الأربعاء، 26 مايو 2010

اليمن المطلوب تغييره (الفصل التاسع: فقر المواصلات)


 شهد الثلث الثاني من شهر ديسمبر 2008 حادثة تمثل سابقة من نوعها. فقد حوصر المئات من الحجاج اليمنيين في مطار الملك عبد العزيز بمدينة جدة في المملكة العربية السعودية لأكثر من أسبوع بسبب خلاف نشب بين الخطوط الجوية اليمنية ووزارة الأوقاف. وفي الوقت الذي حملت فيه وزارة  الأوقاف الخطوط الجوية اليمنية مسئولية ما يحدث لأنها لم تلتزم بجدول الرحلات المحدد فان الخطوط الجوية اليمنية بدورها أرجعت أسباب التأخير إلى الازدحام الشديد لمطار الملك عبد العزيز. وفي الوقت الذي أكدت فيه الخطوط الجوية اليمنية بأنها تكفلت بإيواء وإطعام الحجاج الذين تأخرت رحلاتهم، فان الحجاج نفوا في تصريحات إعلامية ذلك. وقال بعضهم أنهم اضطروا إلى التسول بعد نفاذ نقودهم.[1] ونقلت وكالة سبأ للأنباء في 15 ديسمبر عن الكابتن عبد الخلق القاضي، رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية،  بان الشركة "قامت هذا العام بنقل الحجاج من أقصى شرق آسيا وبعض الدول الأوروبية، ووصلت إلى نقاط جديدة في إفريقيا مثل بوركينا فاسو ومورينييو وزنجبار."[2]       
تعاني الطرق في اليمن العديد من أوجه القصور.. فرغم ان الطرق تصمم في العديد من دول العالم لتربط الناس بالموارد والأنشطة الاقتصادية، الإ ان الطرق في اليمن قد تصمم بشكل أساسي لتربط الناس بمراكز النفوذ. وفي مقابل طرق لا يسافر عليها الناس الإ نادرا، هناك الكثير من المسافرين الذين لا يجدون طرقا يسافرون عليها.  ولا يخضع توزيع الطرق بين المحافظات، أو بين المديريات داخل كل محافظة، لأولويات التنمية بقدر ما يخضع لاعتبارات السياسة والنفوذ الشخصي والعلاقة بصانع القرار.    
وتتميز كل الطرق تقريبا بسوء التنفيذ.  فقد ذهب إعصار حضرموت في عام 2008  بمليارات الريالات التي تم إنفاقها على  بناء وسفلتة طرق  لم تصمد طويلا في مواجهة السيول. أما في محافظة أب، فلم يحتاج الأمر إلى إعصار في عام 2007.  فقد تم اختيار المحافظة في ذلك العام لتكون مكانا للاحتفال بعيد الثورة وليتم إعطاء دفعة للتنمية فيها دفعة قوية.  وتم على عجل تبديد مليارات الريالات على سفلتة بعض الطرق ليتم افتتاحها أثناء الاحتفال بذكرى قيام الوحدة.  وقد جاء السيل فجرف تلك الطرق بين عشية وضحاها. بعضها كان قد تم افتتاحه والبعض الآخر كان ما زال في طور الإنجاز.  
ومن النادر جدا ان يسافر الشخص على طريق أو شارع ليس مليئا بالحفر أو لم تتآكل طبقة الأسمنت في الكثير من أجزائه.    وغالبا ما يتندر الناس بالقول ان موردي قطع غيار السيارات هم  الذين يقفون خلف فساد الطرق على اعتبار أنهم على مستوى الداخل المستفيد الوحيد من خرابها.
وما زال ابرز طريقين في اليمن هما طريق الحديدة صنعاء وطريق تعز صنعاء، وقد تم شقهما وسفلتتهما في عهد المملكة المتوكلية اليمنية قبل أكثر من نصف قرن. وما زال الطريقين كما هما منذ دخلا الخدمة. ويتكون كلا منهما من خط واحد يمر عبره السائقون في اتجاهين. وتؤدي محاولات التجاوز على الخطين وخصوصا على خط صنعاء تعز إلى حوادث مروعة.   وغالبا ما تؤدي الحوادث على خط صنعاء تعز إلى إغلاق الطريق الذي يعتبر الأكثر ازدحاما في البلاد لساعات . أما على طريق صنعاء الحديدة، فان انقلاب ناقلة للغاز قد يؤدي إلى تعطل الطريق ليومين أو ثلاث أيام.
جدول رقم (55): الطرق المسفلتة وتحت التنفيذ في اليمن (2008)
النوع
قيد التنفيذ (كم)
المنفذ (كم)
طرق الربط الدولية
298
2978
طرق رئيسية
1546
3084
طرق ثانوية
9431
5721
طرق ريفية
539
772
الإجمالي
11724
12555
المصدر: وزارة الأشغال العامة،  www.mpwh-ye.net
وتقول وزارة الأشغال العامة على موقعها الإلكتروني الذي تم زيارته في 17 سبتمبر 2008   (انظر الجدول رقم 55) ان الطرق التي تربط اليمن بدول الجوار يبلغ طولها 2978 كم وان الطرق التي تربط العاصمة اليمنية صنعاء بعواصم المحافظات أو عواصم المحافظات ببعضها البعض تبلغ أطوالها  3083.7 كم. ويبلغ إجمالي الطرق المسفلتة بكل أنواعها 12555 كم. وهناك بحسب الوزارة 11724 كم تحت التنفيذ. ولعل ما تسميه الوزارة طرق تحت التنفيذ هي في الواقع مشاريع متعثرة منذ سنوات عديدة.
وتؤدي محدودية شبكة الطرق، ورداءة تنفيذها، أو غيابها، إلى رفع تكلفة نقل البضائع والمنتجات والأشخاص والحد بالتالي من قدرة الكثير من الناس وخصوصا الفقراء وسكان الريف على ممارسة الكثير من الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلب الانتقال.  وتصبح الأنشطة التي يمكن لأولئك الناس ممارستها محصورة في نطاق جغرافي ضيق لا يتجاوز في مساحته المسافة التي يستطيع الناس قطعها مشيا على الأقدام.  
وتساهم رداءة الطرق تصميما وتنفيذا، وسواء أكانت مسفلتة أو ترابية، في جعل اليمن واحدة من الدول التي تتميز بمعدل مرتفع في حوادث السيارات. ومع ان الصحف في اليمن لا تهتم كثيرا بحوادث السيارات، الا ان بعض تلك الحوادث المروعة، وعلى نحو متزايد،  أصبحت تجد طريقها إلى النشر في الصحف أو في المواقع الإخبارية.
فعلى سبيل المثال، لقي 13 شخصا مصرعهم وأصيب 6 آخرين في 20 سبتمبر 2008 في حادث وقع فجرا على طريق صنعاء عدن، بالقرب من مديرية الرضمة محافظة اب، وهو طريق يتكون من شريط إسفلتي واحد ذو اتجاهين.  وقد وقع الحادث عندما حاولت سيارة "ديانا" التجاوز فخرجت إلى الاتجاه الآخر، واصطدت بالباص  الذي كان متجها من صنعاء إلى الضالع حاملا على متنه 14 راكبا.[3]   وبلغ عدد الأشخاص الذين قتلوا في حوادث مرورية خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر سبتمبر 2008  والتي وافقت أيضا الأسابيع الثلاثة الأولى من رمضان 159 شخصا وبمعدل 53 شخصا أسبوعيا بينما بلغ عدد المصابين 1156 شخصا. [4]  وبلغ عدد الحوادث المرورية   945 حادثا منها 466 حادث تصادم سيارات و347 حادث دهس لمشاة. ويقدر معدل قتلى الحوادث المرورية ب35-40 شخصا أسبوعيا. [5]  
ومع ان الكثير من الحوادث المرورية لا تصل إلى الجهات المختصة، الإ ان  عدد القتلى وفقا للتقديرات السابقة هو عدد كبير قياسا بعدد السكان وعدد السيارات.  وفي عام 2008 وحده قتل حوالي 3 آلاف وأصيب أكثر من 20 ألف شخص في أكثر من 16 ألف حادث مروري.[6]    
ويكفي ان يتذكر الإنسان بعض الذين قضوا في حوادث سير، أو تعرضوا لإصابات، أو حتى  لحوادث نتج عنها أضرار مادية كبيرة، خلال الأعوام السابقة، ليدرك حجم الظاهرة.  وهناك الكثير من الأشخاص المعروفين عند الناس، والذين قضوا في حوادث، ومنهم الشيخ مجاهد أبو شوارب في 17 نوفمبر 2004، الصحفي حميد شحره رئيس تحرير صحيفة الناس في 26 أكتوبر 2006، الأستاذ يحيى المتوكل الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام في 13 يناير 2003، الصحفي إياد عصام سعيد سالم رئيس تحرير مجلة صم بم ومعه الصحفي محمد أبو بكر سليمان والصحفية نعيمة عبد العزيز محمد في 10 يناير 2007 ، السياسي صالح الجنيد المحافظ الأسبق للضالع في 16 مايو 2007 ،  أ. د عبد العزيز السقاف مؤسس ورئيس تحرير صحيفة اليمن تايمز في عام 1999، وغيرهم الكثير.
تعتبر مطارات صنعاء، عدن، الحديدة، والمكلا أهم المطارات في اليمن. وهناك عدد آخر من المطارات الأقل أهمية مثل مطار تعز. وقد صادقت اليمن في أوائل عام 2008 على اتفاقية الأجواء المفتوحة لنقل المسافرين والبضائع مع الدول العربية الأخرى والتي أخضعت اليمن بموجبها مطارات عدن والحديدة والمكلا لنصوص الاتفاقية، وعلى ان يتم ضم مطار صنعاء في عام 2009. [7]  لكن مع نهاية العام لم يكن قد حدث أي تغير يذكر في نقل الركاب، أو في الرحلات الجوية الدولية إلى اليمن. ومن ضمن الأسباب التي يوردها البنك الدولي لعدم الزيادة  في عدد المسافرين، أو الرحلات الجوية إلى اليمن، ارتفاع أسعار وقود الطائرات والخدمات المقدمة للطائرات في المطارات اليمنية، ضعف البنية الأساسية للمطارات، والوضع السياسي الذي أثر على تدفق السياح إلى اليمن. [8] 
وبالنسبة للموانئ البحرية فان أهمها هي موانئ عدن،  الحديدة، المكلا،  والمخاء.  وبالرغم من ان عدن يعتبر الميناء الرئيسي للبلاد ويمكن له ان يحقق الكثير من الازدهار، الإ ان الجهود الحكومية لتحديث الميناء قد ظلت محدودة. وتعرض الميناء إلى انتكاسة كبيرة اثر الهجوم على المدمرة الفرنسية ليمبرج في عام 2002،  بما في ذلك انسحاب الشركة السنغافورية التي كانت تشغل الميناء.   
      




[1]  انظر على سبيل المثال: "حجاج بيت الله الحرام يفترشون ارض مطار جدة"، الأيام ، العدد (5580)، 16 ديسمبر 2008، 1، 4 ؛ "مئات الحجاج اليمنيين عالقين في مطار جدة ومطالبات بالتحقيق مع المتسببين"، الصحوة، العدد (1154)،  18 ديسمبر 2008، 1-3 وكذلك الإعلان الخاص باليمنية في الصفحة الأخيرة؛ "(اليمنية) توضح أسباب تزاحم الحجاج بمطار جدة وتعتذر لهم ولذويهم"، الأيام ، العدد (5582)، 18/19 ديسمبر 2008، 1، 4
[2] "الكابتن القاضي: اليمنية نقلت هذا العام حجاجا من آسيا وأفريقيا  وأوروبا"، سبأ نت، 15 ديسمبر 2008. 
[3]  "وفاة 13 وإصابة 6 آخرين في حادث مروري مروع بمديرية الرضمة هو الأسوأ من نوعه خلال شهر رمضان"، موقع التغيير  al-tagheer.com، 21 سبتمبر 2008
[4] "أكثر من 150 قتيلا و1150 مصابا حصيلة الحوادث المرورية"، الوسط، العدد (210)، 24 سبتمبر 2008، 1، 2
[5] المرجع السابق.
[6] "وفاة 2833 شخصا بحوادث مرورية خلال عام 2008"، السياسية، العدد (20528)، 31 ديسمبر 2008، الأخيرة.
[7]   World Bank, Yemen Economic Update, Summer 2008, 14
[8]   Ibid., 13

الاثنين، 24 مايو 2010

الشراكة المطلوبة!

عن صحيفة الرشد
العدد 78 الصادر في 24 مايو 2010
يتصف المجتمع اليمني بالتعدد على خطوط قبلية، مذهبية، مناطقية، وفئوية. ويؤدي التعدد الاجتماعي في ظل ظروف الندرة في الموارد بالضرورة إلى درجة اكبر من الصراع إذا لم يعمل المجتمع على تطوير النظام السياسي الذي يمكن الناس من إدارة اختلافاتهم والسيطرة عليها ومنعها من التحول إلى صراعات عنيفة ومزمنة. ويمكن الحديث عن عدد من الفئات الاجتماعية المتصارعة على السلطة في المجتمع اليمني كالسادة الذين هيمنوا تاريخيا على السلطة، وكقبائل حاشد وبكيل، وكالسنة الذين يشكلون الأغلبية السكانية لكنهم ما زالوا يعيشون على هامش الحياة السياسية، وكالجنوبيين الذين يطالبون بعملية مراجعة واسعة للوحدة التي وجدوا أنفسهم بسببها على هامش الحياة السياسية والإقتصادية. ورغم ان الأقلية الزيدية الحاكمة في اليمن قد نجحت لعقود في فرض قسمة ضيزى للسلطة والثروة على الأغلبية السنية قبل الوحدة اليمنية وبعدها الإ ان التذمر في أوساط السنة يتزايد يوما بعد آخر وينبأ بانفجار قد يأتي أسرع مما يتوقع البعض.
وصحيح أن الجماعات المتمايزة المتصارعة على السلطة غالبا ما تتحالف فيما بينها إما لتتمكن من السيطرة على السلطة أو لتتمكن من مواجهتها الإ ان الصحيح أيضا أن تلك التحالفات التي تقوم فيما بينها تتصف بالوقتية والمرحلية وليست ذات طابع استراتيجي..فتحالف القبائل مع السادة أو ضدهم خلال ستينيات القرن العشرين سرعان ما انفرط عقده بعد الاتفاق على تقاسم السلطة في أواخر ذلك العقد. وإذا كانت اليمن تشهد اليوم تحالفا عابرا للجماعات في مواجهة تغول السلطة الفاسدة، فانه لا يوجد ما يشير إلى ان مثل هذا التحالف بحد ذاته يمكن ان يصبح استراتيجيا.
وهناك العديد من الطرق لتحقيق الشراكة المستدامة في مجتمع تعددي مثل المجتمع اليمني. وتأتي في مقدمة تلك الترتيبات "اللامركزية" السياسية بما تنطوي عليه من توزيع للسلطة والثروة على المستوى المحلي حيث تمتاز النظم اللامركزية بقدرتها، وفقا للكثير من علماء السياسة، على التخفيف من الصراع عن طريق توزيع أو تفتيت السلطة التي يتم الصراع حولها وتحويل معظمها إلى الأقاليم والمديريات..وتعمل النظم اللامركزية على تحويل الصراع من كونه صراعا عنيفا بين الجماعات المختلفة داخل الدولة إلى كونه صراعا داخل كل جماعة على حده، والنوع الثاني من الصراع يختلف عن النوع الأول بشكل كبير اذ يسهل مأسسته وتحويله إلى قوة ايجابية لتحقيق التنمية.
وهناك أيضا التوافق السياسي الذي يقوم على اتفاق قادة الجماعات المختلفة على التشارك في السلطة دون اللجوء إلى المحاصصة لما تنطوي عليه من تعميق للاختلافات وتجذير للصراع العنيف كما يستفاد من تجربة لبنان. ويتطلب قيام التوافق السياسي وجود قيادة سياسية ذات أفق ومشروع طني وترتكز في شرعيتها السياسية على الرضا السياسي والدعم الذي تقدمه الجماعات المختلفة. ويفشل هذا النموذج في تحقيق أهدافه عندما تتركز السلطة والثروة في إحدى الجماعات المختلفة التي تتصارع على السلطة أو عندما يعمل الحاكم على تهميش كافة الجماعات ويبدأ في الحكم لصالح نفسه وأسرته وعشيرته.
ويمثل النظام البرلماني الكامل إحدى الآليات التي يمكنها استيعاب التعدد الاجتماعي في صنع القرار السياسي وخصوصا في دولة مثل اليمن حيث تتسم الانقسامات الاجتماعية بقابلية كبيرة للدمج الاجتماعي القائم على تكافوء الفرص والعدالة.
أما الآلية الانتخابية وحكم الأغلبية فان الدلائل تشير كلها إلى أنها اقصر الطرق للعنف والتفتت وخصوصا في ظل الاختلال التاريخي في توزيع السلطة والثروة وفي ظل وضع يتمسك فيه طرف بنصيبه ونصيب الآخرين من الثروة والسلطة. وتدل الأحداث التالية لانتخابات عام 1993 وعام 2006 على ان تبني الآلية الانتخابية في اليمن وحدها لحل مشكلة الصراع على السلطة ليس الطريق الأمثل لبناء المستقبل. ومهما بلغت نزاهة العملية الانتخابية فإنها ستقود بالضرورة وفي ظل الترتيبات القائمة إلى استبعاد بعض الفئات الرئيسية من السلطة وهو ما سيقود بشكل متكرر إلى الصراع.

الأحد، 23 مايو 2010

طبخة الرئيس التي لم تنضج بعد!





تحليل كتبه لموقع التغيير
د. عبد الله الفقيه
أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء

تضمن خطاب الرئيس علي عبد الله صالح  في الذكرى العشرين لقيام الوحدة اليمنية لغة تصالحية  حلت محل  اللغة الهجومية التي عادة ما تحفل بها الخطابات الرئاسية. واحتوى الخطاب كذلك  على بعض الإيجابيات التي يمكن ان تشكل مدخلا  لحلحلة الأزمات. ولكنه وفي المقابل احتوى على  بعض المضامين التي يمكن ان تعيق حدوث اي تقدم على جبهة الحوار والتعاطي مع الأزمات. والواضح اننا امام  انتقالة كبيرة في صياغة الخطاب الرئاسي.  أما المضامين فتبدو  اكثر تعقيدا. ويمكن القول أن  أهم ما ورد في خطاب الرئيس هو التالي:
1.  "إننا في هذه المناسبة ندعو كل أطياف العمل السياسي وكل أبناء الوطن في الداخل والخارج إلى إجراء حوار وطني مسئول تحت قبة المؤسسات الدستورية دون شروط أو عراقيل مرتكزاً على اتفاق فبراير الموقع بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك الممثلة في مجلس النواب ..."
2.  "وانطلاقاً من ذلك فإننا نرحب بالشراكة الوطنية مع كل القوى السياسية في ظل الدستور والقانون وما يتفق عليه الجميع، وفي ضوء نتائج الحوار فإنه يمكن تشكيل حكومة من كافة القوى السياسية الفاعلة الممثلة في مجلس النواب وفي المقدمة الشريك الأساسي في صنع الوحدة وشركاؤنا في الدفاع عنها، وكذلك التحضير لإجراء انتخابات نيابية في موعدها المحدد في ظل الشرعية الدستورية والتعددية السياسية، وذلك حرصاً منا على طي صفحة الماضي وإزالة آثار ما أفرزته أزمة عام 1993م وحرب صيف عام 1994م."
3.  "وبهذه المناسبة الوطنية الخالدة فإننا نوجه بإطلاق سراح جميع المحتجزين على ذمة الفتنة التي أشعلتها عناصر التمرد في صعدة، وكذا المحتجزين الخارجين عن القانون في بعض مديريات لحج وأبين والضالع، آملين أن يستفيدوا من هذا العفو وأن يكونوا مواطنين صالحين."
اوجه  التحول
تضمن الخطاب الرئاسي عددا من الإيجابيات وذلك على النحو التالي:
أ.  دعا الرئيس في خطابه كما في الإقتباس رقم (1) " أطياف العمل السياسي وكل أبناء الوطن في الداخل والخارج إلى إجراء حوار وطني مسئول" وهو ما يفهم منه ان  السلطة ولأول مرة تقبل بحوار مع الحوثيين  ومع الحراك، ومع القيادات التاريخية للجنوب.  
ب. رحب الرئيس كما في الإقتباس رقم (2) ب"الشراكة الوطنية مع كل القوى السياسية في ظل الدستور والقانون وما يتفق عليه الجميع" ولوح الى أنه  " يمكن تشكيل حكومة من كافة القوى السياسية الفاعلة الممثلة في مجلس النواب وفي المقدمة الشريك الأساسي في صنع الوحدة وشركاؤنا في الدفاع عنها." ويقبل الرئيس هنا ولأول مرة بقيام حكومة وحدة وطنية غير مرتبطة بالإنتخابات.  ويأتي الإقتباس رقم (2) من خطاب الرئيس وكانه رد على ما جاء في  "مشروع رؤية للانقاذ الوطني" وتحديدا على  النص القائل بانه جرى  بعد حرب عام 1994  "تحويل الدولة من مشروع سياسي وطني إلى مشروع عائلي ضيق يقوم على إهدار نضالات وتضحيات أبناء اليمن، والقفز على مكتسبات وأهداف الثورة اليمنية، للاستحواذ الكامل على السلطة، والاستئثار بالثروة".  
ج. اعلن الرئيس في خطابه كما في الإقتباس رقم (3) التوجيه باطلاق المعتقلين على ذمة الحرب في صعدة  والحراك الجنوبي  وهؤلاء المعتقلون مثلوا باستمرار عائقا امام قيام اي حوار.
ويبدو خطاب الرئيس اذا ما قرأ نصيا وكأنه يأخذ بالشمال ما يعطيه باليمين. أما اذا قرأ سياسيا  فإن  الواضح أن مبادرة الرئيس تنطوي  على تقاسم ثلاثي للسلطة بين  المؤتمر والإشتراكي والإصلاح  على قاعدة الشراكة  في تحقيق الوحدة والدفاع عنها  وعلى ضوء نتائج انتخابات  ابريل 1993 وبما يكفل ازالة آثار ازمة عام 1993 وآثار حرب  عام 1994.  والواضح ان ما يعرضه الرئيس على احزاب اللقاء المشترك هو ما اتهمها دائما بالمطالبة به، اي تقاسم السلطة بموجب صفقة.  ورغم ان الرئيس يشير الى الإنتخابات الإ أن ما يفهم من اشارته هو انه يدعو الى انتخابات شكلية للوفاء بالتزام دستوري في حين ان السلطة يتم التوافق عليها.   
أوجه الجمود
مع ان الرئيس  بدأ خطابه بالحديث عن حوار بدون شروط الإ انه في الحقيقة  وضع عدة شروط للحوار حدد من خلالها اطراف الحوار وموضوعه ونتائجه.  من جهة، اشترط الخطاب ان يتم الحوار تحت سقف المؤسسات الدستورية  وقصد الرئيس من ذلك امام مجلس الشورى أو مجلس النواب او الإثنان معا. فاذا كان المقصود مجلس الشورى وهو الأرجح  فإن ذلك يعني أن الرئيس لا يريد حوارا ملزما في نتائجه بل يريد حوارا  ينتهي بتقديم مشورة للرئيس فان اعجبته أخذ بها وان لم تعجبه  تركها جانبا.  واذا كان المقصود مجلس النواب فإن ذلك سيعني  استبعاد الحراك والحوثيين  ومعارضة الخارج  والقوى الأخرى غير الممثلة في المجلس.  أما اذا قصد الرئيس المجلسين معا فانه بذلك يضع للسلطة خط رجعه. فما تم الإتفاق عليه عبر الحوار الوطني يمكن الإلتفاف عليه داخل مجلس النواب على اعتبار ان اي اتفاقات لا بد ان تتحول الى نصوص قانونية تمر عبر مجلس النواب.   
من جهة ثانية،  اشار الخطاب الى أن الحوار سيرتكز على  ما يسمى باتفاق فبراير 2009  وهو اتفاق ينص على الاتي: "أولاً: إتاحة الفرصة للأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني لإجراء التعديلات الدستورية اللازمة لتطوير النظام السياسي والنظام الانتخابي بما في ذلك القائمة النسبية. ثانياً: تمكين الأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب من استكمال مناقشة المواضيع التي لم يتفق عليها أثناء إعداد التعديلات على قانون الانتخابات وتضمين ما يتفق عليه في صلب القانون. ثالثاً: إعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وفقاً لما ينص عليه القانون." ومع ان البند اولا من الإتفاق قد يعني استبعاد قوى الخارج والحراك  والحوثيين الا انه يمكن الإلتفاف على ذلك بسهولة. ولا يضير ان الخطاب قد اشار الى قوى الخارج بالمواطنين.   
من جهة ثالثة،  أكد الخطاب على ان الحوار لا بد أن يقود الى عقد الإنتخابات المقبلة في موعدها. ورغم أهمية عقد الإنتخابات في موعدها المحدد الإ ان ذلك يعني ايضا أن الحوار لن يناقش مطلب المعارضة الرئيس المتعلق بتغيير النظام الإنتخابي لإن  تغيير النظام الإنتخابي سيحتاج الى الكثير من الوقت. وصحيح ان الإنتخابات كما يفهم من الخطاب الرئاسي  لن تكون المحدد لتوزيع السلطة الإ ان هناك الكثير من الجوانب التي ما زالت غامضة والتي تضمن ان ما يدعو اليه الرئيس ليس انقلابا على الدستور وتقاسم للسلطة بين مراكز القوى في السلطة والمعارضة.   
الجوانب الغامضة
تمثل توجيهات الرئيس  بالإفراج عن المعتقلين على ذمة حرب صعدة وحراك الجنوب والحريات الصحفية  تطورا ايجابيا اذا ما تم  تنفيذه وبسرعة لإنه يمكن ان يهيىء الأجواء لأن تعمل السلطة والمعارضة على انضاج طبخة الرئيس التي من الواضح انها  بحاجة الى المزيد من الوقت والكثير من الجهود حتى تصبح قابلة  للهضم. 



الخميس، 13 مايو 2010

ما اشبه الليلة بالبارحة

في  19  مايو 2007  اي قبل ثلاث سنوات بالضبط وقعت نقابة اعضاء هيئة التدريس بالجامعات اليمنية اتفاقا مع  الحكومة كما هو واضح في الصور المرفقة . وقد تناول الإتفاق بالترتيب:

1. استقلال الجامعات
2. الإصلاحات الشاملة للجامعات

3. دعم وتطوير البحث العلمي
4. الإلتزام بنصوص قانون الجامعات
5. اراضي أعضاء هيئة التدريس
6. نظام التأمين الصحي الشامل
7. هدية فخامة الرئيس من الكمبيوترات ...الخ.


وفي كل موضوع تم اتخاذ قرارات حنانة طنانة ..

وبعد ثلاث سنوات... وبعد اضراب استمر خمسة اسابيع توقع  النقابة هذه المرة محضرا هزيلا اضعف من سابقه ليس مع رئيس الوزراء بل مع اثنين  من موظفيه هما صالح باصرة الذي شبع الناس من كلامه الذي يصرفه للصحف والصحافيين وخالد طميم  رئيس جامعة صنعاء الذي قالت النقابة في اكثر من مناسبة انه لا يلتزم بتنفيذ اي شيىء..لماذا دعت النقابة الى اضراب  ولماذا انتهى الإضراب الى ما انتهى اليه؟ هل هناك قضايا لا يراها الناس؟ ثم
اليس من حق الأساتذة ان يتساءلوا عن ما حدث بالضبط خلال الأسابيع الماضية وان يحاسبوا النقابة عن ما تحقق للطلاب والأساتذة والبلاد على صعيد استقلال الجامعة ومحاربة الفساد والعنصرية؟ ما الذي اضافه الإضراب الى انجازات اعضاء هيئة التدريس؟ هل ستعطى كل كلية عشرة الاف دولار مثلا لشراء بضعة اجهزة برجكتور وكمبيوترات يمكن استخدامها في قاعات المحاضرات مثلا؟ هل سيتوقف نائب رئيس جامعة صنعاء عن فحص دم اعضاء هيئة التدريس عند التعيين والترقية؟ سننتظر ونرى لكننا لن ننتظر طويلا.









في حين ما زالت العنصرية والجهوية والفساد ينخران الجامعة

نقابة اعضاء هيئة التدريس بجامعة صنعاء تقرر تعليق الإضراب


اعلنت  نقابة اعضاء هيئة التدريس في جامعة صنعاء  الأربعاء الماضي 12 مايو تعليق الإضراب في جامعة صنعاء مع نهاية اسبوعه الخامس بعد ان وقعت اتفاقا يحيط به الغموض مع رئيس جامعة صنعاء ووزير التعليم العالي..وفي حين سيعود الطلاب والأساتذة الى قاعات الدراسة ابتداء من السبت القادم، فان الكثيرين يتساءلون  عن ما حققه الإضراب وخصوصا في مسائل مثل التمييز العنصري  والمناطقي والفساد الكبير في التعيين والترقية  والمشاركات الخارجية  والتي ما زالت تنخر جسد الجامعة ..

مجهولون يعتدون طعنا على الاستاذين الجامعيين محمد الظاهري وجميل عون في صنعاء



تعرض الأمين العام لنقابة أعضاء هيئة التدريس بجامعتي صنعاء وعمران الدكتور محمد الظاهري ، وعضو الهيئة الإدارية بالنقابة الدكتور جميل عون للطعن من قبل مجهولين قبل قليل في مطعم الخطيب بأمانة العاصمة.
وقالت مصادر مطلعة لــ " التغيير" إن مجهولين اختلقوا شجارا في المطعم وحاولوا الاعتداء على الدكتور الظاهري  ،وعون ، وقد أصيبا أثر تعرضهم للطعن بالسلاح الأبيض.
وجاء هذا الحادث بعد يوم من توقيع النقابة على محضر اتفاق مع الحكومة اليمنية لتنفيذ جزء من مطالبها في تحسين التعليم الجامعي .

الاثنين، 10 مايو 2010

صراع الكبار حول زواج القاصرات

شهدت الجمهورية اليمنية مطلع العام الماضي ومنذ بداية العام الحالي وحتى الآن جدلا واسعا حول مشروع تعديل لقانون الأسرة يحظر زواج القاصرات. وقد تجاوز الجدل في ميادينه ومضامينه وأدواته قاعة مجلس النواب وصفحات الجرائد والمواقع الإخبارية والداخل اليمني ليصل إلى الحشود النسوية التي تهتف مع أو ضد تحديد سن الزواج وإلى الإعلام الإقليمي والدولي.
وفي حين صعد كتاب بعنوان "أنا نجود، عمري 10 سنوات ومطلقة"- يحكي قصة طفلة يمنية اسمها نجود علي تزوجت في الثامنة وطلقت قبل بلوغها العاشرة- إلى قائمة الـ100 من كتب السِير الأكثر مبيعا في العالم على موقع أمازون الشهير، اختارت مجلة تايم الأميركية الشهيرة طفلة يمنية أخرى اسمها ريم النميري -كان أبوها قد زوجها وهي في الـ12 من عمرها لرجل في الثلاثينيات وتمكنت من الحصول على الطلاق وهي في الـ13- ضمن قائمة الـ100 شخصية الأكثر تأثيرا في العالم عام 2010 .
ويحاول هذا المقال من خلال تحليل وجهات نظر الأطراف المختلفة وضع الجدل في سياقه الكلي المتصل بالصراعات السياسية الداخلية وبالعلاقة بين الداخل والخارج.

الخميس، 6 مايو 2010

النقابة تؤكد تواصل الإضراب للاسبوع الخامس على التوالي

و العزعزي يقول ان الإضراب سيستمر حتى تتحقق كافة المطالب 

حيا الدكتور عبدالحكيم نور الدين المسئول الإعلامي لنقابة أعضاء هيئة التدريس و مساعديهم بجامعتي صنعاء وعمران ما قال أنه الموقف المشرف الذي وقفه أعضاء النقابة المنتسبين لجزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم ضد ما وصفه بالإملاءات الحزبية التي كان يراد منها كسر الإضراب بالجامعة، وتمسكهم بمرجعية النقابة و هيئتها الإدارية،قائلاً   بأن هذا الإضراب متميز عن غيره من الإضرابات السابقة، مبدياً أمله بإنتهاء القضية و العودة إلى قاعات الدراسة، و معتبراً أن خروج المطالب من صيغتها المادية إلى ارتباطها المباشر بالجامعة ومستقبلها أعطى بعدً آخر لهذه المطالب التي أصبحت قضية المجتمع ككل، وهذا ما عكسته تعاطف كل زملاءنا من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الأخرى حد قوله.
و كان الدكتور نور الدين يتحدث في اللقاء الموسع التي عقده النقابة الأربعاء لتقييم الأسبوع الرابع من الإضراب التي تنفذه نقابة أعضاء هيئة التدريس بجامعتي صنعاء وعمران، هذا وقد تحدث رئيس النقابة الدكتور عبدالله العزعزي عن ما أسماه المحاولات المشبوهة لكسر الإضراب معتبراً الرهانات أو المحاولات التي كان يرى البعض من خلا لها أنه يستطيع كسر الإضراب قد تساقطت جميعا مثل أوراق الخريف، وقال أنهم راهنوا على الورقة الطلابية  فكان الطلاب أكثر وعي منهم، راهنوا على أوراق أخرى فكان الوعي النقابي حاضراً أكثر من الوعي الحزبي.
وقال بأن نقابة أعضاء هيئة التدريس أصبحت مدرسة لتعليم العمل النقابي و الاحتجاج السلمي وللنضال من أجل انتزاع الحقوق، فها هي جامعة صنعاء تقدم دروساً في العمل الاحتجاجي السلمي، و المدني يوماً بعد يوم، وستظل عصية ورقم صعب لا يستطيع أحد أن يتجاوزها، حزبنا هو حزب أعضاء هيئة التدريس، ولائنا لمؤسستنا الجامعة، هناك قيادات حزبية، صحيح لكن تعمل عملها خارج الجامعة، و ليس في الوسط الأكاديمي، لأننا أصحاب حقوق مشروعة و مطالبنا أيضاً مطالب الجميع، كما أمل أن يكون هناك حرص من الطرف الآخر حد تعبيره، و قال بأن نقابته لن تتراجع، ولن توقع على محاضر جديدة لأن لديها الكثير والكثير من المحاضر الموقعة، قائلاً  سوف نضرب لشهر قادم ولشهرين و ثلاثة حتى يستجاب لمطالبنا.
وكانت النقابة قد تلقت بيان تأييد ومساندة من نقابة اعضاء هيئة التدريس بجامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجيا، ثمنوا من خلاله إجراءات النقابة معتبرين ان المطالب واحدة، و مشروعة مطالبين في الوقت ذاته رؤساء الجامعات كافة و الجهات المعنية الأخرى بالإسراع في تقديم الحلول الناجعة التي تنفرج بها الأمور في جامعة صنعاء وفي كل جامعة من جامعات الجمهورية انفراجا تاما حرصا على استقرار هذه المؤسسات الأكاديمية و تعزيزا لمكانتها المرموقة في المجتمع كما ورد في البيان.

الثلاثاء، 4 مايو 2010

نشرت صحيفة الديار في عددها الأخير مقابلتين حول أوضاع جامعة صنعاء الأولى مع احمد الكبسي نائب رئيس جامعة صنعاء  والذي يعد أسوأ وأفسد نائب اكاديمي خلال اربعين عاما من عمر الجامعة  والثانية مع د. عبد الله العزعزي نقيب أعضاء هيئة التدريس ..
لقد كانت المقابلة مع الكبسي ضربة معلم حيث عرت هذا الدخيل على المجتمع الأكاديمي والذي قاد الجامعة الى الإنهيار العلمي والأخلاقي  وحول الطلاب الى زبائن يبيع عليهم كتبه واحل المعايير السلالية والعنصرية  في التعيين والترقية محل المعايير الأكاديمية ..
المقابلة مع الكبسي الذي لا يجيد سوى كتابة التقارير الأمنية وفرز الطلاب والموظفين والأساتذة على أسس سلالية  تعكس طريقة تفكيره..ففي مستوى فهمه فانه لا يمكن لإستاذ جامعة الإ أن يكون مسيرا من الخارج ويدار بالريموت كنترول وهذا بالطبع هو اعتراف ذاتي من الكبسي الذي يقرر على طلاب الجامعة تعديلات دستورية لم يتم الإتفاق عليها ولم يناقشها مجلس النواب والذي يستغل منصبه بغرض الكسب غير المشروع والمتورط كما بينت منظمة اكاديميين ضد الفساد في سرقات علمية يندى لها الجبين.. 
المقابلة تشكل صدمة لأي اكاديمي يحترم نفسه ويسعى لوضع اليمن على خارطة العالم  وابراز افضل ما فيها ..ولكن هذا هو ما تضرب نقابة اعضاء هيئة التدريس من اجله..اصلاح التعليم ...

أقرأ على هذا الرابط مقابلة الكبسي  المصاب بشلل الأطفال في عقله وأخلاقه 
وأقرأ هنا المقابلة مع د. عبد الله العزعزي نقيب أعضاء هيئة التدريس

اجتماع نقابة أعضاء هيئة التدريس غدا الأربعاء

تعقد نقابة اعضاء هيئة التدريس بجامعتي صنعاء وعمران اجتماعا موسعا غداً الأربعاء الموافق 05/05/2010م في مدرج الشهيد ياسر عرفات بكلية التجارة والإقتصاد العاشرة صباحا في إطار فعاليات الإضراب الشامل والمفتوح، و لتحديد موقفها من المستجدات الخاصة بالجامعة

الأحد، 2 مايو 2010

أبعاد السياسة ألأمريكية وتحدياتها


حالة دول مجلس التعاون**
الدكتور علي خليفة الكوارى
dr_alkuwari@hotmail.com
تسعى السياسة الأمريكية إلى إلحاق دول المنطقة بمجهودها الحربي وتوجهاتها الإستراتيجية واعتبارات مصالحها. وهي من أجل ذلك تعمل على إلحاق قرارات حكومات المنطقة وجعلها تابعة ومستجيبة لإستراتيجيتها.

الجذور التاريخية للعلاقة مع دول الحماية

 تنطلق سياسة الولايات المتحدة, من الوضع التاريخي لعصر الحماية والتحالف البريطاني مع الأسر الحاكمة في المنطقة وفي الوطن العربي عامة, وما تبعه بعد الاستقلال من ترتيبات أمنية وعسكرية ومعاهدات وعلاقات معها.
وجديرُُ بالذكر أن علاقة الدول الغربية الكبرى مع دول المنطقة, تقوم على أساس تفاهم مع الأسر الحاكمة ومقايضة ضمان استمرار حكم الأسر وحماية السلطة المطلقة للحاكم مقابل اخذ الحكام "بنصيحة" القوى العظمى في الغرب والانسجام مع رؤيتها الإستراتيجية, في ظل الوجود العسكري والنفوذ الاقتصادي وإعطاء الأفضلية للمصالح الاقتصادية والتجارية للدول الأجنبية الحامية. 



 وقد نتج عن هذا التفاهم والتحالف والحماية, استمرار حكم نفس الأسر منذ بداية معاهدات الحماية مع بريطانيا في القرنين الماضيين, وما تلاه من تكريس للدور ألأمريكي الذي أخذ مكان بريطانيا وزاد عليه. ولذلك لم يتغير حاكماً في المنطقة بأي أسلوب كان, إلا بعد أن توافق الدول الحامية على تغييره وفقاً للأسلوب المناسب الذي تراه. وعلى من أراد الوصول للحكم من أفراد الأسر الحاكمة بالوارثة أو من خارجها, أن يتفاهم مع  القوة الحامية مباشرة أو من خلال حلفاءها الاستراتيجيين ويقوي علاقته بهم.  ويلاحظ هنا, أن دول الحماية اتخذت دائماً الموقف الداعم لحكومات المنطقة في مواجهاتها لحركات الإصلاح ومساعي التغيير السياسي وغطت سياسات حكومات المنطقة إعلاميا ودبلوماسياً إلى جانب القوة العسكرية, إن لزم الأمر.

وينتظر في المستقبل أيضا أن تؤدي علاقات التبعية للولايات المتحدة وحلفاءها, إلي استمرار  المواقف السلبية بل المعيقة لهما, من كل إصلاح لأوجه الخلل المزمنة في المنطقة, حيث نرى مزيدا من اعتماد الغرب على نظم الحكم القائمة وتعزيز السلطة المطلقة للحكام, لسهولة التفاهم معهم على حساب طموحات الديمقراطية والتنمية والأمن الحقيقي في المنطقة.
وهذا ما عبر عنه الزميل محمد غباش عندما حلل أسباب الخلل المزمن في العلاقة بين السلطة والمجتمع في دول مجلس التعاون ووصف الوضع بأنه "سلطة أكثر من مطلقة ومجتمع أقل من عاجز", فقد كانت الحماية الأجنبية للحكام هي احد المصادر الثلاثة لاستمرار خلل العلاقة بين الحاكم والمحكوم في المنطقة, إلى جانب الخلل السكاني والتحكم في سياسة إعادة توزيع ريع النفط.

تداعيات العلاقة مع الولايات المتحدة

 سمحت علاقة التبعية هذه للولايات المتحدة وحلفائها في الوقت الراهن, بتحقيق دعوة "احتلال منابع النفط" دون غزو, وإنما بالتفاهم والضغط في ضوء الحاجة إلى المظلة الأمنية إلى جانب الحماية التقليدية. وقد كان غزو العراق للكويت وانهيار الاتحاد السوفييتي واحتلال العراق, وما نتج عنها من انكشاف للنظام العربي وتأكل الإرادة الوطنية في المنطقة, كلها عوامل أدت إلى تحقيق إستراتيجية الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة وأمنت مصالحها المشروعة وغير المشروعة فيها.


ولعل الهيمنة على قرار النفط وتوظيفه كورقة تفاوضية ضد الشركاء التجاريين للولايات المتحدة, هي من بين المصالح التي تم ضمانها في الوضع الراهن. فلم يعد تأمين إمدادات النفط هو المهم فقط, وإنما أصبح استخدام النفط كورقة ضغط وتفاوض مع الشركاء التجاريين حتى الأوربيين منهم إضافة إلى الصين والهند وأمثالهما, من بين المكاسب. هذا إلى جانب العودة المباشرة لعهد الامتيازات والدور المباشر لشركات النفط الكبرى في تطوير وإنتاج وتكرير الزيت, وتسيل وتصنيع الغاز الطبيعي في المنطقة.
و نلاحظ أيضا أن الأخوات السبع(شركات النفط الكبرى) قد عادت إلى دول المنطقة, وأصبحت تضمن هيمنتها تدريجيا على صناعة الزيت والغاز والبتر وكيماويات. وفي هذا ضمانا لسهولة استخدام ورقة النفط من قبل الولايات المتحدة والى جانب ورقة النفط ضمنت الولايات المتحدة لنفسها النصيب الوافر من استثمارات الفوائض النفطية وتسخيرها لسد عجز الميزانية العامة للولايات المتحدة, حيث يذهب إلى الولايات المتحدة ما يزيد على نصف تلك الفوائض التي تناهز 2 تريليون دولار, يوجه ثلثها لإقراض الميزانية الأمريكية. كما يذهب ربع أخر من الفوائض النفطية للاستثمار في السوق ألأوربية. هذا إلى جانب ارتباط معاملات وعملات دول المنطقة بالدولار.
والى جانب المصالح الإستراتيجية والنفطية تحصل الولايات المتحدة وحلفائها على معظم مشتريات السلاح الضخمة وعقود شركات الأمن والأجهزة والنظم الأمنية. يضاف إلى ذلك تحمل دول المنطقة جزء من التكاليف المالية للوجود العسكري الأجنبي فيها, فضلا عن المخاطر المترتبة على وجوده.

مخاطر الاعتماد على الولايات المتحدة

 ويأتي خطر سياسة الولايات المتحدة وحلفائها من طبيعتها العدوانية  على المستوى العسكري, إضافة إلى  توجهها ألإقصائي على المستوى الثقافي,   حيث تقوم توجهات الغرب عامة وفي عصر العولمة خاصة على تثبيت قيم ومصالح وعقائد الحضارة الغربية, ونفي قيم وعقائد ومصالح الحضارات الأخرى. الأمر الذي يؤدي إلى صدام الحضارات, الذي قال بيه هنتجتون نتيجة لقراءة دقيقة قام بها, لتوجهات النخب الغربية التي وصلت للحكم في بداية عصر القطبية الواحدة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي, والتي لم يكن هناك بدا من صراعها مع الحضارات ألآخري وصدامها القادم مع الحضارة الإسلامية والحضارة الصينية بشكل خاص, لما يتوقع أن  يبدياه من رفض ومقاومة. 
  وأذكر إنني كنت في مدة طويلة, ابحث عن معرفة ما يريده الغرب من الآخرين كي افهم إلى أين نحن سائرون, فوجدت شيئا منه عند نعومي شومسكي في كتابه إعاقة الديمقراطية.
  يفسر شومسكي الصراع العنيف ومن ثم الحرب الباردة بين الغرب الرأسمالي والاتحاد السوفييتي  وما شابهه من نظم اشتراكية على مدى سبعة عقود, إلى محاولة تجاوز تلك النظم للخطوط الحمراء التي حددها الغرب والتي تتمثل في  ثلاثة ممنوعات على الدول الأخرى: أولها  التوجه إلى حماية الأسواق الداخلية وإعاقة حرية التجارة, التي يجد فيها الغرب مجالا لتصريف منتجاته في أسواق الدول الأخرى, مستفيدا من تقدمه التقني وإمكانية الإنتاج على نطاق واسع. ثانيها حرية انتقال رأس المال الغربي للاستثمار المباشر ومشاركته المباشرة, حيث وجدت موارد وفرص للاستثمار في أي دولة كانت. ثالثها يتمثل في الوقوف بشدة وحسم ضد كل دولة تسعى لتنمية رادع عسكري يعيق استخدام الغرب لقوته العسكرية المتفوقة حين يشاء دون ردع.
 ويتضح مما سبق إن التحالف غير المتكافئ بل التبعية للولايات المتحدة, قد أدى وسوف يؤدي إلى توظيف إمكانيات دول المنطقة وموقعها الاستراتيجي لخدمة سياسات عدوانية تجاه الآخرين ليس من مصلحة حكام المنطقة وشعوبها معاداتهم. وأصبحت هذه التبعية اليوم تنذر بمخاطر جمة في حالة الاعتداء على إيران أو حصارها أسوة بما يسميه الغرب بدول "محور الشر". كما أن الصراع القادم بين الولايات المتحدة والصين لمنعها من أن تكون قطبا ينافس هيمنة القطب الواحد منذ عشرين عام, سوف يعرض المنطقة إلى مخاطر هي غنية عنها.

 وهذه المخاطر لا تتوقف فقط على تعرض المنطقة للرد على الأعمال العسكرية المنطلقة من مياهها وأراضيها, وإنما تتضمن مخاطر صحية وبيئية لوجود أسلحة دمار شامل فيها. كما تؤسس للعداء مع دول تربطنا بها وشائج ومصالح.

والى جانب هذا كله هناك ما هو أخطر إذا استمر معطيات الاعتماد على الحماية الأجنبية وفشلت الشعوب في القيام بالضغط الفعال على النظام الإقليمي والنظام العربي من اجل القيام بحماية نفسيهما.  وهذا الخطر الماحق يتمثل في انزلاق دول عربية– لا قدر الله- ووقوعها تحت حماية إسرائيل بالأصالة أو الوكالة. وهذا ليس خطرا مستبعد بل إن بوادره ظاهرة.

خيارات حكومات المنطقة ومحددات إرادتها

ما محددات الخيارات المتاحة لحكومات المنطقة؟, في ضوء سياسات الولايات المتحدة وحلفائها هذه.

 في البداية لابد من التأكيد على أن حكام المنطقة من حيث التكوين النفسي والقيم وربما التطلعات العامة لا يختلفون كأشخاص عن بقية المواطنين. وهم يشعرون بالضغوط وربما الضيق كأفراد ولكن سياسة المقايضة لها أحكامها.

 وإذا أتيحت فرصة ألجلوس مع أحدهم فإن السامع لا يجد فرقا كبيرا بين كلامهم وما يمكن أن يقوله عن تردي الوضع العربي والإقليمي وتداعياتهما المستقبلية, ولكن ذلك الكلام ينطبق عليه القول السائر "أسمع كلامك يعجبني أشوف أفعالك أتعجب". وربما تكون تلك  المفارقة بسبب شدة الضغط الخارجي وغياب الطلب الأهلي الفعال على الإصلاح. وإلى أن ينمو ذلك الطلب الأهلي على الإصلاح بالقدر الذي يحسب له الحاكم حساب ويصبح لديه مبرر يستطيع أن يوظفه لتخفيف ضغط الخارج إن هو أراد الفكاك, فإن الوضع لن يتغير وتكلفة تلبية الضغط الخارجي على الحاكم اقل بكثير من تكلفة  مواجهته. 
 ولعلنا نتذكر حالات معدودة خالف فيها الحكام " نصيحة " الدول التي تفرض حمايتها على بلدانهم وكان عقابهم حجب المعلومات الإستخباراتية عنهم وتهديدهم برفع الحماية ونزع غطاء التعتيم على تجاوزاتهم وسلطتهم المطلقة وصولا لعزل بعضهم بطريقة أو بأخرى.
وجديرٌ بالملاحظة أن أرادة الحكام تتأثر بحالة النهوض العربي والوفاق الشعبي على الإصلاح. وقد كانت إرادة الحكام في مقاومة الهيمنة والانحياز للمصالح الوطنية اقوي عندما كان الوضع العربي الشعبي أفضل والنظام العربي أكثر تماسكاً, والعكس صحيح. وكذلك تكون استجابة الحكام للمطالب الوطنية ملحوظة حتى وان اعترضت على قيام حركات وطنية, عندما يكون أفراد الشعب وجماعاته موحدين في مطالبهم ومصرين على العمل من أجل تحقيقها, ومثال ذلك نجدها في كل بلد عربي, وقد أكد على ذلك اللواء المتقاعد محمد بن صنيتان في دراسته القيمة عن النخب السعودية الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية.
 ولكن النظرة  الواقعية اليوم تشير إلى أنه بالرغم من إمكانية الحكومات الحد من مطامع الدول الحامية نظريا, فان الحكام يخشون رفع غطاء الحماية عنهم شخصيا ويعملون له ألف حساب. من هنا فإن ألإشكالية التي تواجه الحكام تحتاج من ألأفراد والجماعات التي تنشد التغير أن تتوحد في الأخذ بيدهم والصدق والصراحة في مواجهتهم, لما فيه مصلحة الحاكم والمحكوم والوطن.   
وقد ذكر احد الحكام أمام جمع كنت من ضمنهم " أنه تعلم الدرس من ما أصاب المعترضين من الحكام من أسلافه عندما تجاهلوا " نصيحة " الدول الحامية. كما ذكر حاكما أخر أن تاريخ الأسرة يشير إلى أن أي ممن حكموا في بلده لم يأتي برضا الحاكم السابق.
    وإذا أضفنا ثمن المقايضة التي يضمنها من يستمع إلى "النصيحة" من الحكام, بإطلاق يده في التصرف المطلق في الشأن والمال العام مقابل استجابته , فإننا نعلم مغريات بقاء الوضع على ما هووه علية, و ندرك محددات خيارات الحكام في ضوء استمرار ضعف المجتمعات وعدم قدرة الجماعات الساعية للتغيير على تنمية قواسم وطنية مشتركة وتوحيد مطالبها في حركة فاعلة تجعل الحاكم ودول الحماية الأجنبية تأخذها في الاعتبار عند تحديد الخيارات واتخاذ القرارات العامة المؤثرة عليها.

الوفاق ألأهلي مدخل التغيير

     وغني عن القول أن وجود الهيمنة الخارجية وحقيقة الاعتماد المتبادل بين أطرافها وبين الحكام, يجب ألا يعني التسليم بالهيمنة الداخلية والخارجية والاستكانة لهما. فذلك ليس خياراً لشعوب المنطقة التي ضاعت عليها فرص التنمية الحميدة حتى ألان. كما يتعرض بعضها لتداعيات " تنمية الضياع " بسبب استمرار أوجه الخلل المزمنة وعلى الأخص تفاقم الخلل السكاني في ألإمارات وقطر والبحرين, التي  بدأت تدخل مرحلة التوطين لكل من يشتري أو ينتفع بعقار وتسير إلى نموذج سنغافورا. ومن ثم تمهد للانتقال إلى مجتمع متعدد الثقافات والديانات والأعراق لغته الانجليزية ومجتمعه معسكر عمل, وأهم متخذي القرار في القطاع العام والخاص من غير ألمواطنين, ولا يمثل المواطنين في بلدهم سواء أقلية هامشية ضعيفة( 10-20%), سوف يتراجع دورها بمجرد أن ترفع عنها الحماية الإدارية والقانونية التي تتمتع بها في الوقت الحاضر.


والحقيقة التي لا جدال فيها هي أن المستقبل قادم وأسوأ خيارات شعوب المنطقة أن تقف متفرجة عليه, بل يجب عليها أن تتحرك-كل حسب قدرته- لتامين المصير بالرغم من كل المثبطات, وكسب المستقبل لصالح استمرار مجتمعاتها الأصلية وتنمية قدراتها لتكون التيار الرئيسي الذي يحافظ على الهوية العربية – الإسلامية للمنطقة ويعمل على تامين مستقبل الأجيال المتعاقبة من خلال عملية تنمية حميدة.
 ولعل رفع شعار الحفاظ على الهوية وتحقيق التنمية والاهتمام بالجانب المظهري منهما, يمثل مؤشرا على شعور الحكام بتجاوز الأوضاع في المنطقة لما يمكن الدفاع عنه. كما يقول البعض أن إدارة الرئيس أوباما وغيره في الغرب, ممن  رفعوا شعار التغير قد يكونون أكثر استجابة لمطالب شعوب المنطقة وأقل عدائية تجاه وجودهم باعتبارهم التيار الرئيسي في بلدانهم, أذا سمعوا صوتا شجاعا ومؤثرا من أهل المنطقة.
من هنا فان إدراك الأفراد والجماعات من أبناء المنطقة لخطورة الوضع الذي يتعرضون له, في ضوء سياسات الولايات المتحدة وحلفائها التقليدين وفي طار السلطة المطلقة لحكامها ومحددات خياراتهم تجاه القوى الخارجية, يوجب عليهم التفكير العميق في أسلوب تعاطيهم مع متطلبات ألأمن والنماء وضرورات تامين مصير مجتمعاتهم والحفاظ على هويتهم الجامعة.
وهذا الإدراك لن يكون فاعلا إلا بعد أن يتوافق الإفراد والجماعات التي تنشد التغيير-على المستوى الأهلي والمستوى الرسمي- على قواسم وطنية مشتركة تسمح بنمو حركة وطنية في كل دولة وعلى نطاق مجلس التعاون. حركة تدعو إلى تجسيد  مجلس التعاون في اتحاد فدرالي ديمقراطي ربما على نموذج ماليزيا من حيث الوحدة والديمقراطية, و تتبنى من اجل تحقيق ذلك مشروعا للإصلاح الجذري من الداخل. مشروعا يبدأ من تصحيح أوجه الخلل المزمنة في المنطقة والمتمثلة أولا في خلل العلاقة بين السلطة والمجتمع وثانياً تفاقم الخلل السكاني  وثالثا الخلل الاقتصادي واستمرار الاعتماد على صادرات النفط ورابعاً الخلل الأمني الذي يتمثل في تلزيم أمن المنطقة وتجير قرارها للدول الغربية وشركاتها واستشاريها, أصاحب المصالح المشروعة وغير المشروعة في المنطقة والعالم.
إن  كسب المستقبل وتأمين المصير ضرورة حيوية لشعوب المنطقة. واتجاه المستقبل سوف يتحدد في ضوء الأدوار التي سوف يلعبها ثلاثة فاعلين: أولها: الحكومات.  وثانيها: القوى الخارجية.     وثالثها: شعوب المنطقة.

والدور الضعيف حالياً هو دور الشعوب, لأسباب تاريخية نتيجة الشعور بالعجز والقابلية للاستسلام ومن ثم  الانصراف إلى المصالح الشخصية الضيقة, وبسبب شقاق الفكر وتفرق الكلمة والعجز عن تنمية قواسم وطنية مشتركة بين التوجهات الإسلامية والتوجهات الوطنية بكافة أطيافهما.

وعلى ألمدركين لهذه المخاطر المصيرية من أبناء المنطقة مهما قل عددهم, واجب استنهاض دور الشعوب لتحمل مسئولياتها التاريخية. والبداية الناجعة لذلك التحرك تكون بنبذ الشقاق بين الإفراد والجماعات التي تنشد التغير وتغليب عوامل الوفاق بين الأفراد والجماعات ذات التوجهات الوطنية والتوجهات الإسلامية وداخل أطياف كل منهما, ومن ثم العمل على مقاربة التوجهات والتوافق على قواسم وطنية جامعة, من اجل تفعيل دور شعوب المنطقة وتنمية حركات وطنية أصلاحية في كل بلد يحترمها الخارج ويأخذها الحاكم   في الاعتبار عند تحديد الخيارات واتخاذ القرارات العامة.
-----
الدوحة2 في 2 مايو 2010

** في الأصل كانت مداخلة قدمت في ندوة مجلة المجتمع في الكويت, حول السياسات الدولية وانعكاساتها على دول مجلس التعاون بتاريخ 8/3/2010. وقد نشرت مقالة  عنها على الجزيرة نت.