الجمعة، 25 يونيو 2010

يشارك فيه الدكتور الفقيه..صدور كتاب نحو كتلة تاريخية ديمقراطية في البلدان العربية

 
صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية كتاب "نحو كتلة تاريخية ديمقراطية في البلدان العربية".

وجاء في تعريف الكتاب ما يلي:

يضمّ هذا الكتاب الدراسات والتعقيبات والمداخلات التي شهدها اللقاء السنوي التاسع عشر لمشروع دراسات الديمقراطية في البلدان العربية ، وذلك بهدف تنمية فهم مشترك أفضل لمتطلبات الانتـقـال إلـى نظـام حكمٍ ديمقراطيٍّ في البلدان العربية، واعتبار أن بناء كتلة تاريخيـة ديمقراطية هو الطريق السلمي، والمجرّب تاريخياً، لإحداث هذا الانتقال الديمقراطي.
ويشير «مفهوم كتلة تاريخية ديمقراطية» إلى مجال أضيق من مجال مصطلح «الكتلة التاريخية» لدى أنطونيو غرامشي ومحمد عابد الجابري وخير الدين حسيب، فهو يعني الائتلاف من أجل الديمقراطية بين التيارات والقوى السياسية التي تنشد التغيير السلمي، وتعمل مجتمعة من أجل الانتقال إلى نظام حكم ديمقراطي في دولة معيّنة، ملتزمة في ذلك بممارسة الديمقراطية داخلها وفي ما بينها، وذلك على اعتبار أن الديمقراطية ـ إلى جانب كونها أحد الأهداف الوطنية الكبرى ـ هي أيضاً وسيلة أساسية لتحقيق بقية تلك الأهداف.
إن واقعية التوافق على الديمقراطية، كهدف ووسيلة، لتحقيق أهداف أخرى، تستند إلى حقيقة أنه وبعد عقود من الصراع بين التيارات الأساسية، هناك شبه إجماع بين هذه التيارات على الديمقراطية، كنظام للحكم ومنهج لإدارة الصراع السياسي. والديمقراطية صارت في وقتنا الحاضر لا تتعارض مع المبادئ والثوابت الأساسية لمعظم التيارات السياسية، من قومية وإسلامية ويسارية وليبرالية. والمشكلة الأساسية هي في تشتّت جهود هذه التيارات، وعدم وضع الديمقراطية على رأس أولوياتها، الأمر الذي أضعف إرادة العمل المشترك من أجلها
http://www.caus.org.lb/Home/publication_popup.php?ID=4299

الثلاثاء، 22 يونيو 2010

استقالة الرئيس!

د. عبد الله الفقيه
أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء
عن صحيفة الرشد
اضطر الرئيس الألماني هورست كولر، 67 عاما، في 31 مايو الماضي إلى الاستقالة من منصبه بعد بضعة أيام من إكمال العام الأول من فترة خدمته الثانية. وقد يظن المرء ان الرئيس كولر أهدر ثروات المانيا في شراء الو لاءات السياسية أو عطل عجلة التنمية في بلد يعتبر الأكبر في أوروبا والرابع من حيث الحجم على مستوى العالم بتعيين الموالين بدلا من تعيين الأكفاء وبالسماح للمقربين والموالين بالجمع بين التجارة والسياسة بالمخالفة للدستور. وقد يذهب خيال البعض بعيدا فيظن أن الرئيس كولر حول المانيا من جمهورية إلى سلطنة أو سلب شعبه حقه في المشاركة وأعطى ذلك الحق لأقاربه، أو فرط في السيادة الوطنية وسمح للدول الأخرى بتنفيذ عمليات عسكرية داخل حدود بلده، أو انه كان يقامر بمستقبل الوحدة الألمانية التي تحققت في عام 1990 للحفاظ على مصالح شخصية وأسرية.
لكن الواقع ان الرئيس كولر لم يرتكب أي من تلك الجرائم الجسيمة. وما اغضب الناس عليه هو تصريح صحفي حول القوات الألمانية الموجودة في أفغانستان أدلى به خلال مقابلة مع إذاعة "الدوتش لاند" بعد عودته من رحلة قام بها إلى أفغانستان في الـ22 من مايو الماضي لتفقد أوضاع الجنود الألمان في ذلك البلد. ولم يقل الرئيس، من وجهة نظر عربية، في ذلك التصريح ما يستدعي الغضب من احد حيث ان كل ما قاله هو أن التدخل العسكري في حالات الطوارئ ضروري للحفاظ على مصالح المانيا المتمثلة في حماية طرق التجارة الحرة أو المحافظة على الاستقرار في بعض الأقاليم التي يمكن لتدهور الاستقرار فيها ان يؤثر على فرص العمل ومستوى الدخل للمواطن الألماني.
وقد قابلت الصحافة والسياسيون الألمان بمختلف مشاربهم تصريحات الرئيس كولر الذي انتخب لأول مرة في عام 2004 بعاصفة من النقد. وركز نقاد الرئيس، الذي لا يحق له البقاء في المنصب سوى فترتين مدة كل واحدة منهما خمس سنوات، على مسالتين. هناك من ركز في انتقاده على فكرة أن تصريحات الرئيس تعني انه يمكن ان يرسل الجيش الألماني إلى الخارج لأسباب اقتصادية بالمخالفة للدستور. وقد أهمل ذلك البعض حقيقة ان الدستور الألماني الذي يسمى عندهم "القانون الأساسي" لا ينيط بالرئيس وظيفة القائد العام للقوات المسلحة وإنما يجعلها في أوقات السلم بيد وزير الدفاع وفي أوقات الحرب بيد المستشار، أي رئيس الوزراء. وركز البعض الآخر من نقاد الرئيس على انه في تصريحه برر التدخل العسكري الألماني في أفغانستان بالإشارة إلى المصالح الاقتصادية الذاتية لألمانيا في حين ان الجنود الألمان الذين يبلغ عددهم حوالي 4500 جندي تم إرسالهم إلى أفغانستان كجزء من مجهود دولي لمحاربة الإرهاب يقوده الناتو الذي تعتبر المانيا واحدا من أهم أعضائه.
لم يأمر الرئيس كولر، في مواجهة النقد الذي تعرض له، بخطف أي من الصحفيين وإخفائه عن وجه الأرض لشهور، ولم يصدر توجيهاته إلى المسئولين الألمان ليعملوا على حجب المواقع ومصادرة الصحف وتقديم عشرات الصحافيين إلى محاكم غير دستورية ، ولم يتهم نقاده بمحاولة إعادة النازية إلى المانيا أو بالعمالة لروسيا. بل اكتفى وفي مواجهة موجة النقد ضده بالدعوة إلى مؤتمر صحافي أعلن فيه بهدوء والدموع تملأ عينيه استقالته من منصبه كرئيس لألمانيا. طلب كولر من الألمان خلال المؤتمر الصحفي ان يتفهموا قراره، وأنهى المؤتمر الصحفي بالقول "لقد كان شرفا لي ان اخدم المانيا كرئيس اتحادي."
وهكذا استقال رئيس المانيا بهدوء ودون حدوث أي مضاعفات. ولم يتحدث احد قبل أو أثناء أو بعد استقالة كولر عن إمكانية ان تتمزق المانيا من جديد إلى جمهورية ديمقراطية وجمهورية اتحادية. ومن المستبعد أن يختلف الألمان حول هوية الرئيس القادم وهل من المفروض ان يكون شرقيا أو غربيا، ولن يهب أقارب الرئيس كولر للقبض على السلطة بالحديد والنار مدعين أنها حق أزلي لكولر وأقاربه حتى الدرجة العاشرة، ولن تقطع القبائل الألمانية إمدادات الغاز والكهرباء عن برلين أو يتحدث احد عن احتمال انهيار المانيا الاتحادية.
كانت المستشارة انجلا مركل، وهي الممارس الفعلي للسلطة في النظام البرلماني الألماني، قد حاولت ولكن دون نجاح إثناء الرئيس كولر عن قراره. لكن الرئيس المتخصص في الاقتصاد والذي رأس البنك الأوروبي للتعمير والبناء خلال الفترة 1998 وحتى عام 2000 ثم ترأس منظمة النقد الدولية خلال الفترة من 2000 إلى 2004 فضل الاحتفاظ باحترامه لنفسه. واذا كان نقاد الرئيس قد عابوا عليه عدم إظهار الحساسية الكافية في الحديث عن مسألة مثل إرسال جنود المان إلى أفغانستان، فإن الرئيس قد عاب على نقاده عدم إظهار الاحترام الكافي للموقع الذي يشغله. ولا يوجد لدى الرئيس الألماني الكثير ليخسره فمرتبه السنوي البالغ 213 الف (وليس مليون) يورو سيظل مستمرا حتى بعد استقالته من منصبه.

الاثنين، 14 يونيو 2010

البطنين والنهدين وخيوط الظلام


د. عبد الله الفقيه
أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء

عن صحيفة كل احد

أهداني الأستاذ عبد الفتاح البتول  قبل سنوات نسخة من كتابه "خيوط الظلام؛ عصر الإمامة الزيدية في اليمن 284-1382."  وقد صدر الكتاب والمعارك العنيفة بين السلطة والحوثيين تدور في محافظة صعدة  وهو ما جعلني غير متحمس كثيرا لقراءاته وخصوصا وان للبتول موقفه الإيديولوجي المعروف من الحرب والذي لا يمكن سوى ان يؤثر على نوع المعرفة الذي ينتجه. وقد انتظرت شهورا بعد شهور كي تضع الحرب اوزارها ويغلق ملف  "الفتنة" لأتمكن بعد ذلك من قراءة الكتاب ومناقشة محتواه بعيدا عن روائح البارود وضجيج الرصاص وحتى لا اقع في المحظور الذي وقع فيه الكاتب. لكن الحرب للاسف لم تنته الإ لتبدأ من جديد وهو ما جعلني أتأخر أكثر مما ينبغي في قراءة الكتاب.  
ويبدأ كتاب البتول من عنوانه بحكم  على ما يزيد على الف ومائة سنة من تاريخ اليمن بانها كانت "عصور ظلام." وتعكس الفترة الزمنية الطويلة التي يغطيها الكتاب النية المسبقة لإختزال مرحلة زمنية طويلة ورؤيتها من ثقب الإبرة.  وإذا كان البتول يملك هامشا لا بأس به من الاستقلال عن السلطة يسمح له بان يحقق قدرا معينا من الحياد فان إيكال مهمة تقديم الكتاب إلى الأستاذ/ نصر طه مصطفى رئيس وكالة سبأ للأنباء والذي كان حينها ناطقا رسميا للحكومة (ولو اسميا) قد كان خطئا فرضته مقتضيات استمالة السلطة. والغريب انه في الوقت الذي يبدأ فيه مصطفى بإدانة الاستبداد فان مقدمته توحي ان مشكلته مع الإمامة ليست بسبب الطبيعة ولكن بسبب الحصر فقط. ولعل هذا التناقض هو الآخر نتاج للتناقض بين مقتضيات السلطة ومقتضيات المعرفة. ضف إلى ذلك ان مصطفى قد كتب المقدمة دون ان يكلف نفسه عناء قراءة الكتاب كما يبدو مما جعل المقدمة في واد والكتاب في واد آخر.  
وبقدر ما أضعفت المقدمة السلطوية الكتاب فان حشر بعض مقالات نصر طه مصطفى وغيره من الكتاب والسياسيين وبعض القصائد الشعرية ومقابلة صحيفة الوسط مع بدر الدين الحوثي في عام 2005 قد زادت الكتاب إضعافا وخصوصا وانه لم يتم الفصل بينها وبين عناوين الأجزاء التي كتبها المؤلف وبحيث بدت تلك المقالات وكأنها أجزاء من الكتاب.         
وبالنسبة للمنهجية التي اتبعها الكاتب فقد تمثلت في قراءة الفترة الطويلة  من تاريخ اليمن ليس في جانبها الكلي بما يتضمنه من قمم ومنحدرات ولكن بالتركيز فقط على جانب الصراعات بين الإئمة بعضهم البعض وبينهم وبين الدويلات والقيادات الأخرى. ويبدو ان هدف الكاتب قد تمثل في "إدانة" وليس "دراسة" مبدأين قامت عليهما الإمامة وهما: حصر الولاية، وحصر حق الخروج، في البطنين.  
ومع ان الكثيرين سيتفقون مع البتول في مسألة ان حصر الولاية السياسية في "البطنين" في عصر "المواطنة المتساوية" هو توجه عنصري الإ ان الغريب ان البتول يدين ايضا حق الخروج برمته عاكسا بذلك  سلفية سياسية لا تقل  انتهازية وعنصرية عن إمامة البطنين. ويعيد هذا التناقض الى الإذهان مقولة شهيرة للاستاذ محمد قحطان وهي ان الصراع الدائر في اليمن اليوم هو بين مشروعين هما مشروع "البطنين" ومشروع "النهدين."  ورغم ان العنصرية تشكل مكونا أساسيا في كل واحد من المشروعين الإ ان البتول بادانته لحق الخروج على الحاكم يبدو منحازا لمشروع "النهدين" ربما لأسباب "مادية" أو لأسباب "فكرية" أو نتيجة لضعف المنهجية العلمية.  
ولعل المشكلة الكبرى في الكتاب تكمن في ان المؤلف يريد ان يقول ان حصر حق الولاية وحق الخروج في البطنين هو الذي قاد الى الصراعات الدامية التي شهدتها اليمن تحت حكم الإئمة. لكن البتول لم يتمكن من اثبات هذا القول بطريقة علمية. فالواقع هو ان الصراع على السلطة قد كان خاصية واضحة لكل الدويلات التي قامت في اليمن وفي غير اليمن خلال الفترة محل الدراسة وبغض النظر عن العقيدة السياسية أو الدينية لكل منها وهو ما يعني ان لا علاقة للمبدأين بالصراعات التي استعرضها الكاتب.  ضف الى ذلك ان ظاهرة الخروج العنيف على الحاكم في الفترة التي يدرسها الباحث لم تكن حصرا على الهاشميين. فقد خرج كثيرون من أعيان القبائل وغيرهم على الإئمة. ولو ان ما يريد البتول اثباته قد كان صحيحا بالفعل لما قامت ثورة ال26 من سبتمبر 1962  الإ إذا استطاع البتول إقناعنا بان ثورة سبتمبر قد كانت بدورها هاشمية.     
ولا يمكن التفريق من منظور السياسة بين "إمامة البطنين" و"رئاسة النهدين" وأن تزينت الأخيرة بانتخابات يصعب وصفها بالنزيهة،  فكلا الفكرتين عنصريتين تحصران حق الولاية في طرف معين، وتلك هي الإشكالية التي يقع فيها كتاب "خيوط الظلام." ففي الوقت الذي يحاول فيه الكاتب إدانة "عنصرية" البطنين فانه—ربما دون ان يدرك—يدين النهدين أيضا.     
   

الأربعاء، 9 يونيو 2010

رائد التغيير!

د. عبد الله الفقيه
استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء

عن صحيفة الرشد عدد 80  ،  7 يونيو 2010

أحسنت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني بقيادة الأستاذ محمد سالم باسندوة والشيخ حميد الأحمر و87 شخصية وطنية بارزة اخرى عندما سمت دورتها المنعقدة في صنعاء اواخر الأسبوع الماضي بـ"دورة رائد التغيير المهندس فيصل بن شملان" الذي كان واحدا من ابرز أعضائها وقد توفاه الله مطلع العام الحالي في مدينة عدن بينما كانت اليمن وما زالت في أمس الحاجة اليه. وحسب محبي بن شملان انه، وان كان قد رحل بجسده الفاني، فانه باق من خلال القيم التي جسدها في سلوكه والتضحيات التي قدمها في سبيل التغيير في بلاده.
كان بن شملان، وما زال وسيظل، واحدا من أهم الرموز في تاريخ اليمن الحديث. وليس هناك ما هو اكثر دلالة على مكانة بن شملان على الساحة الوطنية من احداث صيف عام 2006. فعندما بحثت القوى التواقة الى التغيير والإصلاح الشامل عن شخصية نزيهة ومؤهلة تحظى باجماع وطني وتمتلك الشجاعة والجرأة والثبات وتقبل قيادة حركة التغيير، فان تلك القوى لم تجد من هو أفضل من بن شملان. ولم يتردد الرجل في التضحية من اجل بلاده رغم ادراكه لتعقيدات الواقع اليمني.
وقد ينسى الواحد منا اسمه لكن الكثير من اليمنيين لن ينسوا بالتأكيد السياسي التكنوقراطي والبرلماني والإداري اليمني المخضرم المولود في حضرموت في عام 1934 والمتوفي في مطلع عام 2010 والذي ضحى بالمصالح الخاصة التي كان يمكن ان يحصل عليها في سبيل الدفاع عن المصالح العليا لأبناء شعبه. ففي بلد يشتري فيه الناس المواقع التي يشغلونها بالملايين ويضحون بالكثير من قيم الصدق والوفاء والنزاهة للاحتفاظ بتلك المواقع، لم يتردد مهندس الإخلاق والقيم في الإستقالة من موقع يدر على شاغله الذهب والألماس ولم يسبق أن استقال منه شخص قبله أو بعده. وفي حين يستغل الكثير من المسئولين الحكومين وظائفهم لملىء احواش منازلهم بالسيارات وحساباتهم البنكية بالريالات والدولارات، فان بن شملان ترك سيارته الحكومية في حوش وزارة النفط عندما قدم استقالته من الوزارة احتجاجا على عدم منحه اختصاصات الوظيفة.
كانت الوصية السياسية لإبن شملان هي تلك التي وردت في كلمته التي القاها في ملتقى التشاور الوطني في صنعاء في مايو 2009 ، وقد ذكر فيها ان اليمنيين يمرون بمفترق طرق: "اما أن نحتفظ بيمن واحد يكون درعا وعونا للبلاد العربية كلها، وللإنسانية أيضا، وإما أن يتفرق أيدي سبأ وبالتالي نفقد كل هذ]ا[،]و[ إذا فقدنا كل هذا، إذا فقدنا أحلامنا وآمالنا، لم تعد لنا حياة." وتابع مخاطبا الحاضرين "أرجوا أن تتذكروا أننا دخلنا هذه الوحدة ..بشراكة وليست بضم، وليست بفرع ولا أصل، نحن كلنا أصل وفرع، إذا كنا يمنيين فنحن كلنا أصلاء." وعندما تحدث عن مشاعر ابناء الجنوب قال: "هنالك شعور طاغي ]بين ابناء الجنوب[ بأن هذه الوحدة وبأن هذه الشراكة قد فضت... ولكننا لا يجب أن نيأس لأن هذا اليأس معناه ]اننا[ حكمنا على أنفسنا بالقتل.. بالموت، هذا لا يجوز." ودعا بن شملان الحاضرين الى التمعن في الأسباب التي تقف وراء مشاكل اليمن معربا عن أسفه أن "كل الأشياء المتفق عليها في الدستور لم تعد قابلة للتطبيق لأن حكم الفرد لم يترك ...فرصة لنا أن نقوم بواجباتنا نحو هذا البلد." وانهى رائد التغيير كلمته كما بدأها بتحذير: "أقول وبكل صراحة إذا استمر الحال على هذا المنوال.. فهنالك مشاكل كبيرة أمام اليمن وعلى هذا اللقاء التشاوري والحوار أن يكون مستعدا للتضحية الحقيقة والنزول للناس لإعادة هذه الوحدة ولحمتها وصيانتها."
ما احوج اليمن واليمنيين للتوقف مليا أمام التركة السياسية والأخلاقية التي تركها بن شملان قبل فوات الأوان، وما احوجهم لكتابة تاريخ هذا الرجل الذي تسامى على وجع الجرح الشخصي بماء الذهب وان يضيفوا سيرته الى المناهج الدراسية وان يحتفوا به وبالقيم التي مثلها كل عام كما يحتفون بعلي احمد باكثير وحسين ابو بكر المحضار وغيرهم من الرموز. فقد كان بن شملان بحق رائد الوطنية والديمقراطية والتغيير والنزاهة ونكران الذات وجمع في حياته الزاخرة بين الأصالة والمعاصرة.

الاثنين، 7 يونيو 2010

اليمن وأمريكا في مواجهة التحديات الماثلة

خمس مخاطر للشراكة اليمنية الأمريكية 
د. عبد الله الفقيه
أستاذ العلوم السياسية  بجامعة صنعاء
مداخلة مقدمة في منتدى الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر بتاريخ 7 يونيو 2010
ساد العالم  منذ تأسيس الدولة المدنية الحديثة في الغرب في عام 1648 وحتى عام 1945 نظاما دوليا أتسم بتعدد الأقطاب، أي ان القوة فيه تركزت في عدد من القوى الرئيسية. واعتمد نظام تعدد الأقطاب في تحقيق الاستقرار على الحفاظ على قدر معين من توازن القوة داخل النظام.   لكن نظام تعدد الأقطاب شهد اعنف الحروب وأكثرها دموية في التاريخ الإنساني.  فقد قتل في الحرب العالمية الأولى 16 مليون شخص وجرح 21 مليون، وقتل في الحرب العالمية الثانية أكثر من 60 مليون شخص. ومنذ عام 1945 وحتى انهيار الإتحاد السوفييتي عام 1990  شهد العالم نظام الثنائية القطبية حيث مثل الإتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية القوتين الرئيستين اللتين تدور حولهما سائر القوى الأخرى. وقد أدى انهيار الثنائية القطبية إلى ظهور  ما يسمى بالنظام الدولي الجديد الذي تلعب فيه الولايات المتحدة  دور القطب الوحيد. ولم يعد الحديث في ظل النظام الجديد عن توازن دولي ممكنا كما بدا واضحا من خلال الغزو الأمريكي غير المبرر للعراق.
عناصر القوة الأمريكية
ترتكز القطبية الأحادية الأمريكية في شكلها الحالي  على  خمس قواعد:
1. القاعدة الجغرافية بما تمثله من عمق استراتيجي وتنوع في الموارد الطبيعية حيث تبلغ مساحة الولايات المتحدة حوالي 10 مليون كم مربع أو ما يعادل 22 ضعف مساحة اليمن
2. القاعدة الاقتصادية:  حيث يبلغ الناتج القومي الأمريكي  بحسب تقديرات عام 2009 حوالي 15  ترليون دولار في السنة أي  ربع ما ينتجه الاقتصاد العالمي (يقدر ب58 ترليون دولار)؛ بينما تنتج دول الإتحاد الأوروبي مجتمعة الربع الثاني؛ وينتج الإقتصادين الياباني والصيني  الربع الثالث.
3. القوة العسكرية:  يبلغ الإنفاق العالمي على التسلح حسب تقديرات 2009 حوالي 1.5 ترليون دولار وتنفق الولايات المتحدة وحدها على التسلح سنويا ما يساوي أكثر من 40% من الإنفاق الكلي للعالم  بينما تبلغ حصة الصين وهي الدولة رقم (2) بين الدول الأكثر إنفاقا على التسلح حوالي 6% من ذلك المبلغ، ثم  فرنسا والمملكة المتحدة وتنفق كل منهما حوالي 4.5 % من إجمالي الإنفاق العالمي   
4. الهيمنة الإعلامية والثقافية والتي تمتد الآن لتشمل العالم الإسلامي بعد ان كانت هذه المنطقة قد تركت خارج نطاق المظلة الثقافية الأمريكية خلال الحرب الباردة.
5. الهيمنة السياسية: لا تركز القوة الأمريكية على ما تمتلكه أمريكا من أدوات مادية وفكرية وإعلامية ولكنها ترتكز أيضا على قيادة أمريكا لما يسمى بالعالم الحر وما يمتلكه الأخير من أدوات القوة. وتشكل الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة كما تبين العقود الماضية عامل معظم للقوة الأمريكية كما رأينا في حرب الخليج الثانية وعامل كبح لها كما رأينا في مجريات الغزو الأمريكي للعراق.           
غياب اليقين بشأن المستقبل
هناك اليوم حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل القوة الأمريكية لأسباب كثيرة أهمها:
1. تعرض الولايات المتحدة إلى الكثير من الهزات خلال السنوات الماضية والتي كان أبرزها أحداث سبتمبر  2001 ، الحروب التي تخوضها في باكستان وأفغانستان والعراق، والأزمة المالية العامة.  
2. ظهور مؤشرات  على حدوث تحول عميق في موازين القوة الدولية والإقليمية يؤشر عليه على المستوى الدولي مثلا من خلال تنامي القوة الاقتصادية الصينية وعلى المستوى الإقليمي الشرق الأوسطي  من خلال تنامي القوة الإيرانية. 
3. فشل الولايات المتحدة في  احتواء الصراع  الإسرائيلي الفلسطيني والذي يشكل أهم مغذ لحركات العنف والتطرف .
وليس من الواضح حتى الآن ماذا يعني تصاعد  قوة الصين وإيران وتراجع القوة الأمريكية. لكننا نعرف من خلال دروس التاريخ ان التحولات العميقة غالبا ما قادت إلى فترات طويلة من عدم الاستقرار والى حروب طاحنة أهلكت عشرات الملايين من البشر ودمرت المئات من مدن العالم.
وضع اليمن
تواجه اليمن العديد من التحديات المصيرية وأهمها:  الوضع في الجنوب؛ التمرد في الشمال؛ التهديد الذي تمثله جماعات العنف؛ والوضع الاقتصادي. وفي ظل  العجز الداخلي الواضح  والضعف الإقليمي المزمن والهيمنة الأمريكية القائمة  فإن كل المؤشرات تدل  على ان حل مشاكل اليمن (وأشعر بالأسف لوصول الوضع إلى ما وصل إليه) يبدأ من واشنطن والعواصم الأوروبية الأخرى  ثم يمر بالعواصم الخليجية وفي مقدمتها الرياض وينتهي في صنعاء.
بالنسبة للأمريكيين فقد نظروا إلى اليمن تاريخيا بسبب موقعها الهام وجوارها لأكبر مخزون نفطي في العالم ومشاكلها الكبيرة  على أنها ثغرة أمنية خطيرة وأن التعاطي مع الملف اليمني مكلف جدا مقارنة بالعائد الذي يمكن الحصول عليه.  ولذلك أوكل الأمريكيون تاريخيا الملف اليمني إلى حلفائهم في الخليج والسعودية على نحو خاص.
لكن الواضح اليوم ان هناك مؤشرات نظرية كثيرة على وجود ادراك وقناعة أمريكية—على المستوى النظري—بان الملف اليمني اخطر من ان يختزل  في جانب محاربة جماعات العنف والتطرف  وان مشاكل اليمن السياسية والاقتصادية والاجتماعية تشكل حزاما ناسفا بحسب تعبير البعض يمكن ان ينفجر  في منطقة يملؤها النفط والغاز والممرات المائية والجزر الإستراتيجية التي شكلت تاريخيا نقطة جذب للقوى الدولية.
وتعكس التقارير والتغطيات الصحفية والإعلامية القادمة من الشرق والغرب بان الولايات المتحدة الأمريكية مهتمة بالوضع في اليمن أكثر من اهتمام  اليمنيين أنفسهم  وأن الأمريكيين يعدون الخطط والإستراتيجيات للتعاطي مع مختلف القضايا.  وقد دعوا إلى المؤتمرات ونفذوا الكثير من الدراسات وما تراكم لدى الولايات المتحدة خلال الأشهر الستة الماضية يفوق في حجمه بحسب تقديري ما تراكم لدى اليمن خلال الخمسين عاما الماضية.         
المخاطر المستقبلية                                        
 رغم ان كل المعطيات تشير إلى ان  مصلحة الولايات المتحدة واليمن تكمن في قيام شراكة قوية تتميز بالشمول ولا تقتصر على جانب دون آخر الإ أن هناك الكثير من المخاطر، وأهمها:
1. ان تركز الشراكة على مكافحة جماعات القاعدة  بينما تهمل العوامل المنتجة والمغذية للعنف والتطرف وهي البطالة والفقر والأمية وضعف الخدمات وهشاشة الدولة والفساد بكافة أشكاله ...الخ القائمة الطويلة.
2. أن يتبع النظامان إستراتيجية رخيصة غير مكلفة تعتمد على الصواريخ  التي  تطلقها طائرات الدرونز أو  المدمرات العسكرية المتواجدة في المياه الإقليمية  والتي تقتل في النهاية المواطنين اليمنيين الأبرياء وتنتهك القوانين الدولية وتهدر الحقوق الإنسانية المقرة في جميع الشرائع وتدفع بالقبائل اليمنية إلى التحالف مع القاعدة وجماعات العنف وتزيد من تفاقم خطر انهيار الأمن  والنظام.
3. أن تغلب الأنظمة القائمة مصالحها الآنية في البقاء في السلطة أو كسب التأييد الشعبي على حساب مصالح الشعبين اليمني والأمريكي وعلى حساب مصالح الدول المجاورة والمجتمع الدولي وهو ما سيقود حتما إلى الفشل..فالشراكة الناجحة لا بد ان تقوم على الاستعداد التام للربح والخسارة.    
4. أن يجير الدعم الأمريكي  والخارجي عموما لصالح قبيلة أو فئة اجتماعية أو منطقة أو لصالح النظام على حساب المعارضة أو لصالح المعارضة على حساب النظام أو لصالح القوى التقليدية على حساب الحديثة أو لصالح القوى الحديثة على حساب التقليدية أو ان يكرس الإختلالات القائمة في توزيع السلطة والثروة  لان ذلك سيقود حتما إلى الفشل لان الدعم المطلوب هو ذلك الدعم الذي ينتقل باليمنيين جميعا إلى وضع أ فضل ويضمن العدالة وتكافؤ الفرص  وسيادة القانون.         
5. ان يجتمع جهل النظام اليمني بالعالم وبالسياسات الدولية وبالتحولات العميقة التي يشهدها بجهل الأمريكيين باليمن وثقافته وتفاصيل مشاكله.
6. ان يوظف النظامين الورقة الأمنية لابتزاز بعضهما بعضا

  

الأحد، 6 يونيو 2010

اليمن وأمريكا وسياسة التوازن الدولي


بلاغ صحفي


يقيم منتدى الشيخ الأحمر ندوة بعنوان : اليمن وأمريكا وسياسة التوازن الدولي يحاضر فيها الدكتور عبد الله الفقية –أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء والأستاذ عبد الله مجاهد نمران.


ومن المقرر أن تقام الندوة في منزل الشيخ عبد الله الأحمر- رحمه الله – بالحصبة يوم الاثنين الموافق 7/6/2010م الساعة الرابعة عصرا .


وعليه نأمل تفاعلكم ومشاركتكم في إحياء الندوة وتغطيتها .

السبت، 5 يونيو 2010

اغرب رسالة استقالة في تاريخ اليمن (هل سعى طاهر وتوكل وحاشد الى قلب نظام الحكم عن طريق الثورة)؟



بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة رئيس وأمين عام وأعضاء اللجنة التحضيرية        للحوار الوطني      المحترمون
تحية طيبــــة وبـــــعد ،،،
الموضوع : استقالة من عضوية اللجنة التحضيرية للحوار الوطني .
يسعدنا ونحن نضع بين أيديكم استقالتنا هذه أن نؤكد لكم في البدء أن لا خصومة شخصية لنا مع أحد دعتنا لتقديمها ،  بقدر احتجاجنا على عمل اللجنة وآلية إدارتها واتخاذ القرار فيها ،  وحدوث ما كنا نخشاه من تحول اللجنة التحضيرية للحوار الوطني إلى كيان بديل يقام على أنقاض الأحزاب السياسية وفي مقدمتها أحزاب اللقاء المشترك وكذا كافة المكونات المدنية الأخرى ، مسفرة عن مشروع شخصي صغير وكيان خليط غير مدني وغير سياسي.
الإخوة الأعزاء :
لقد خابت كل التوقعات في مساهمة اللجنة التحضيرية للحوار الوطني في عمل حراك وانتفاضة شعبية حقيقية لإيقاف الانهيار وفرض أجندة الإصلاح السياسي على الحاكم  ، غير أنها على الصعيد العملي لم تفعل شيئا وبقدر ما تحولت إلى ظاهرة صوتية إعلامية اكتفت بعقد الندوات وإصدار البيانات، فإنها تحولت كذلك إلى ملهاة وكابحة لنضالات مكونات اللجنة من أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني وشخصيات اجتماعية وعامة .
ما لاحظناه أيضاً .. أن  هذه اللجنة لا تعير انتباها لكافة المبادئ والمعايير الديمقراطية التي يتعين مراعاتها في التنظيمات والتحالفات السياسية ، من تدوير دوري للمناصب وتداول حر لرئاسة اللجنة ولجانها وأمانتها العامة.
ولايخفاكم أن رئاسة اللجنة وأمانتها العامة لم يتم تدويرهما منذ تأسيس اللجنة ، يقال أن الأمانة العامة دائمة غير قابلة للتدوير فضلا عن عدم شفافية التمويل وإعطاء الرواتب والأجور مقابل ما يفترض انه عمل نضالي طوعي .
التفرد في القرار والضيق الدائم من قبل الأمين العام من الرأي المغاير ،  فضلا عن كون اللجنة التحضيرية لم تجتمع منذ ستة اشهر وكل قراراتها لا ندري من يتخذها بالنيابة .

أيها الأعزاء ..
 إن التفرد والعبث طال حتى الوثيقة التي تمثل الانجاز الوحيد والمهم للجنة دون الرجوع لأعضائها ، وذلك بالتبديل والزيادة والنقصان فحذفت – مثلاً -  العبارات الرافضة لكافة أشكال التمييز وفي  تشخيص جذر الأزمة تم تغيير التشخيص الأساس للوثيقة المتمثل النظام العصبوي الجهوي والعائلي وتم استبدالها بالنظام الفردي المشخصن  في تبديل مخل لا يخلو من دلالة الانحراف الكبير في التشخيص سيسقط نفسه على المعالجات بالضرورة .
ولذلك فنحن نتقدم إليكم باستقالاتنا، راجين قبولها وتفهم تلك الأسباب ، علماً بأننا قد ترددنا كثيرا عن إعلان الاستقالة هذه في كل مرة تتأكد مخاوفنا تلك ،  يدفعنا في ترددنا الخشية من أن يتم استغلال الاستقالة بطريقة سيئة من قبل إعلام الحاكم على غير ما قصدت به ،  لكن لحسن الحظ أنكم في حالة  هدنة مع الحاكم ، على إثر ترحيبكم بدعوته للحوار مما يجعل من تلك المخاوف غير واردة الآن  ، ذلك فلم نقول الكثير والكثير من الأسباب مما يمكن أن يقال لذات المخاوف.
وتقبلوا خالص التقدير
أعضاء اللجنة التحضيرية
توكل عبد السلام  كرمان   رئيسة منظمة صحفيات بلا قيود / عضوة اللجنة التحضيرية، عضو لجنة الحقوق والحريات  
احمد سيف حاشد  رئيس منظمة التغيير .. عضو مجلس النواب / عضو اللجنة التحضيرية
عبد الباري طاهر رئيس تحالف صحفين لمناهظة الفساد..  ونقيب الصحفين السابق / عضو اللجنة التحضيرية،رئيس لجنة قادة الرأي


الخميس، 3 يونيو 2010

الوطن يتسع للجميع

د. عبد الله الفقيه
استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء
عن صحيفة الرشد عدد 79 ، 31 مايو 2010

عاد الأخ رئيس الجمهورية ومن جديد الى التأكيد في خطابه بمناسبة الذكرى العشرين لقيام الوحدة على أن "الوطن يتسع للجميع" في اشارة الى قبوله بمبدأ الشراكة والذي مثل بالأمس الأساس لقيام الوحدة ويمثل اليوم الأساس لبقائها واستمرارها. ورغم ان اشارة الرئيس مهمة وتبعث الأمل في النفوس، الا أن الأهم من الكلام ، وفي ظل حالة غياب الثقة، هو الأفعال التي لا ترجو سوى وجه الوطن الموحد والتي يفترض ان تكون اصدق انباء من الخطب. فلا بد ان يتسع الوطن الذي كبر بوحدته للجميع بالفعل وان تتخذ السلطة خطوات صعبة وسريعة تترجم لغة النوايا والتوجهات النظرية الى لغة الأفعال التي تلامس حياة المواطن وتجعله يستعيد ولو بعض الثقة فيما يقوله الرئيس وما يتحدث به رجال النظام ورموزه. لقد آن الأوان للقيادة أن تبدأ بالتضحية بعد ان ضحى الشعب اليمني طويلا ووصل الى مرحلة لم يعد يجد فيها ما يمكنه التضحية به.
لقد تحدثت الأسبوع الماضي وبالصدفة مع ثلاثة اشخاص محسوبين على السلطة قابلوا الرئيس كل على حده خلال الأسابيع القليلة الماضية وناقشوا معه أوضاع البلاد، والجنوب تحديدا، وخرجوا جميعا بانطباع واحد وهو أن القيادة لا تقدر خطورة الأوضاع حق قدرها. وحمل احدهم المحيطين بالرئيس المسئولية كاملة كونهم كما قال يفضلون الحفاظ على مصالحهم وامتيازاتهم على مكاشفة رب نعمتهم بما يعتمل في كافة ارجاء البلاد غير مدركين أن المصالح التي يعملون للحفاظ عليها باتت مهددة بشكل أكبر بخروج الأوضاع عن السيطرة. واضاف محدثي، ووافقته على ذلك، بأن الأوضاع ستخرج حتما عن السيطرة ان لم يتم تدارك الأمور. وقد هالني ان احد الذين تحدثت معهم وهو شخصية رفيعة لم يعرف عنها المزايدة وبدا من كلامه انه من الصادقين مع الرئيس، انتحى بي جانبا، وقال وقد وضع اصابع الإبهام والسبابة على اذنه اليمنى "اقطع لك من هذه ان لم ينفصل الجنوب."
لقد تحدث الناس منذ وقت مبكر عن نهب اراضي الجنوب وتهميش الجنوب ومظالم الجنوب والمخاطر التي تواجه الوحدة اليمنية جراء ما يحدث في الجنوب. ولم يستمع احد. وانشغلت القيادة عن مشروع بناء دولة الوحدة على أسس الشراكة والنزاهة والديمقراطية بمشروع الإحتفاء بقيامها ومحاكمة المشاركين في تحقيقها وتبديد اموال الشعب في الحديث الإعلامي الفج والمكرور عن المنجزات. أما رموز النظام من المؤلفة قلوبهم، فقد انشغلوا بنهب اراضي الجنوب وفرص الإستثمار ومواقع التسلط وممتلكات الدولة الجنوبية السابقة.
وخرج المطبلون والمزمرون ونافخو الكير بنظريات وشعارات تدحض ما يقوله الشرفاء مصرين على أن "الوحدة راسخة رسوخ الجبال." وبلغ الصلف باحد المنافقين حدا جعله من فرط عدائه للوطن يخرج على الناس مطالبا باعتبار ان الوحدة تحققت عام 1994 وأن ما حدث قبلها كان مزايدة ومناكفة، وتحول ذلك التهالك وتلك الزندقة الى مقرر جامعي يلوث العقول والأبدان وينخر في جسد الوحدة اليمنية كل عام. وانشغل حزب السلطة بجمع الأصوات بينما كانت الوحدة تخسر ايمان ابنائها الذين صنعوها ودافعوا عنها بها. واخفقت احزاب المعارضة على اليمين واليسار في ايقاظ الحاكم من سباته ولفت انتباهه الى ما يعتمل تحت الرماد.
وكشفت الأيام ان سياسات الفساد والأنانية وتعيين النسب بدل "الأنسب" والموالي بدلا عن الكفوء قد نخرت الجبال والأودية والهوية المشتركة وذهبت بالبر والبحر. أما الجبال التي تحدث عنها زبانية "الحكم" فقد كشفت الأيام انها لم تكن سوى جبال من ورق. واستفاق اليمنيون المنتشون بسكرة الوحدة على فاجعة وطنية ظلت مؤشرات قدومها تعتمل لأكثر من عقد ونصف. وادرك الناس في وقت ربما متأخر جدا بأن الوحدة لم تتحقق في عام 1994 كما قال حفيد مسيلمة بل بدأت تحتضر منذ ذلك العام.
ومع ان الوضع قد ساء كثيرا الإ انه ما زال هناك فرصة لتدارك الأمور اذا صدقت القيادة في توجهاتها واذا تحمل كل وحدوي مسئوليته في مكاشفة القيادة بحقيقة الوضع وفي الضغط عليها بأن تتحرك بشكل مختلف وان تفكر بطريقة مختلفة وان تعمل مع الجميع من اجل تدارك ما يمكن تداركه. فالوطن بطبيعته يتسع للجميع وفيه ما يكفي الجميع.

الثلاثاء، 1 يونيو 2010

احمد الكبسي والحاق الجمعية العربية للعلوم السياسية بالأمن القومي اليمني

فاضت البلادة والفساد والعنصرية عن حاجة اليمنيين فتم تصديرها الى العالم العربي بفرض احمد الكبسي نائب رئيس جامعة صنعاء للشئون الأكاديمية رئيسا للجمعية العربية للعلوم السياسية، ويومها قال احد أعضاء الهيئة الإدارية لقد تم قبول الكبسي الذي لا يساوي "نكلة" بحسب تعبيره تكريما لليمن وليس لشخص الكبسي الذي لطالما اساء للأكاديميين بتصرفاته ومنها التجسس على زملائه وكتابة التقارير الأمنية واستغلال موقعه الأكاديمي للإثراء غير المشروع.
وكان واضحا منذ البداية أن الكبسي الذي شهدت جامعة صنعاء في عهده من فضائح التعيين والترقية ما لم تشهده في عهد اي نائب اكاديمي سابق سيجد صعوبة في ملىء الفراغ الذي تركه عالم سياسة بحجم أ. د علي الدين هلال استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة لكن الكل عقد الأمل على ديناميكية أ. د جمال علي زهران الأمين العام للجمعية واستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة والنائب في مجلس الشعب المصري.
وفي أول اجتماع عقدته الجمعية في صنعاء بعد انتخاب الكبسي رئيسا لها وكان ذلك في 2 ديسمبر 2007 قام الأمين العام للجمعية الدكتور زهران وكما يليق باي شخص نزيه بتسليم الكبسي مبلغ 4100 اربعة الاف ومائة دولار بالإضافة الى 120 مائة وعشرين يوروهي المبالغ التي جمعت كاشتراكات وعلى أساس ان يقوم الكبسي باستئجار مقر للجمعية والإنفاق عليه من المبلغ. وفي الإجتماع التزم الكبسي ب"التواصل مع الجهات الرسمية باليمن من اجل الحصول على مقر رسمى للجمعية فى اليمن والسماح للجمعية بمزاولة انشطتها بطريقة رسمية ومعترف بها بوصفها جمعية عربية مفتوحة العضوية لكافة الاساتذة والباحثين العرب فى مجال العلوم السياسية والذين تنطبق عليهم شروط اكتساب العضوية استنادا الى نظامها الاساسى والداخلى، وعلى نحو يضمن استقلالها وتمتعها بالشخصية القانونية والاعتبارية وكذلك تمتعها بالحصانات والامتيازات الدبلوماسية والقانونية التى تحظى بها المنظمات الدبلوماسية الاخرى."
هكذا شطح الكبسي امام اعضاء الهيئة الإدارية للجمعية العربية.. منظمة بحصانات وامتيازات..لكن هل يمكن لشخص مثل الكبسي يكتب التقارير ضد زملائه ويتجسس على محاضراتهم ويمارس التمييز العنصري ان يفهم معنى الحصانة او معنى الشرف والنزاهة؟
وفي 14 مارس 2009 عقدت اللجنة التنفيذية للجمعية العربية للعلوم السياسية اجتماعها الثاني بدون حضور الكبسي الذي اكتفى بابلاغ الجمعية "انه جارى اتخاذ الاجراءات لاقامة مقر دائم فى صنعاء، وشعر بقبول الدولة لهذا الاقتراح وتجاوبهم معه وذلك بعد مقابلة السيد/ على الانسي (مدير مكتب رئيس الجمهورية)، الذى اكد على الوعود السابقة." لاحظوا دناءة الكبسي وبلادته فبعد كل هذا الوقت يشعر زملائه بانه "شعر" بقبول الدولة لهذا الإقتراح، ولاحظوا من قابل الكبسي.. نعم رئيس جهاز الأمن القومي وكأن هذا "المخبر" الذي لا يساوي "نكلة" يريد ان يلحق الجمعية العربية للعلوم السياسية بجهاز الأمن القومي حتى يسهل عليه تقديم التقارير. أما المبلغ الذي أستلمه الكبسي فقد نص المحضر الثاني لإجتماع الجمعية على "استمرار تواجد المبلغ النقدى وقدره (4100) اربعة الاف ومائة دولار، و (120) ومائة وعشرون يورو، لدى د. احمد الكبسى." ترى لماذا لم يورد الكبسي المبلغ الى امين صندوق الجمعية حتى الان؟