الثورة على انها عودة السلطة الى القبيلة الأكبر في اليمن بعد ان اختطفتها قبيلة حاشد عندما تآمرت مع السعوديين كما يقولون على قتل ابن القبيلة الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي في عام 1977 ، وهذا يعني ان ثورتهم ليست فقط ضد نظام صالح ولكن ايضا ضد قبيلة حاشد وضد الجيش المؤيد للثورة وضد الهاشميين. اما قبيلة حاشد فانها تعرف الثورة بانها استعادة حاشد لمكانتها وقوتها ونفوذها كقبيلة قائدة لليمن منذ عام 1962 بعد ان ضحى صالح كما يرون بالقبيلة لصالح الأسرة مع ما قد ينطوي عليه ذلك من قول بان ثورة حاشد هي ثورة ضد بكيل وضد الهاشميين وضد الجنوبيين وحتى ضد الجيش المؤيد للثورة المنتمي الى حاشد.
وتعرف الثورة القائمة من قبل الجيش المؤيد لها بانها ثورة شعب ضد حاكم فاسد وعودة بالثورة الى مسارها الصحيح وبالجيش الى دوره الوطني الريادي والتحديثي الذي بدأه في 26 سبتمبر 1962 في شمال اليمن عندما اطاح بنظام الإمامة المرتكز على حق الهاشميين المقدس في الحكم. وهذا يعني ان تعريف الجيش للثورة القائمة ينظر اليها على الأقل ضمنيا على انها ليست فقط ثورة ضد نظام صالح ولكنها ايضا مع اختلاف الدرجة ثورة ضد الجماعات الأربع الأخرى المنافسة بما في ذلك قبيلة حاشد نفسها التي ينتمي اليها قادة الجيش.
ولكل تعريف من التعريفات السابقة صوابيته بالنسبة لأنصاره ومريديه وخطأه وزيفه بالنسبة لمنافسيه ومناوئه. وبالطبع فإن كل ثورة من الثورات الخمس المشار اليها بعاليه تقدم نفسها على انها ثورة ليبرالية وتسعى لبناء الدولة المدنية الحديثة في حين ان المقصود في الغالب كما يستدل على ذلك من طبيعة الدعوة هو بناء دولة القبيلة او الطائفة او المنطقة.
التحالفات داخل الثورة
لقد ادى الطابع السري لكل دعوة من الدعوات ضد نظام صالح، فشل بعض الجماعات في مد ايديها لبعضها خلال الأزمات الصعبة او وهو الأسوأ اصطفافها الى جانب النظام، وطول امد الثورة الأم الجامعة لكل الثورات الى تعميق التناقض بين الثورات الخمس. وبدلا من ان تتعاون الجماعات مع بعضها البعض وتوحد صفوفها وصولا الى الحسم سعت كل جماعة الى تحميل الجماعات الأخرى تكلفة الحسم الثوري على وعسى تتمكن هي بعد ذلك من جني اكبر قدر ممكن من الثمار. وبالنسبة للتحالفات داخل صفوف الثورة فإنه يبدو ان هناك تحالفين: الأول ويمكن ان يطلق عليه "تحالف الضعفاء"، ويضم ابناء قبيلة بكيل والجنوبيين والهاشميين؛ والثاني يمثل "تحالف الأقوياء" ويندرج تحته كل من قوى الجيش الموالية للثورة وقبيلة حاشد ومراكز القوى القبلية والدينية المرتبطة بهما.
ويرى المنتمون الى "تحالف الضعفاء" انهم قد دفعوا ثمنا كبيرا في حروب صعدة الست وفي حراك الجنوب وفي غيرها من الأحداث وبان تضحياتهم ومعاناتهم هي التي جعلت ثورة فبراير 2011 ضد نظام صالح ممكنة. كما يشعرون ايضا بالقلق البالغ من حجم القوة والنفوذ الداخلي والخارجي الذي يتوافر لقوى الجيش المؤيدة للثورة وللقوى التقليدية المكونة لقبيلة حاشد او الملتفة حولها وسواء اكانت تلك القوى قبلية او دينية، ويخشون من تحول تلك القوى الى عامل لإخضاع القوى والفئات الاجتماعية الأخرى في ظل النظام الجديد مثلما كانت عاملا هاما في اخضاع القوى الأخرى في ظل نظام صالح.
وقد ادت التباينات بين هذين التحالفين الى ظهور تعريف مسيطر للثورة اليمنية الحالية يتبناه اغلبية في الداخل وربما في الخارج ايضا ويؤكد ذلك التعريف على ان الثورة الحالية تعني اولا ضرب القوة العسكرية والأمنية لنظام صالح سواء اكانت تلك القوة في صفوف الثورة أو في صف النظام، وثانيا ضرب مراكز القوى التقليدية القبلية والدينية والتي تجد نفسها بحكم الإصطفافات التي افرزها نظام صالح تقف الى جانب قوات الجيش الموالية للثورة. وفي ظل هذا التعريف لما يجب ان تكون عليه الثورة، تبدو الحرب الأهلية بمثابة الأمر الذي يمكن تأجيل حدوثه ولكن لا يمكن منع وقوعه. ويأمل انصار هذا التعريف ويعملون ايضا بكل السبل على ان تكون المعركة سريعة وان ينقشع غبار المعركة وقد تم القضاء على قوات الجيش والأمن ومراكز القوى التقليدية القبلية منها والدينية.
مخاطر الحرب المحتملة
تحمل الحرب التي يسعى الكثيرون في الداخل والخارج الى اشعالها الكثير من المخاطر ليس فقط على الذين سيخوضونها ولكن ايضا على المخططين والمصفقين لها. ومن الصعب ان لم يكن من المستحيل تحقيق اهداف الثورة وفي مقدمتها اسقاط نظام صالح عن طريق الحرب. فالحرب المتوقعة اما ان تؤدي الى انتصار طرف على آخر وسيكون على الطرف المنتصر بالتالي مواجهة قوى الثورة الأخرى بعد ان يكون قد حمل على ظهره الكثير من الأوزار، وهذا الاحتمال بالتالي ضعيف لإنه لن يكون هناك حافز لأي طرف من اطراف الحرب لكسبها؛ والاحتمال الثاني هو أن تبدأ الحرب ثم لا تنتهي وان يزداد الأقوياء قوة والضعفاء ضعفا وهذا هو الاحتمال الأقوى كما تبين الحروب الصغيرة الدائرة منذ شهور في كل من ارحب، وابين، وتعز وكما تبين مجريات الثورة السلمية خلال الأشهر السبعة الماضية وكما بينت حرب الحصبة في اواخر مايو 2011.
ثم ان مسألة التمييز الذي دابت بعض الأطراف الداخلية والخارجية على الحديث عنه بين ثورة شبابية سلمية تسعى لإسقاط نظام صالح من جهة وبين صراع عنيف على السلطة من جهة ثانية بين نظام صالح كطرف وقوات الجيش الموالية للثورة مضافا اليها القوى التقليدية قبلية كانت او دينية كطرف آخر لا يخلو من سذاجة يمكن ان تكون مدمرة.
وقد راى الناس ما حدث في حرب الحصبة. فقد ادى فشل النظام في تحقيق اهدافه العسكرية وتكبده لخسائر فادحة هناك الى توجيه الة القتل التي يملكها نحو المعتصمين السلميين في مدينة تعز حيث يمكنه تحقيق انتصار ولو صغير. ضف الى ذلك انه لو كان هذا التمييز صحيحا ما كان الكل احتشد في ساحة التغيير بصنعاء ليحظى بحماية قوات الجيش الموالية للثورة ولكان اولئك الذين يميزون بين انفسهم من جهة وبين قوات الجيش الموالية للثورة والقوى التقليدية من جهة ثانية قد بحثوا لأنفسهم عن ساحة اعتصام اخرى وخصوصا وان اي تفجير عسكري للوضع لن يكون هدفه سوى سحق الشباب في ساحات الحرية وميادين التغيير وان كان سحق ساحات الاعتصامات لن يعني ابدا كسب الحرب.
واذا كان تقرير بعثة الأمم المتحدة الذي تم اشهاره مؤخرا قد جاء انعكاسا في مضمونه للبساطة التي تتعامل بها القوى السياسية اليمنية في السلطة والمعارضة فانه قد اشار الى نقطة في غاية الأهمية وهي ان بقاء الشباب كل هذا الوقت في ميادين الحرية وساحات التغيير وتعرضهم لكل هذا القدر من القمع والاستخدام المفرط للقوة من قبل النظام يعرضهم لتبني مواقف وعقائد متطرفة وقد يجعلهم يتبنون العنف. واذا كان هناك من يعتقد انه يمكن الزج بالبلاد الى حرب اهلية شاملة وفي ذات الوقت الإبقاء على الشباب في الساحات فهو بالتأكيد واهم لإن دخول البلاد في حرب اهلية لن يعني سوى فشل الثورة السلمية في تحقيق اهدافها والدفع بالشباب نحو تبني طرق أخرى في التغيير. وعندما يصبح العنف شاملا وممتدا فانه سيكون من الصعب التمييز بين الجماعات الإرهابية من جهة وغيرها من الجماعات من جهة اخرى.
امكانية تجنب الحرب
ليس هناك حرب لا يمكن تجنبها لكن تجنب الحرب غالبا ما يتطلب تدخلا نشطا من قبل اطراف اخرى. واذا كانت بعض القوى الداخلية والإقليمية والدولية تنظر الى الجيش اليمني وقوى الأمن ومراكز القوى القبلية والدينية على انها اصبحت تمثل قوة معيقة امام التغيير الذي ينشده الجميع فإن ذلك لا يعني ابدا ان الحرب هي الوسيلة الوحيدة لتعبيد الطريق امام التغيير المنشود. فقوات الجيش والأمن يمكن تغيير قياداتها واعادة بنائها على اسس وطنية ولأهداف تخدم الاستقرار والسلم داخليا وخارجيا بدلا من ضربها ببعضها.
اما مراكز القوى بمختلف انواعها وسواء اكانت داخل النظام او خارجه فلا بأس من ارسال ، اذا كان ذلك سيحفظ حياة الالاف من اليمنيين ويقطع الطريق على العرقنة والأفغنة واليمننة والأخيرة قد تكون الأسوأ، عشرين او حتى ثلاثين شخصا الى الخارج في اجازة طويلة او قصيرة كما يقترح الكثيرون من العقلاء على استحياء. واذا ما تم بناء قوات الجيش والأمن على اسس وطنية فإنها ستكون كفيلة بالتعاطي مع مراكز القوى بكافة انواعها حديثة كانت او تقليدية دينية او علمانية مع ملاحظة ان النجاح في اذابة مراكز القوى في اطار الدولة سيظل دائما مرهونا بالتخلص من العوامل البيئية الداخلية والخارجية التي تشكل بيئة خصبة لإنتاج وتكاثر تلك المراكز.
لكن تجنيب اليمن وجيرانه والمجتمع الدولي الخيارات المظلمة التي تبدو وشيكة التحقق في اليمن سيتطلب دورا اقليميا ودوليا نشطا ومتناغما ومتكاملا وكلما حدث ذلك في وقت مبكر كلما قلت التكلفة وسهلت السيطرة على الأوضاع. وعلى العكس من ذلك فان انزلاق اليمن الى حرب شاملة سيضرب اي تناغم ممكن بين القوى الإقليمية ذاتها من جهة وبين القوى الإقليمية من جهة والقوى الدولية من جهة اخرى.

السبت، 10 سبتمبر 2011

صحيفة الأولى ومحاولة اغتيال صالح

تنبيه: تلقى الكاتب بعد نشر مقاله الأول بعنوان "سري جدا..." عدة تهديدات بالتصفية وشن صحفيون ومواقع وصحف مرتبطة بالأجهزة الأمنية حملة اعلامية تهدف الى اغتيال الشخصية ونسف المصداقية. لكن الكاتب يعتقد ان حق الناس في المعرفة في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها اليمن مقدم على أي اعتبار آخر..ولهذا يتابع الكاتب نشر هذه التحليلات التي لا تدعي ابدا امتلاك الحقيقة لكنها تقدم قراءة مختلفة للأحداث.

صدرت صحيفة الأولى يوم 1 يونيو بعدة عناوين في الصفحة الأولى ملفتة للانتباه وتحمل عددا من الرسائل المشفرة التي يفهم منها ان قرار التخلص من صالح وكبار المسئولين في الدولة كان قد اتخذ. فقد جاء العنوان الرئيسي كالتالي: "المشترك يبلغ الخليجيين انتهاء المبادرة" وكان الخبر قد تم تحويره بطريقة مقصودة في حين ان الخبر الأصلي كما وزع يقول "المعارضة اليمنية تبلغ دول الخليج رسميا انتهاء المبادرة الخليجية" أو "رئيس لجنة الحوار الوطني يبلغ الخليجيين.. الخ" كما جاء في معظم وسائل الإعلام.
وللعنوان بصيغته السابقة أهميته كبيرة، فالتخلص من صالح وكبار المسئولين سيعني بحسب ما تنص عليه المبادرة الخليجية نقل السلطة لنائب الرئيس وتكليف المعارضة بتشكيل حكومة وحدة وطنية وهو ما لا يريده الذين خططوا لإغتيال صالح وكبار المسولين في الدولة والذين ترجح التحليلات بانهم العميد ركن احمد علي صالح نجل الرئيس اليمني وقائد قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وابناء عمه العميد الركن طارق محمد عبد الله صالح رئيس الحرس الخاص، والعميد عمار محمد صالح وكيل جهاز الأمن القومي، والعميد يحيى محمد صالح قائد الأمن المركزي، ويعاون تلك المجموعة التي بات يطلق عليها بين مجموعة من المحللين الأمنيين "عصابة الأربعة" شخصيات اخرى يمنية واجنبية.
وما يبعث على الغرابة هو ان قوى المعارضة اليمنية والتي يعتقد انها مخترقة قررت فجأة وفي خطوة غير متوقعة ولا تتوائم مع سلوكها المألوف مع نهاية شهر مايو كتابة رسالة الى امين عام مجلس التعاون الخليجي تبلغه فيها رسميا بانتهاء المبادرة الخليجية وسلمت تلك المذكرة الى سفارة الإمارات العربية المتحدة.
وزيادة في التأكيد على عدم الرغبة في نائب الرئيس جاء عنوان آخر في الصفحة الأولى ايضا يقول "مديرية نائب الرئيس تسقط بايدي المسلحين" والرسالة الضمنية الموجهة للداخل والخارج هي "لا تراهنوا على نائب صالح في الحلول محله بعد التخلص منه." ولم يتوقف الأمر هنا. فقد كان هناك ايضا عنوان ثالث وان بخط اصغر يقول "شهود عيان: قصف الفرقة الأولى مدرع واندلاع حرائق فيها ووزارة الدفاع تنفي" والرسالة هنا هي ان ما سيحدث يوم 3 يونيو هو من تدبير علي محسن أخذا بالثأر.
تخطيط مبكر للتخلص من صالح
تشير الدلائل الى ان فكرة التخلص من صالح قد ظهرت قبل قيام الثورة اليمنية بكثير. فقد تحول صالح خلال السنوات الأخيرة الى عبء على عصابة الأربعة، ولا يستبعد محللون تورط بعض القوى الإقليمية والدولية في دعم مخطط "عصابة الأربعة" للتخلص من صالح وكبار مسئولي نظامه وخصوصا وان احد اجهزة الاستخبارات الدولية ابلغ صالح قبل محاولة اغتياله بعدة اسابيع بان حياته في خطر. لكن ذلك التحذير لم يساعد صالح كثيرا بقدر ما جعله هدفا سهلا للمتآمرين لأنه حصر دائرة تحركه في نطاق ضيق وسهل على الانقلابين جمع صالح وكبار المسئولين في مكان واحد ومحاولة التخلص منهم جميعا في ضربة واحدة. والواضح ان المخططين للعملية كانوا يعرفون ان عبد ربه لن يكون حاضرا بين المدعوين الى المحرقة.
وقد كانت العملية محكمة الى الحد الذي لم يخطر على بال الكثيرين ان يكون اقرب الناس لصالح قد خططوا ونفذوا تلك العملية الجريئة. وربما كانت اضعف الخطوات في التغطية على ما حدث هوان بعض المخططين والمنفذين للعملية وضعوا اسماء ابنائهم من ضمن اسماء الجرحى لإيهام الجميع بان الكل ضحايا وان قوة خفية هي التي نفذت العملية.
صالح كعقبة امام عصابة الأربعة
عمل صالح على نقل الكثير من السلطات والاختصاصات العسكرية والأمنية الى ابنه وابناء شقيقه الراحل محمد عبد الله صالح منذ بداية العقد الأخير من القرن الماضي، واكتسب بسبب ذلك عداوة الكثيرين سواء داخل دائرة سنحان او داخل الحزب الحاكم. ومن الواضح انه لم يكتسب مقابل ذلك ولاء مطلقا من قبل الأبناء. بل حدث العكس. فقد ادى نمو سلطات واختصاصات الأبناء الى اصطدامهم بسيطرة الأب واسلوبه في اتخاذ القرارات من جهة، وبمصالح وتوجهات وافكار المحيطين بالرئيس ومستشاريه واعضاء حكومته والحزب الحاكم من جهة ثانية.
وسرعان ما وجد الأبناء ان روابطهم بالغرب والتيار المتأمرك الذي شكلوه والأفكار الجديدة التي جاءوا بها لا تحظى بالثقة المطلقة سواء من قبل صالح او من قبل بعض رجاله. فقد وجد جلال يعقوب الوكيل المساعد بوزارة التخطيط والتعاون الدولي واحد المحسوبين على نجل الرئيس نفسه في البيت بين عشية وضحاها بعد ان شعر نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط والتعاون الدولي عبد الكريم الأرحبي نسب الرئيس والرئيس الفعلي للوزراء بان يعقوب يريد ان يجد موضع قدم لسلطة نجل الرئيس داخل الوزارة. وصحيح ان العميد احمد تمكن من جديد من تعيين يعقوب المتزوج من ابنة السياسي المخضرم الراحل يحيى المتوكل (تعيين على قاعدة التوريث) بموقع ارفع كوكيل لوزارة المالية الإ ان خطوة الأرحبي بينت حدود سلطة الجيل الثاني.
وفي حين تمكن العميد احمد من السيطرة على الهيئة العامة للاستثمار عن طريق تعيين صلاح محمد سعيد العطار نجل الاقتصادي والتكنوقراطي الراحل محمد سعيد العطار (تعيين آخر على قاعدة التوريث)، وهو شخصية بارزة في تيار نجل الرئيس المتأمرك، فإن صلاح العطار وجد نفسه يخرج مطرودا من مجلس النواب بعد ان ذهب الى المجلس متسلحا بنفوذ نجل الرئيس ليدافع عن مشروع قانون للاستثمار يحمل افكار الجيل الجديد.
وفي حين تمكن العميد يحيى صالح رئيس اركان حرب الأمن المركزي من تنفيذ بعض افكاره التحديثية في ادخال العنصر النسائي في العمل الشرطوي وتاسيس محطة اذاعية خاصة تبث اغاني الرك اند رول وغير ذلك من الأفكار فإنه كثيرا ما اشتكى علنا لوسائل الإعلام من سياسات عمه في ادارة حروب صعدة وفي مسائل اخرى. وقال لصحفي اجنبي ذات مرة بان القاعدة اكثر قدرة على الحركة من قوات الأمن المركزي وانه اذا احتاج الى تحريك طائرة هليوكبتر فان عليه الاتصال بتحويلة القوات الجوية التي يسيطر عليها اخ غير شقيق لصالح وليس من المعجبين كما يبدو بالتيار المتأمرك، واكد يحيى انه اذا لم ترد التحويلة فانه يظطر كما قال الى الانتظار اياما قبل ان يتمكن من تحريك قواته. وقد وجه صالح بعد تلك الشكوى بمنع أي صحفي من مقابلة يحيى الا بعد الحصول على اذن من وزارة الإعلام.
ولم يكن حظ يحيى في مجلس النواب افضل من حظ العميد احمد. فقد رفض مجلس النواب مشروع قانون خاص بالعلم الوطني ظل يحيى يعمل عليه لأكثر من عامين من خلال منتدى الرقي والتقدم حتى تمكن بعد ذلك من ايصاله الى مجلس الوزراء الذي احاله بدوره الى مجلس النواب ليكون مصيره سلة المهملات.
فشل الأولويات العشر
وكانت الضربة القاصمة لجيل الأبناء هي فشل استراتيجية الأولويات العشر التي طورها تيار نجل الرئيس المتأمرك والذي اراد من خلالها الأبناء السيطرة على الجهاز البيروقراطي للدولة ليتمكنوا من تنفيذ السياسات التي يعتقدون انها كفيلة بتحسين الأوضاع وتحسين فرصهم في البقاء في السلطة. وقد استعان الأبناء بشركة امريكية اسمها ماكنزي للإستشارات لوضع الأولويات العشر ومول المشروع من قبل الحكومة الأمريكية. وكانت اول واهم نقطة هي النقطة الأولى التي تنص على استقطاب الكفاءات المؤهلة لشغل الوظائف الحكومية وتحويل الوظيفة الحكومية الى وظيفة جاذبة. وشعر الوزراء واعضاء الحزب الحاكم بان ما يجري يمثل محاولة من قبل اقارب الرئيس للسيطرة على الوزارات والمصالح والحد من اختصاصاتهم المحدودة اصلا فعملوا على تمييع الفكرة حتى اماتوها.
صالح كان يدرك خطر الأبناء
اوكل صالح في خطوة لا تخلو من دلالة مهمة الإشراف على التحقيق في الهجوم على النهدين الى نائبه عبد ربه منصور هادي. ومن الواضح ان صالح كان يدرك الخطر الذي يمثله الأبناء لكن اقصى ما كان يقوم به هو تسليم مطار صنعاء للأمن السياسي وسحب الأمن القومي او العكس. ومن الواضح ان ذلك لم يساعد كثيرا. ففي احد ايام يناير 2011 وصلت طائرة الى مطار صنعاء الدولي وعلى ظهرها حمولة اسلحة يعتقد بعض المحلليلن انه كان من بينها السلاح الذي وظف في عملية التخلص من صالح ومعاونيه.

الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

نائف حسان في مهمة تجسس

في الأول من يوليو الماضي اتصل نائف حسان بالأستاذ حسن زيد امين عام حزب الحق يطلب  منه مقابلة لصحيفة الشارع ومثلنا جميعا ربما شعر حسن زيد كسياسي بالزهو نتيجة لما يحظى به من اهتمام اعلامي وذلك من حقه. وتم تحديد موعد المقابلة ليكون بعد ظهر يوم السبت الثاني من يوليو. وما لم يدركه الأستاذ حسن زيد ان نائف حسان كان في مهمة تجسسية على معارضي النظام وان تحديد الموعد بعد ظهر السبت قد قصد به ان يتم  اللقاء الصحفي بعد ان يكون  المجلس الأعلى للقاء المشترك  الذي سيناقش اول مسودة من مشروع  تشكيل المجلس الإنتقالي  قد عقد في الصباح، وهو ما كان لنائف ومرافقه الذي لم يكن هذه المرة محمد عايش.  
وتمكن نائف من الحصول على الكثير من المعلومات ربما اكثر مما توقع بما في ذلك مسودة مشروع تشكيل المجلس التي يفترض انها سرية على اعتبار انها مجرد افكار اولية. وسيفاجأ اعضاء المجلس الأعلى للقاء المشترك يوم 3 يوليو  بصحيفة الأولى التي يملكها نائف بالإضافة الى الشارع او هكذا يقال تنشر مسودة مشروع المجلس الإنتقالي وتسبب زوبعة سياسية، وسيجد حسن زيد نفسه كعضو في المجلس الأعلى للقاء المشترك في موقف لا يحسد عليه  لم يجد معه سوى التهديد بالإستقالة من المجلس.
ولم يكن نشر مسودة المشروع هو الإنجاز الوحيد لنائف على أهميته. فكجاسوس محترف تمكن نائف يومها من توظيف المقابلة مع زيد لتحقيق هدفين: الأول الحصول على معلومات عن خطط ومشاريع وتوجهات وخيارات قوى الثورة ممثلة بالمشترك والثاني توظيف تلك المعلومات لضرب قوى  الثورة واثارة الخلافات بينها وخصوصا بين الطائفة الزيدية والطائفة السنية والذي يريد قراءة المقابلة التي تشبه تحقيقا يقوم به ضابط محترف مع متهم فعليه العودة الى عدد صحيفة الشارع ليوم 9 يوليو.
لم يكن لدى حسن زيد كسياسي ما يخفيه لكن الصحفي الذي تحول الى جاسوس وخان امانة المهنة وفرط بشرفها كان يحاول بكل ما يستطيع طعن ثورة شعبه من الخلف حتى يحظى بصحيفة ثالثة او يحقق مكسب ما..ولم تكن مهمة نائف يوم 3 يوليو المهمة التجسسية الوحيدة لصحفي جرفته اموال السلطة فهناك مهمات اخطر  لا يتسع الوقت لمناقشتها هنا ..   
بدأ نائف حسان حياته الصحفية ككاتب  في صحيفة الثوري لسان حال الحزب الإشتراكي اليمني وقد برز كناقد بارع لرئيس الجمهورية وسياساته وكقلم رشيق لا يبارى. وحظي بشهرة  واسعة وكان اعلام النظام والإعلام شبه الرسمي المرتبط بالنظام يعانيان من حالة فقدان الثقة بهما من قبل الناس والنظام يعيش ظروفا صعبة في ظل حرب طاحنة مع الحوثيين تجعله يبحث عن كتاب وصحفيين ذوو مصداقية يمكن الإستفادة منهم، وكان لدى نائف الكثير من المصداقية في الشارع اليمني  وكان هناك العديد من الوجبات الدسمة في مطعم حميدة بكوكبان حظي كاتب هذه السطور ببعض منها ومقايل القات الفاخر التي حضر كاتب هذه السطور بعضها. وفجأة اصبح لدى نائف حسان صحيفة ومقر ثم صحيفتين ومطبعة ليكون بذلك الصحفي اليمني الوحيد في تاريخ اليمن الذي يملك صحيفتين ومطبعة.    
وتغيرت الأجندة بحسب حاجات النظام واذنابه. وبالإضافة الى التجسس وجمع المعلومات للنظام كان هناك ايضا مهمات تعميق الخلاف الطائفي وتعزيز المناطقية وضرب علي محسن وانصاره ومهاجمة السعوديةعند اللزوم  وتفكيك قوى المعارضة وضرب الحراك. وبدأ اعلام النظام يبني هالة لنائف ويقدمه على انه صوفي الصحافة اليمنية وفيلسوفها تمهيدا لتوصيله الى منصب نقيب الصحافيين وتحويله الى مركز الهام واشعاع للصحافة.  لكن قيام ثورة 11 فبراير كشف الأوراق وتبين الحق من الباطل. ولو دامت لغير نائف ما وصلت اليه.
اما حسن زيد الذي لم يكن الضحية الأولى لنائف او الأخيرة وان كان اكثر الضحايا حسن نية فقد توقف منذ تلك التجربة عن اعطاء تصريحات او مقابلات ربما حتى يستوعب ما حدث. وبعدها بايام حظي بتعزية في صحيفة الأولى في رحيل والده. 

السبت، 3 سبتمبر 2011

سري جدا...الهجوم على النهدين وحكومة اللوزي واقالة الأرحبي

تتزايد المؤشرات يوما بعد آخر على تورط العميد ركن احمد علي صالح نجل الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح في تدبير حادثة جامع النهدين للتخلص من والده وكبار المسئولين في الدولة. وتشير الملابسات الى ان نجل الرئيس ربما خطط ونفذ الهجوم بالإشتراك مع ابناء عمه الثلاثة وهم عمار صالح وكيل جهاز الأمن القومي وطارق صالح قائد الحرس الخاص للرئيس ويحيى صالح قائد الأمن المركزي بالإضافة الى آخرين وبدعم من قوى دولية.
وما يزيد من مصداقية التسريبات والشائعات في هذا الجانب ان جميع التحقيقات في الحادث الذي  دبره نجل الرئيس وابناء عمه ظلت سرية ولم يتم الإعلان عنها وظل الإنقلابيون  يوظفونها خلال الأشهر الثلاثة الماضية سياسيا بحسب الحاجة. فبعد وقوع الهجوم  وظفوا الحادثة ضد ابناء الشيخ الراحل عبد الله الأحمر وضد اللواء ركن علي محسن الأحمر وهاجموا بيوتهم وقتلوا العشرات في تلك المنازل وفي اليوم التالي قالوا ان الحادثة هي من عمل تنظيم القاعدة..
وكما ذكر اللواء علي محسن الأحمر فانهم في مناسبة ثالثة حاولوا تحميل حراس صالح  الذين لقوا مصرعهم في الحادث وفي مقدمتهم محمد الخطيب مسئولية الحادث. وكانت صحيفة حديث المدينة قد اشارت في احد اعدادها الى ان نجل الرئيس منع عن والده بعد الحادث مباشرة اي معالجة ورفض السماح باعطائه اي دواء  واكتفى بلف جثته بالشاش ورميه في احدى غرف قصر الرئاسة  وكان يعاني من ارتباك شديد في التعامل مع الآخرين. ولم يتغير الوضع الا بعد وصول الفريق الطبي السعودي. 
اللوزي رئيسا للحكومة
ادى خروج الرئيس وكبار مسئولي الحكومة الى فراغ سياسي ودستوري وكان يفترض ان توكل مهمة رئاسة حكومة تصريف الأعمال الى عبد الكريم الأرحبي نائب رئيس الوزراء وزير التنمية والتعاون الدولي  باعتباره الوحيد من بين نواب رئيس الوزراء الثلاثة الذي لم يصب في الحادث. لكن نجل الرئيس وابناء عمه عارضوا بشدة تولي الأرحبي رئاسة حكومة تصريف الأعمال رغم انطباق كل الشروط عليه ما عدا الولاء لنجل الرئيس ووجود صراع خفي بين نجل الرئيس وابناء عمه من جهة والوزير الأرحبي الذي عارض باستمرار سيطرة نجل الرئيس وابناء عمه على  الدعم الدولي من جهة ثانية. وفرض نجل الرئيس وابناء عمه الوزير  اللوزي رئيسا لحكومة تصريف الأعمال رغم انه لا تنطبق عليه الشروط المتعارف عليها بما في ذلك شرط العمر ورغم مخالفة ذلك للدستور والأعراف. فهناك في الحكومة من هو اكبر عمرا من اللوزي.
فرار الأرحبي واقالته
حاول نجل الرئيس وابناء عمه الإستيلاء على مئات الملايين من الدولارات من التمويل الداخلي والخارجي  الخاصة بمشروعات لم تبدأ او في اطار التنفيذ لكن الأرحبي رفض بشكل مستمر كما تقول بعض الروايات  مطالبهم  ورفض التوقيع على المعاملات  فهددوه بالتصفية الجسدية وهو ما جعل الأرحبي يفر خارج البلاد وظل يستقبل المعاملات الخاصة بوزارته عبر البريد ويوقع على ما يريد منها ويمتنع عن التوقيع على أخرى وهو في مأمن من الإغتيال. 
وتحرك نجل الرئيس وابناء عمه فاعلنوا اقالة الأرحبي من الحكومة في خبر تم توزيعه قبل ايام حتى يتمكنوا من الإستيلاء على ملايين الدولارات والسيطرة على الوزارة الحساسة رغم ان حق الإقالة من الحكومة محفوظ بحكم الدستور اما للرئيس المخلوع او لنائب الرئيس  ولا يحق لحكومة تصريف الأعمال اقالة احد اعضائها..
الإستيلاء على السلطة
لم يعلن نجل الرئيس وابناء عمه الإستيلاء على السلطة او تعليق العمل بالدستور او الغاء النظام الجمهوري لكن انقلاب 3 يونيو 2011 علق على صعيد التطبيق دستور الجمهورية اليمنية والنظام الجمهوري واسس للحكم الوراثي بحكم الأمر الواقع. وتم تجريد نائب الرئيس من اي اختصاص يمكن ان يمارسه سواء داخل المؤتمر او على صعيد الملفات الأمنية والسياسية الأخرى. 
وتتحرك العناصر الإنقلابية يوما بعد آخر لتعزيز سلطتها في تاسيس حكم وراثي وتهدد كل وزير يرفض الأوامر بالتصفية.  وتقوم تلك العناصر وفقا لمصادر وبدعم من بعض القوى الدولية بحشد كافة انواع الأسلحة الى ميدان السبعين للدفاع عن مشروعها ومحاربة ثورة الشعب اليمني وتلجأ بشكل متكرر الى اطفاء الكهرباء وحجب بعض خدمات الإتصال عن قطاعات كبيرة من الشعب اليمني بالمخالفة للدستور ايضا. كما تقوم بمنع المئات من النشطاء في صفوف الثورة من السفر وتوقف  المرتبات  وتختطف الثوار وتقصف المدن والقرى بشكل عشوائي لإرهاب اليمنيين وارغامهم على القبول بانقلاب 3 يونيو. 
وتقول معلومات مؤكدة  انها قد تسعى خلال الأيام القادمة لشن حرب على عدة جبهات في العاصمة قد تؤدي الى مقتل عشرات الالاف من جنود الجيش اليمني وتدمير العاصمة صنعاء وتمزيق اليمن قرية قرية.